قدّم الثلاثي جبران، بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في قاعة "فيلهارموني باريس" الشهيرة، حفلاً استثنائياً في الذكرى العشرين لانطلاقتهم كثلاثي، بحيث نفدت تذاكر سفراء الفن الفلسطيني، قبل انتظامه بأشهر، بحيث امتلأت القاعة بمحبي موسيقاهم من جنسيات مختلفة.
وقدّم الثلاثي الذي انطلق في العام 2004، بمشاركة عدد من الموسيقيين، مقطوعات لخصت مشوارهم الاستثنائي، منذ كان سمير جبران، الأخ الأكبر وقائد الثلاثي، عازفاً منفرداً حقق شهرة عالمية، ورافق الشاعر الكبير محمود درويش في جل أمسياته، كما كان حاله وشقيقه وسام عندما شكّلا "الثنائي جبران"، قبل انطلاق "الثلاثي جبران" بانضمام شقيقهم الأصغر عدنان.
واشتمل الحفل على إنتاجات جديدة يقدّمها الأشقاء للمرّة الأولى، وسط تفاعل كبير، وإشادات حفلت بها مواقع عدد من وسائل الإعلام الفرنسية، بحيث كتب موقع "الثقافة أولاً" الفرنسي: "هذه الموسيقى الآسرة هي أيضاً جسر ثقافي وسياسي، فالثلاثي جبران، كسفراء للثقافة الفلسطينية، يعبّرون عن آمال ونضالات شعبهم، وعن تجربة غنيّة، حيث نجد الشعر في قلب مؤلفاتهم وفي عناوين ألبوماتهم وفي تعاونهم مع شعراء لامعين مثل محمود درويش، وكذلك من خلال دمجهم لعناصر الموسيقى الكلاسيكية بموسيقى الجاز.. إنهم يخلقون لغة موسيقية فريدة تتحدث إلى جمهور واسع، مع الحفاظ على أصالة تقاليدهم".
وبعد الحفل تم تكريم الثلاثي جبران من قبل وزارة الثقافة الفرنسية بوسام الفنون والآداب من رتبة "ضابط"، وهو من بين أرفع الأوسمة الثقافية في فرنسا، وقدمه لهم مدير معهد العالم العربي في باريس، ووزير الثقافة الفرنسي الأسبق جاك لونغ.
وافتتح سمير جبران الحفل بعبارة: "لا تبحثوا في دواخلنا عن الضحايا، ولا تبحثوا في دواخلنا عن الأبطال.. سنعزف موسيقى كي نطمئن ونؤكد على أننا بشر"، وهو ما وجد فيه الأخ الأكبر للثلاثي تلخيصاً للحالة الفلسطينية في هذه الأيام.
وشدد جبران في حديث مع "الأيام" إلى أن "الثقافة هي هويتنا، وعبر موسيقانا نؤكد على فلسطينيتنا وعلى أننا أصحاب الأرض، فهي سلاحنا في زمن الإبادة، وبينما ينتفض الوطن على وقع الأمل، رغم الألم والوجع.. يأتي هذا الحفل في هذا الوقت للتأكيد على إصرارنا كفلسطينيين على حبّنا للحياة".
وأكد جبران: ليس من السهل أن نعزف موسيقى في هذه الفترة العصيبة جداً، لكن حين تكون هذه الموسيقى مغلفة بصوت محمود درويش، وبمضامين وطنية فلسطينية، يكون لها ما يبررها، وتأثيرها كبير حينذاك، كحال حضور درويش الطاغي رفقنا على المسرح بصوته، وبترجمة فرنسية، لقصائد من قبيل: "على هذه الأرض"، و"انتظرها"، وجزء من "ملهاة النرجس مأساة الفضة"، وجزء من "لاعب النرد".
ولفت الموسيقي الفلسطيني العالمي إلى أن الحضور اللافت كماً ونوعاً لحفل الثلاثي جبران في باريس، من جهة يؤكد على التقدير العالي لما نقدمه من فن منذ عشرين عاماً، وهو ما يعكسه تكريم وزارة الثقافة، الذي "أرى فيه تكريماً لفلسطين، وصمودها، وهويتها الوطنية والثقافية".
وكان لافتاً رفع الأعلام الفلسطينية في قاعة "فيلهارموني باريس"، وتتبع مؤسسة ثقافية مكرسة للموسيقى السيموفونية، وتقع قرب مدينة الموسيقى في الشمال الشرقي من باريس، إضافة إلى الحضور اللافت للكوفية الفلسطينية على أكتاف الكثير من حضور حفل الثلاثي جبران في عِشرينيّتهم.