كشفت منظمتا "بمكوم" و"عير عميم"، وهما منظمتان يساريتان إسرائيليتان، عن تأثير دراماتيكي للإجراء التخطيطي الجديد الذي دخل حيز التنفيذ عام 2023، على قدرة الفلسطينيين في القدس الشرقية على الدفع بمشاريع بناء خاصة. وأشار التقرير المشترك بعنوان "من مائة إلى صفر" إلى أن هذا الإجراء أدى إلى توقف تام للتخطيط على الأراضي غير المسجلة، التي تمثل غالبية أراضي القدس الشرقية، بعد أن حلّ محل إجراء "المختار" السابق.
وفق التقرير، فإن "إجراء المختار"، الذي كان يتيح للفلسطينيين تقديم خطط بناء مرنة من خلال تحديد أصحاب العلاقة بالأراضي بطرق بديلة، قد أسهم في دفع نحو 100 خطة سنوياً على مدى عقود. لكن الإجراء الجديد ألغى هذه الآلية، وأدى إلى جمود كامل في تخطيط الأراضي غير المسجلة منذ بداية 2023.
شروط تعجيزية وتشديد الإجراءات
يفرض الإجراء الجديد سلسلة متطلبات معقدة تُعيق التخطيط في الأحياء الفلسطينية. من بين هذه المتطلبات، تقديم مستندات تعود إلى فترة الحكم الأردني في الستينيات وسلسلة حقوق تاريخية، وهي متطلبات تُطلب عادةً في تسوية الأراضي وليس التخطيط. كما منح الإجراء الجديد مسؤول التسوية حق النقض (الفيتو) في الموافقة على المخططات، مما يفتح المجال لتدخل الوصي على أملاك الغائبين ويهدد بمصادرة أراضٍ فلسطينية.
السياسات الإسرائيلية وتجميد التنمية
يشير التقرير إلى أن حكومة الاحتلال جددت عام 2018 إجراءات تسوية الأراضي في القدس الشرقية بشكل أحادي الجانب. حتى الآن، اكتملت هذه التسوية على مساحة 7,500 دونم، أي ما يعادل 10% من مساحة القدس الشرقية، لكنها تركزت على خدمة مصالح الاستيطان الإسرائيلي. ويرى التقرير أن دمج إجراءات التسوية مع التخطيط يضيف عقبات غير مسبوقة ويعطل عمليات التخطيط بالكامل، مما يعمق أزمة الإسكان.
توصيات للتخفيف من الأزمة
يوصي التقرير بضرورة الفصل بين إجراءات التخطيط والتسوية، وإلغاء حق النقض لمسؤول التسوية. كما دعا إلى تطوير آلية شبيهة بـ"إجراء المختار" لتسهيل تخطيط المشاريع الخاصة على الأراضي غير المسجلة. وطالب بإلغاء تطبيق قانون أملاك الغائبين في القدس الشرقية وضمان حقوق أصحاب الأراضي الفلسطينيين.
سياسة تهميش ممنهجة
أكد بيان مشترك لمنظمتي "بمكوم" و"عير عميم" أن الإجراء الجديد يعكس سياسة إسرائيلية تهدف إلى تهميش الفلسطينيين في القدس الشرقية وتعميق أزمة السكن. وأضاف البيان: "بدلاً من تقديم حلول للأزمة السكنية، تُعطّل السلطات الإسرائيلية التخطيط، مما يدفع نحو هدم المنازل، وتأخير الخطط أو رفضها لأسباب سياسية. هذه السياسات المتعمدة تهدف إلى تهجير السكان الفلسطينيين وتعميق التدمير الممنهج للتجمعات السكانية."
يشكل الإجراء التخطيطي الجديد عائقاً كبيراً أمام الفلسطينيين في القدس الشرقية، مما يزيد من الضغوط عليهم ويهدد بتهجيرهم القسري، وسط دعوات لتغيير هذه السياسات وتمكين الفلسطينيين من بناء مستقبل كريم ومستقر في مدينتهم.