طلاب غزة بين أمل التعليم ومطرقة الحرب: معاناة طلاب التوجيهي وسط دمار الحرب الإسرائيلية

طلاب غزة بين أمل التعليم ومطرقة الحرب

داخل خيمة ضيقة في مدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، يجلس الشاب محمود أبو حصيرة يحاول بجهد جهيد مذاكرة دروسه استعداداً لامتحان الثانوية العامة "التوجيهي". الظروف القاسية المحيطة به لا تعكس فقط معاناته الشخصية، بل تختصر الواقع الأليم الذي يعيشه طلاب غزة منذ بدء الحرب الإسرائيلية في أكتوبر 2023.

عام دراسي مفقود وأمل معلق

تسبب العدوان الإسرائيلي في ضياع العام الدراسي الماضي (2023-2024) على محمود وآلاف من زملائه. ومع استمرار الحرب، يخشى الطلاب وأسرهم أن يتكرر السيناريو هذا العام. إعلان وزارة التربية والتعليم نيتها عقد امتحانات التوجيهي خلال عام 2025 أنعش آمال محمود، لكنه أبقى الغموض سيد الموقف، خاصة مع عدم تحديد آلية واضحة لإجراء الامتحانات، وسط تلميحات باحتمال تنظيمها إلكترونياً.

معاناة يومية في الخيام والمدارس المؤقتة

يواجه محمود تحديات يومية تبدأ من الحر الشديد داخل خيمته نهاراً، والبرد القارس ليلاً، مروراً بالذباب المنتشر وغياب الإنارة، وانتهاءً بضجيج أفراد أسرته الستة الذين يعيشون معه في مساحة صغيرة. على الجانب الآخر، تبدو معاناة الطالبة آية العرقان مختلفة في التفاصيل لكنها متشابهة في الجوهر. تعيش آية مع عائلتها الممتدة داخل غرفة صغيرة كانت في السابق صفاً دراسياً بمدرسة تحولت إلى مركز إيواء. تعتمد على شمعة ضعيفة لإنارة دراستها ليلاً، وتصارع ضجيج الأطفال ونقص الكهرباء والإنترنت.

تكاليف باهظة وتحضير ذاتي

يعتمد الطلاب في غزة على أنفسهم تماماً في التحضير للامتحانات، مع غياب المدارس والكتب الدراسية. تحاول آية تغطية احتياجاتها التعليمية بشراء الشموع، بطاقات الإنترنت، ودفع تكاليف دروس خصوصية، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير. ورغم محاولات وزارة التربية والتعليم دعمهم من خلال منصات إلكترونية ومدارس افتراضية، فإن ضعف الكهرباء وخدمة الإنترنت يجعل هذه الحلول غير عملية.

حالة من التشويش والضبابية

يرى المشرف التربوي فؤاد عطية أن طلاب التوجيهي يعيشون حالة من عدم الاستقرار بسبب النزوح المستمر وانعدام الأمان، مما يضاعف ضعف تحصيلهم العلمي. وأعرب عن تشاؤمه من إمكانية إجراء الامتحانات في ظل الأوضاع الراهنة، مشيراً إلى أن الطلاب يفتقرون إلى مرجعية أكاديمية واضحة.

جهود الوزارة وتحديات الواقع

من جهته، أكد الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور أن الوزارة تعمل على دعم طلاب غزة من خلال تطوير رزم تعليمية مختصرة، وإطلاق منصات إلكترونية. ومع ذلك، تبقى العقبات كبيرة في ظل الحرب المستمرة. الوزارة أعلنت جدولاً زمنياً لعقد الامتحانات: فبراير 2025 لطلاب العام الماضي، ويونيو القادم لطلاب هذا العام، دون حسم شكل الامتحان.

بين المطرقة والسندان

يعيش طلاب غزة اليوم بين مطرقة الحرب وسندان الظروف المعيشية الصعبة، لكن إصرارهم على متابعة تعليمهم يعكس رغبة قوية في مواجهة المستحيل. محمود وآية وغيرهما من طلاب التوجيهي هم قصة صمود تحمل في طياتها أمل بغدٍ أفضل، رغم الظلام المحيط بهم.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة