تقرير أرحام تحت النار: كيف هددت حرب الإبادة في غزة الصحة الإنجابية للنساء؟

أرحام تحت النار

تقرير غزة - روان عبد العاطي - تفاقمت أوضاع النساء في غزة خلال حرب الإبادة الجماعية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، مما يترك بصمات عميقة على الصحة الإنجابية للنساء في القطاع. في ظل الحصار والاعتداءات العسكرية المستمرة، أصبح الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية شبه مستحيل، مما أدى إلى أزمة غير مسبوقة تؤثر بشكل مباشر على النساء الحوامل، الأمهات، والأطفال حديثي الولادة.

091224_Dair_AlBalah_OSH_3_00 (5).jpg

دمار شامل للبنية الصحية

تعاني المنظومة الصحية في غزة من انهيار شبه كامل، نتيجة تدمير المستشفيات والمرافق الصحية بفعل القصف العشوائي والممنهج. ويؤكد تقرير صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية أن أكثر من 70% من المرافق الصحية قد خرجت عن الخدمة، مما يعني تقليص القدرة على تقديم خدمات الصحة الإنجابية، مثل الرعاية السابقة للولادة، وإجراء الولادات القيصرية، ورعاية المواليد في الحاضنات.

وتواجه النساء الحوامل تحديات كبيرة، حيث يُقدر أن هناك 46,300 امرأة حامل في غزة بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية، لكن المستشفيات تعجز عن تلبية هذه الاحتياجات بسبب نقص الأدوية، الأجهزة الطبية، وحتى الكوادر الطبية المؤهلة​.

091224_Dair_AlBalah_OSH_3_00 (3).jpg

انعدام الأمن الغذائي وتأثيره على الصحة الإنجابية

تمثل أزمة الغذاء أحد أبرز التحديات التي تواجه سكان غزة. فالنساء الحوامل يعانين من سوء التغذية الحاد نتيجة نقص البروتينات والفيتامينات الضرورية للنمو الصحي للجنين. وفقًا لتقارير المنظمات الدولية، تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 98% من النساء الحوامل في غزة يعانين من درجات متفاوتة من سوء التغذية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإجهاض والولادات المبكرة، بالإضافة إلى زيادة مخاطر التشوهات الخلقية للمواليد.

تروي السيدة سوزان في الثلاثينات من عمرها لوكالة قدس نت للأنباء تجربتها قائلة: "كنت حاملًا في الشهر السادس عندما تفاقمت أزمة الغذاء في منطقتنا. لم أستطع الحصول على وجبات غذائية متوازنة، مما أدى إلى تدهور حالتي الصحية واضطراري للولادة المبكرة. ولدي الآن في الحضانة، ولا أعرف إن كان سيبقى على قيد الحياة".

241224_Dair_El-Balah_OSH_00(23).jpg

الرعاية الصحية بين قيود الاحتلال والحصار

فرض الحصار الإسرائيلي قيودًا خانقة على حركة المرضى والمرافقين، مما أدى إلى وفاة العديد من النساء الحوامل أثناء محاولتهن الوصول إلى المستشفيات. كما أن الإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بمنع دخول الأدوية والمعدات الطبية قد ساهمت في تفاقم الأزمة الصحية. وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 70% من النساء اللواتي حاولن مغادرة غزة للعلاج لم يحصلن على تصاريح سفر بسبب القيود الإسرائيلية.

091224_Dair_AlBalah_OSH_3_00 (11).jpg

في مقابلة مع السيدة سماح من شمال قطاع غزة تبلغ من العمر 34 عامًا من غزة، أشارت إلى تجربتها المريرة أثناء الولادة في ظل القصف، قائلة: "عندما حان موعد ولادتي، لم أتمكن من الوصول إلى المستشفى بسبب القصف المتواصل. اضطرت الممرضات لإجراء الولادة في المنزل وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات، وكانت تجربتي مليئة بالخوف والألم".

وهذا ما أكدته تصريحات إحدى الطبيبات في غزة مستشفى العودة وسط قطاع غزة، فإن "النساء يضطررن في كثير من الأحيان للولادة في المنازل، لأن الطرق إلى المستشفيات غير آمنة، أو لأن المستشفيات ببساطة تفتقر إلى الأماكن والمعدات اللازمة لاستقبالهن. نشهد ولادات في ظروف قاسية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات السلامة".

حوامل في غزة.png

الاستهداف المباشر للنساء

إلى جانب نقص الرعاية الصحية، تواجه النساء في غزة استهدافًا مباشرًا من قبل قوات الاحتلال. ويُقدر عدد النساء المصابات أو القتلى نتيجة القصف العشوائي على المنازل والمناطق السكنية بأكثر من 11,979 ضحية، مما يضاعف من المعاناة النفسية والجسدية للنساء الناجيات. كما أن استهداف المرافق الصحية يفاقم الأوضاع ويُعقد عملية تقديم الرعاية الصحية للنساء الحوامل.

التأثير النفسي والاجتماعي

الآثار النفسية للحرب على النساء الحوامل تمثل جانبًا آخر من الأزمة. التوتر، الخوف المستمر من القصف، وفقدان أفراد العائلة يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بالاكتئاب والاضطرابات النفسية، وهو ما يؤثر سلبًا على الصحة الإنجابية. تقول السيدة الحامل إيمان التي تبلغ من العمر 28 عاماً: "خسرت زوجي وابني خلال القصف، ومنذ ذلك الحين أعاني من اضطرابات النوم، فقدان للشهية وفي حالة فزع دائم،  وتوتر شديد، كما  وأشعر أن حملي في خطر دائم".

9 copy.jpg

نداءات عاجلة للمجتمع الدولي

في مواجهة هذه الكارثة، طالبت منظمات حقوق الإنسان بضرورة التحرك الفوري لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وتقديم الدعم الطبي والإنساني للنساء في غزة. وتؤكد المنظمات أن هناك حاجة ملحة لتأمين ممرات إنسانية لنقل النساء الحوامل إلى المستشفيات وتوفير الإمدادات الطبية الأساسية. كما دعت إلى وقف استهداف المنشآت الصحية واحترام القانون الدولي الإنساني خاصة مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

معركة يومية من أجل البقاء

وسط هذه الظروف القاسية، تخوض النساء في غزة معركة يومية للحفاظ على حياتهن وحياة أطفالهن في ظل مجموعة من المخاطر أهمها الصحة والنظافة والغذاء. وتستمر المعاناة في طمس معالم الحياة في القطاع، تبقى أوضاع النساء وصحتهن الإنجابية جرس إنذار للمجتمع الدولي بضرورة التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والعمل على توفير المستلزمات الطبية والصحية اللازمة وتحسين مستوى الخدمة الطبية في المستشفيات.

IMG_4144.jpg

 

202501cca_Gaza_pregnancyreport.webp

 

241224_Dair_El-Balah_OSH_00(2).jpg


 

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة