عمر شعبان يستعرض رؤيته حول مستقبل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة

نازحين يعودون إلى شمال قطاع غزة

استعرض عمر شعبان، مؤسس ومدير مؤسسة "بال ثينك للدراسات الاستراتيجية"، رؤيته حول مستقبل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة، مسلطًا الضوء على التحديات والفرص التي تواجه الفلسطينيين في تحديد مصيرهم السياسي. وأكد أن وقف إطلاق النار بعد 470 يومًا من الصراع المدمر يمثل لحظة فاصلة في مسار القضية الفلسطينية، إلا أن غياب توافق فلسطيني حول إدارة غزة يعقّد المشهد السياسي، في ظل التدخلات الدولية والإقليمية المتزايدة.

المقال كاملاً :- تصورات فلسطينيي غزة لنظام الحكم المستقبلي: تباينات واضحة وطموحات عالية

التحديات أمام نظام الحكم في قطاع غزة

أوضح شعبان أن الحرب الأخيرة عمّقت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما جعل مستقبل الحكم في غزة محاطًا بعدة تحديات رئيسية، أبرزها التدخلات الدولية، الانقسام الفلسطيني، وإعادة الإعمار. وبيّن أن إسرائيل سعت، عبر الحرب الأخيرة، إلى تحويل غزة إلى بيئة طاردة للسكان عبر استهداف البنية التحتية والمنشآت الحيوية، في محاولة لدفع الفلسطينيين إلى التهجير القسري أو خلق واقع سياسي جديد في القطاع.

وأضاف أن غياب التوافق الفلسطيني الداخلي حول شكل الحكم المستقبلي يفتح المجال أمام فرض أجندات خارجية، وهو ما يظهر جليًا من خلال التحركات الدولية التي تهدف إلى تشكيل نظام حكم يتوافق مع الرؤى الغربية والإسرائيلية.

التصورات المطروحة حول مستقبل غزة السياسي

استعرض شعبان ثلاثة اتجاهات رئيسية حول مستقبل نظام الحكم في غزة، والتي تعكس تباين المواقف بين الفصائل الفلسطينية والمجتمع الدولي:

الاتجاه المتفائل: يرى أن الحرب الأخيرة قد تخلق فرصة لتحقيق وحدة وطنية فلسطينية، عبر إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وإدماج مختلف الفصائل، مما يعزز شرعية السلطة الفلسطينية ويفتح المجال أمام حل الدولتين.

الاتجاه التشاؤمي: يرى أن الحرب قد تستخدمها إسرائيل كفرصة لإعادة تشكيل المشهد السياسي في غزة، عبر تصفية الفصائل المقاومة وفرض نظام حكم يخدم أجندتها، من خلال فرض إدارة دولية أو قوة أمنية مشتركة.

الاتجاه التوفيقي: يقترح هذا الاتجاه إصلاح السلطة الفلسطينية وتعزيز وجودها في غزة عبر إجراء انتخابات شاملة، أو تشكيل هيئة محلية مؤقتة تدير القطاع بغطاء عربي ودولي، إلى أن يتم الوصول إلى حل شامل.

مستقبل الحكم في غزة والتدخلات الإقليمية

أشار شعبان إلى أن مستقبل غزة لم يعد شأنًا فلسطينيًا خالصًا، بل بات ساحة لصراع إقليمي ودولي، حيث تلعب كل من الولايات المتحدة، إسرائيل، السعودية، ومصر دورًا محوريًا في تحديد شكل الحكم المستقبلي للقطاع. وأوضح أن توجهات الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب تتجه نحو إعادة ترتيب الشرق الأوسط ضمن إطار اتفاقات التطبيع، وهو ما قد يفرض ضغوطًا إضافية على الفلسطينيين لقبول تسويات سياسية غير متكافئة.

إعادة الإعمار والحكم في غزة

اعتبر شعبان أن ملف إعادة الإعمار سيكون أداة ضغط رئيسية تستخدمها الأطراف الفاعلة لفرض أجنداتها السياسية، مشيرًا إلى أن إسرائيل قد تلجأ إلى تسييس المساعدات من أجل تحقيق أهدافها الاستراتيجية في تقويض نفوذ الفصائل الفلسطينية في غزة. وأكد أن السلطة الفلسطينية قد تكون الطرف الأكثر تأهيلًا للإشراف على إعادة الإعمار، لكن بشرط تنفيذ إصلاحات سياسية وإدارية تضمن مشاركتها الفعلية في حكم غزة.

خاتمة: مستقبل غزة بين الفرص والتحديات

اختتم شعبان رؤيته بالتأكيد على أن مستقبل الحكم في غزة يعتمد على قدرة الفلسطينيين على تجاوز الانقسامات الداخلية وإعادة بناء مشروع وطني موحد. وأشار إلى أن استمرار الهيمنة الإسرائيلية والتدخلات الدولية سيجعل الفلسطينيين في موقف المتلقي، ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة نحو إعادة بناء الشرعية السياسية، وتحقيق الوحدة الوطنية، وإعادة تعريف دور غزة في القضية الفلسطينية.

وأكد أن التحدي الأكبر الآن هو تحويل نتائج الحرب إلى فرصة سياسية تمكن الفلسطينيين من فرض إرادتهم في تحديد مستقبلهم السياسي، بدلًا من أن يكونوا مجرد أطراف متلقية لقرارات تملى عليهم من الخارج.

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة