نشرت صحيفة معاريف تقريرًا مفصلًا حول خطط الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لإعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، مستعرضة استراتيجيته الطموحة التي تشمل تحقيق مكاسب اقتصادية للولايات المتحدة، إنهاء الصراعات الإقليمية، وضمان استقرار استراتيجي طويل الأمد.
ترامب، الذي يدرك أن هذه ربما تكون فرصته الأخيرة لترك بصمته التاريخية، يظهر هذه المرة أكثر نضجًا واستعدادًا، متسلحًا بتجارب فترة ولايته الأولى، التي شهدت اتفاقات مثل "صفقة القرن" واتفاقات إبراهيم، والتي لم تحقق بعد جميع أهدافها.
الاستراتيجية الأمريكية: بين الاقتصاد والسياسة
يرى ترامب أن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط هو مفتاح لتخفيف العبء عن الاقتصاد الأمريكي، وهو ما يدفعه إلى التركيز على إنهاء الصراعات التي تستنزف الموارد الأمريكية. خطته تشمل تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية في المنطقة:
إنهاء الحرب في غزة وعودة المختطفين: يمثل هذا الهدف أولوية قصوى بالنسبة لإدارته المقبلة، مع تعزيز الضغط على الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق شامل يضمن إنهاء التصعيد.
التطبيع بين إسرائيل والسعودية: يُعتبر هذا الاتفاق "جوهرة التاج" في استراتيجية ترامب، إذ يرى فيه فرصة لتحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية للولايات المتحدة، إلى جانب تعزيز دورها كوسيط رئيسي في المنطقة.
منع إيران من امتلاك أسلحة نووية: تسعى الإدارة الجديدة إلى إحياء الاتفاق النووي بصيغة جديدة، تُعرف بـ"الاتفاق النووي 2.0"، مع فرض عقوبات صارمة وتهديدات عسكرية لردع إيران عن الاستمرار في تطوير قدراتها النووية.
ضغط أقصى لتحقيق الأهداف
تتجلى رؤية ترامب في استغلال الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية لتحقيق أهدافه. ومن المتوقع أن يعيد تفعيل سياسة "الضغط الأقصى"، مع التلويح بعقوبات اقتصادية مؤلمة، بل وحتى استخدام القوة العسكرية إذا تطلب الأمر. كما قد تشمل استراتيجيته تعزيز الدعم لإسرائيل لتوجيه ضربة قاصمة لقدرات إيران النووية.
على الجانب الآخر، ينظر ترامب إلى التطبيع السعودي-الإسرائيلي كهدف استراتيجي يحمل مكاسب كبيرة، قد تصل إلى منحه جائزة نوبل للسلام. لتحقيق ذلك، لن يتردد في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقديم تنازلات تجاه السلطة الفلسطينية، وذلك لإزالة العقبات أمام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإتمام الاتفاق.
فرصة لإعادة ترتيب الأوراق
يرى المراقبون أن عودة ترامب تحمل معها فرصة لإسرائيل لتصميم واقع جديد في المنطقة، يرتكز على تقويض النفوذ الإيراني وضمان استقرار أمني طويل الأمد. وتشير التقارير إلى أن ترامب بدأ بالفعل ترك بصمته، مع تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات بين إسرائيل وحماس.
ومع ذلك، تتطلب هذه المخططات قرارات استراتيجية حاسمة من الأطراف المعنية، لا سيما من الجانب الإسرائيلي، الذي يواجه لحظة فارقة لتحديد مستقبله السياسي والأمني في المنطقة.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض تمثل بداية فصل جديد في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، حيث يسعى الرئيس المنتخب إلى إعادة ترتيب الأولويات وتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية لتحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية. ومع تطورات المفاوضات في غزة، واتجاه واشنطن نحو الضغط الأقصى على إيران، يبدو أن المنطقة مقبلة على تغييرات جوهرية ستحدد معالمها لعقود قادمة.