أزمة النفايات الطبية في غزة: خطر صحي وبيئي متفاقم

أزمة النفايات الطبية في غزة

يواجه قطاع غزة أزمة متصاعدة في التعامل مع النفايات الطبية، التي تشكل خطرًا مزدوجًا على الصحة العامة والبيئة. ومع استمرار الحصار والحرب التي دمرت البنية التحتية الصحية، باتت المستشفيات غير قادرة على إدارة هذه النفايات بشكل آمن، مما أدى إلى تدهور الوضع الصحي والبيئي في المنطقة.

فمنذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، مع تضاعف الكميات اليومية وتزايد أعداد الجرحى، في ظل توقف إمدادات الوقود وانهيار نظم إدارة النفايات. باتت النفايات الملوثة، بما فيها الإبر والخدمات الصحية المستخدمة، تشكل خطراً مباشراً على الصحة العامة، إذ تسهم في انتشار الأمراض المعدية مثل التهاب الكبد الفيروسي، مما يهدد العاملين الصحيين والسكان.

أرقام مقلقة

تشير التقارير إلى أن المستشفيات الحكومية في غزة تنتج يوميًا حوالي 3471.5 كيلوجرامًا من النفايات الطبية غير الخطرة، بالإضافة إلى 33 كيلوجرامًا من النفايات الخطرة التي تحتوي على مواد كيميائية سامة ومخلفات ملوثة. في غياب منشآت معالجة متخصصة، يتم التخلص من معظم هذه النفايات بطرق غير آمنة، مما يفاقم المخاطر الصحية للسكان.

تحديات ميدانية

تعاني المستشفيات في القطاع من نقص حاد في الموارد والإمكانات اللازمة لإدارة النفايات. ويتم خلط النفايات الخطرة مع العادية في مراكز تجمع مؤقتة غير مجهزة، ما يزيد من تعقيد المشكلة. ويقول خبراء محليون إن العديد من هذه النفايات تُدفن أو تُحرق بطرق بدائية، ما يؤدي إلى إطلاق غازات سامة تؤثر على البيئة وصحة السكان.
وفي غياب الأدوات الأساسية لإدارة النفايات الخطرة، مثل الأكياس الصفراء المخصصة، يتم خلط النفايات الطبية بالنفايات العامة، مما يفاقم تلوث البيئة وزيادة العدوى. المستشفيات، التي أصبحت ملاذاً للنازحين، تعاني من أزمة مزدوجة: توفير الرعاية الصحية ومواجهة مخاطر النفايات الطبية، مما يجعل إدارة هذه الأزمة ضرورة ملحّة لضمان السلامة الصحية والبيئية.

يقول أحد العاملين في القطاع الصحي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته: "نشعر بالعجز يوميًا أثناء التعامل مع النفايات الطبية. نحن نعمل في ظروف غير آمنة، ونعلم أن هذا الوضع قد يؤدي إلى كوارث صحية مستقبلاً".

تأثير الحرب

خلال الحرب الأخيرة، تفاقمت الأزمة بشكل كبير. أُغلقت الطرق المؤدية إلى محطات التخلص من النفايات بسبب نقص الوقود أو تعرضها للقصف، مما دفع المستشفيات إلى اعتماد وسائل بدائية للتخلص من النفايات. وأصبحت النفايات تُكدس في مكبات غير آمنة، مهددة بتلويث التربة والمياه الجوفية.

كارثة بيئية وصحية

بحسب الخبراء، تحتوي بعض النفايات على أجزاء بشرية ومخلفات كيميائية شديدة الخطورة. وإذا لم يتم التخلص منها بشكل صحيح، فإنها قد تؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية وزيادة معدلات الإصابة بالسرطان والأمراض التنفسية بين السكان. كما أن حرق النفايات الطبية يولد غازات سامة تزيد من تلوث الهواء.

الدعوات للتحرك

تطالب المنظمات الصحية والبيئية المحلية والدولية بتدخل عاجل لإنشاء منشآت حديثة لمعالجة النفايات الطبية وتدريب الكوادر الصحية على التعامل الآمن معها. كما تدعو إلى توفير المعدات والموارد اللازمة لضمان عدم تحول النفايات الطبية إلى كارثة إنسانية وبيئية.

في هذه الأثناء، يواصل سكان غزة العيش تحت وطأة أزمة تتفاقم يومًا بعد يوم، وسط آمال ضعيفة بتحسن قريب في إدارة النفايات الطبية.

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة