حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الستون

بقلم: إبراهيم أبراش

تمر الذكرى الستون لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني(فتح) والقضية الوطنية تمر بأصعب مراحلها وهناك تهديد وجودي حقيقي للمشروع الوطني التحرري الذي وضعت أسسه الحركة ورعته وقدمت عشرات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى في سبيل أن يتحول المشروع الى دولة حقيقية عاصمتها القدس وأن يعود اللاجئون الى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها عام 1948،ومع أن هذا الهدف لم يتحقق إلا أنه تم الحفاظ على صمود الشعب على أرضه وإقامة سلطة حكم ذاتي وضعت أسس الدولة المنشودة مما أثار غضب وحقد العدو وحارب بكل الوسائل محاولات منظمة التحرير وحركة فتح بما في ذلك اللجوء إلى إثارة الفتنة الداخلية وصناعة الانقسام وتحريض العالم على المقاومة الفلسطينية حتى السلمية منها بل وصل به الأمر للتحريض على الأونروا كعنوان للاجئين وعلى السلطة الفلسطينية لأنها تقدم مساعدات ومخصصات الأسرى وعوائل الشهداء.

 وجاء (طوفان الأقصى) الذي قامت به حركة حماس وما جلبه من حرب إبادة وتطهير عرقي صهيونية في قطاع غزة وحتى الضفة وهي الحرب التي يأبى نتنياهو وقفها حتى تستكمل كل أهدافها بمحاولة تصفية القضية الوطنية، هذه الحرب تمثل التحدي الأكبر أمام حركة فتح لإثبات جدارتها وقدرتها على إنقاذ ما يمكن انقاذه للحفاظ على حيوية القضية وصمود الشعب على أرضه وإفشال مخطط التهجير سواء في قطاع غزة أو الضفة.

لا شك أن مسؤولية حركة فتح عما لحق بالقضية الوطنية من تدهور أقل من مسؤولية الآخرين إلا أن مسؤوليتها تنبع من مركزية دورها في قيادة الشعب ولأن غالبية الشعب ما زال يراهن عليها وليس على غيرها لاستنهاض الحالة الوطنية.

قد يقول قائل وأين منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب؟

بالرغم من تأكيدنا على خطأ إنهاء منظمة التحرير قبل التحرير وقيام الدولة ،وبالرغم من تمنياتنا ان يعي الشعب وكل الفصائل أهمية الحفاظ على المنظمة كبيت معنوي وعنوانا للشعب، إلا أن علينا الاعتراف بأن منظمة التحرير وبعد فشل كل محاولات تصويب وضعيتها بما يجعلها بالفعل ممثلاً وحيداً للشعب باتت اليوم مسمى رسمي لمرحلة تم تجاوزها، ليس من الأعداء كإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الذين يعتبرونها منظمة إرهابية بالرغم من أنهم وقعوا معها اتفاقية سلام (اتفاقية أوسلو) ولا حتى من المنافسين لها كحركة حماس التي تنطعت لتكون بديلا عنها بل أيضا من أهلها والمؤسسين لها ،بداية عند قيام السلطة 1994 وإلحاق المنظمة بها بدلا من أن يكون العكس ثم عند اعتماد دولة فلسطين كعنوان للشعب والقضية، كما أنه عملياً لم يتبقى في المنظمة اي حزب أو فصيل أو شخصيات مستقلة ذات قيمة ووزن إلا حركة فتح بعد ان خرجت منها أو ابتعدت عنها الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وأصبحت جزءا من محور المقاومة الشيعي الفارسي.

 نعم ما زالت حركة فتح محل رهان ليس فقط أبناء الحركة بل كل الشعب، ونعلم إن إسرائيل وأمريكا وأطراف إقليمية وحتى عربية يريدون إنهاء الحركة أو اضعافها، لأن حركة فتح اليوم أكبر وأهم الأحزاب بعد أن انخدع كثيرون بمن ناصبوها العداء وشككوا بوطنيتها ونهجها وخصوصا حركة حماس وبعض اليسار، وهي ضمن المشهد السياسي الوطني والإقليمي الراهن وبعد استباحة سوريا وقبلها تدمير حزب الله وبعد انكشاف تخاذل تركيا وإيران ودول عربية واستعدادهم للتضحية بكل من راهن عليهم من قوى المقاومة، لم تبقى جبهة صمود تواجه المشروع الصهيوني التوسعي إلا شعب فلسطين الصامد على أرضه بقيادته الوطنية قيادة حركة فتح بما عليها من مآخذ وما يوجه لها من انتقادات وما يعتري نهجها من خلل.

ولكن الحركة تحتاج لإعادة النظر في كثير من أمورها سواء على مستوى خطابها السياسي والإعلامي أو ضخ دم جديد لنخبتها القيادية، و خصوصا ونحن نعيش في زمن تتم تقوم به واشنطن بصناعة قادة ونخب للشعوب غير القادرة على إنتاج قيادات وطنية بالانتخابات أو بالتوافق والتراضي.

ويجب سرعة تدارك الخلل داخل تنظيم فتح وهو تزايد الفجوة بين حركة فتح الفكرة الوطنية الجامعة وتنظيم حركة فتح الذي يوغل في الضعف والتشرذم والبُعد عن التعبير الصادق عن الفكرة الوطنية الجامعة، فكيف له أن يكون جامعاً ومعبراً عن الوطنية الجامعة وهو غير قادر على تجميع أبناء الحركة!؟ وكيف تكون حركة فتح في مستوى منطلقاتها وشعاراتها الأولى وريادتها للشعب ومنظمة التحرير وهي شبه غائبة عن معاناة أهلنا في غزة.

وأخيرا نأمل وكما قلنا أن تستنهض الحركة نفسها وتعرف أن كل أنظار العالم الحر ينتظرون فعلها الثوري العقلاني والواقعي، سواء على مستوى ترتيب الوضع الداخلي أو تصويب علاقاتها مع دول الجوار والأحداث المتسارعة فيها بما تحمله من خير أو شر لفلسطين وأهلها،

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت