في صباح كل يوم، يخرج الصياد "أبو علي" (32 عاماً) ليخوض مغامرة خطرة في البحر الممتد بين دير البلح والنصيرات وسط قطاع غزة، حيث تحوّلت مهنة الصيد إلى مواجهة يومية مع زوارق الاحتلال الحربية. يروي "أبو علي" جزءاً من معاناته قائلاً: "ذات مرة كنا على بعد 500 متر فقط من اليابسة، فانهالت علينا القذائف وإطلاق النار. ظننا أننا بين الشهداء، وفي مرة أخرى انفجرت قذائف قريبة منا وأصابت بعضنا إصابات طفيفة."
قصف يومي يهدد حياة الصيادين
زوارق الاحتلال تستهدف الصيادين بشكل يومي عبر إطلاق النار والقذائف بهدف قتلهم أو منعهم من العمل. ورغم ذلك، يحاول "أبو علي"، النازح من بيت لاهيا شمال القطاع، مواصلة صيده لإطعام أسرته وأسر أشقائه الذين استشهدوا خلال العدوان. يقول: "نعمل في حدود ضيقة لا تزيد عن 500 أو 600 متر من الشاطئ، بأدوات بسيطة، لكن زوارق الاحتلال لا تتوقف عن مهاجمتنا."
حياة صعبة في خيام النزوح
يعيش "أبو علي" وأسرته في خيام متراصة على شاطئ دير البلح، يعتمدون على صيد قليل يصل إلى 3-5 كيلوغرامات يومياً، ويُباع بثمن مرتفع يتراوح بين 80 و100 شيكل للكيلوغرام، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية احتياجات الحياة الأساسية في ظل الحصار والعدوان.
مخاطرة يومية من أجل لقمة العيش
الصياد "أبو وائل" في الخمسينيات من عمره، نزح من جباليا مع بداية العدوان وفقد قاربه الكبير وأدوات الصيد التي دمرتها غارات الاحتلال. يعمل اليوم بأدوات بدائية ويخفي شباكه الصغيرة في الرمال لتجنب استهدافها. يقول: "المجهود والمخاطرة اليومية لا تتناسب مع الناتج. ما نصطاده بالكاد يكفي لإطعام أسرتي الممتدة أو يُباع بمبلغ زهيد."
ملاحقة مستمرة وقيود صارمة
في مساحة بحرية لا تتجاوز ربع ميل بحري، يضطر الصيادون لمواجهة الطائرات المسيرة التي تحرق شباكهم ومعداتهم بشكل متكرر. يصف أحد الصيادين الوضع قائلاً: "اعتدنا على القصف والملاحقات، لكننا لا نضمن العودة أحياء."
نزوح قسري وتوتر دائم
من جهة أخرى، تعيش النازحة "فاطمة" مع أسرتها في خيمة على الطريق الساحلية بمنطقة الزوايدة، وسط حالة مستمرة من التوتر والخوف من القذائف التي تسقط بجوارهم. تقول: "رغم الخوف والصدمات اليومية، أصبحنا معتادين على القصف، لكننا ندرك أننا معرضون للموت أو الإصابة في أي لحظة."
تراجع قطاع الصيد بشكل كبير
يشهد قطاع الصيد في غزة تراجعاً كبيراً بسبب الحصار وقيود الاحتلال. الصيادون محصورون في إطار بحري ضيق جداً، ما جعل الأسماك قليلة ونادرة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل العدوان.
مع استمرار الاحتلال في استهداف الصيادين وزيادة القيود المفروضة عليهم، يتحول صيد الأسماك من مصدر رزق إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، مما يترك الصيادين وأسرهم في مواجهة قاسية مع الحياة.