يعيش قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، وضعًا استثنائيًا جراء حرب الإبادة منذ السابع من أكتوبر 2023 وسط هذا الواقع المأساوي، برز دور مجموعة الاتصالات الفلسطينية كواحدة من المؤسسات التي تحدت الدمار، محاولة إبقاء سكان القطاع على اتصال مع العالم الخارجي رغم كل التحديات.
تعرضت البنية التحتية للاتصالات في غزة لتدمير هائل. تفيد التقارير أن أكثر من 85% من شبكات الاتصال وأبراج الهواتف النقالة باتت غير صالحة للعمل. ومع شح الوقود اللازم لتشغيل مولدات الطاقة، تُواجه خدمات الاتصالات انقطاعات متكررة، مما يضيف عبئًا إضافيًا على حياة السكان.
دمار غير مسبوق
منذ بداية الحرب، تعرضت البنية التحتية للاتصالات لضربات مباشرة. مقرات الشركة الرئيسية ومعارضها أُصيبت بأضرار بالغة، فيما دُمّر أكثر من 85% من الشبكة. ومع ذلك، استمرت الطواقم الفنية لمجموعة الاتصالات الفلسطينية، والتي تضم شركتي "جوال" و"بالتل"، في العمل تحت ظروف شديدة الخطورة. خلال فترات التهدئة القصيرة، تمكنت الفرق من إصلاح بعض الأعطال، مما ساعد على استعادة جزء من الخدمات، ولو بشكل محدود.
أحد المهندسين الاتصالات الذين يعملون في الميدان تحدث مع وكالة قدس نت قائلاً: "نواجه خطرًا يوميًا. كل إصلاح نقوم به يأتي مع احتمال التعرض للقصف، لكننا نعلم أن عملنا ضروري للسكان هنا."
جهود لإبقاء غزة متصلة
رغم حجم الدمار، تمكنت المجموعة من تنفيذ عدد من المبادرات لدعم سكان القطاع. وفرت شركة "جوال" أرصدة مجانية لمشتركي الدفع المسبق، لمساعدتهم على إجراء المكالمات الضرورية. كما أنشأت نقاط بيع متنقلة في مراكز النزوح والمخيمات، لضمان سهولة وصول المواطنين للخدمات الأساسية.
إضافة إلى ذلك، عملت المجموعة على توفير الإنترنت فائق السرعة لجميع المستشفيات والمؤسسات الدولية والاغاثية والصحفية، لضمان استمرارية الخدمات الصحية. وفي القطاع التعليمي، ساعدت في توصيل الإنترنت بالخيام المخصصة للتعليم الإلكتروني، مما مكّن آلاف الطلاب من متابعة دراستهم في ظل إغلاق المدارس.
إعادة البناء والمستقبل
في محاولة لتجاوز الأزمة، وضعت مجموعة الاتصالات خطة لإعادة بناء الشبكات المتضررة، تشمل إنشاء أكثر من 400 برج جديد. وتُقدر تكلفة هذه الجهود بأكثر من 100 مليون دولار. الشركة أعادت فتح عدد من معارضها الرئيسية، بما في ذلك معارض دير البلح وخانيونس، لتوفير الخدمات مباشرة للمواطنين.
ورغم الدمار، تواصل المجموعة جهودها لتطوير تقنيات جديدة وتحسين الخدمات، بهدف تمكين السكان من البقاء على اتصال. إلا أن القيود الإسرائيلية المفروضة على إدخال المعدات اللازمة تجعل هذه الجهود أكثر تعقيدًا.
التزام إنساني رغم التحديات
لم تقتصر جهود مجموعة الاتصالات على الجانب التقني فقط، بل شملت أيضًا مبادرات إنسانية. من بينها إرسال ملايين الرسائل النصية لتسهيل توزيع المساعدات، وتقديم وجبات غذائية ضمن سلسلة "مطابخ غزة العزة"، التي دعمت آلاف العائلات.
وتقول المجموعة "بالنسبة لنا، الخسائر الاقتصادية أقل أهمية من الخسائر الإنسانية. هدفنا الأول كان وما زال مساعدة سكان غزة في البقاء على اتصال."
في غزة، حيث الدمار يحاصر كل شيء، تظل الاتصالات شريان حياة. وبينما تتجه الأنظار إلى جهود إعادة الإعمار، تستمر مجموعة الاتصالات في أداء دورها الوطني والإنساني، في محاولة لإبقاء غزة متصلة بالعالم رغم كل شيء.