الزيادة الصامتة في صواريخ الرياض الباليستية: تحديث استراتيجي أم استعداد لمستقبل غير معلوم؟

الصواريخ الباليستية السعودية

كتب فابيان هينز -  الباحث في الدفاع والتحليل العسكري، المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية تشير صور الأقمار الصناعية الحديثة إلى أن المملكة العربية السعودية قد تكون تعمل بهدوء على تحديث أو توسيع ترسانتها من الصواريخ الباليستية، ما يثير التساؤلات حول طبيعة هذه التحركات وأهدافها الاستراتيجية. فعلى الرغم من غموض تفاصيل القدرات الصاروخية للمملكة، إلا أن التطورات الأخيرة تعكس توجهًا نحو تعزيز القوة الصاروخية الاستراتيجية للرياض.

الجذور التاريخية للقدرات الصاروخية السعودية

واضاف الباحث بدأ اهتمام المملكة بالصواريخ الباليستية في الثمانينيات، حيث حصلت الرياض في عام 1988 على صواريخ DF-3 (CH-SS-2) متوسطة المدى من الصين، في خطوة جاءت كرد فعل على انتشار الصواريخ في المنطقة خلال الحرب العراقية الإيرانية، إلى جانب قدرة إسرائيل المثبتة على تنفيذ ضربات جوية بعيدة المدى.

أنشأت السعودية أربع قواعد تحت الأرض لدعم عمليات قوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية السعودية (RSSMF) في الحريق، والسليل، ورنية، والوطاح. ومع ذلك، فإن صواريخ DF-3 العاملة بالوقود السائل، رغم امتلاكها مدىً واسعًا، كانت تعاني من قيود تشغيلية، مثل الحاجة إلى تجهيزات معقدة قبل الإطلاق، إلى جانب دقتها المحدودة.

وبحلول العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أشارت تقارير إلى سعي السعودية للحصول على صواريخ تعمل بالوقود الصلب وأكثر دقة من الصين. في عام 2007، أفادت تقارير بأن المملكة اشترت صواريخ DF-21 (CH-SS-5)، ما يشير إلى توجهها نحو تحديث ترسانتها الصاروخية.

قاعدة صاروخية جديدة بالقرب من النبهانية

أحد أبرز المؤشرات على التطورات الأخيرة في برنامج الصواريخ الباليستية السعودي هو بناء قاعدة صاروخية تحت الأرض بالقرب من بلدة النبهانية. بدأ العمل على هذه القاعدة عام 2019، وبحلول أوائل 2024، بدت المنشأة مكتملة إلى حد كبير مع استمرار بعض أعمال الحفر في الأنفاق.

عدة مؤشرات تدعم الاعتقاد بأن الموقع مخصص للصواريخ الباليستية، منها تشابه تصميمه مع منشآت أخرى تابعة لـ RSSMF، إلى جانب الإشراف المباشر لوزارة الدفاع على المشروع. كما أشارت تقارير إلى تواجد قائد RSSMF، جَرالله العلويط، في النبهانية في توقيت يتزامن مع بدء أعمال البناء.

توسعات في مركز ومدرسة RSSMF في وادي الدواسر

تشير صور الأقمار الصناعية إلى تطويرات أخرى في مركز ومدرسة RSSMF في وادي الدواسر، حيث تم بناء مبنى جديد عالي الارتفاع بين عامي 2019 و2021، ما يعزز الافتراضات بوجود خطط لتحديث البنية التحتية للصواريخ.

أنشطة إضافية وتوسعات أخرى

إلى جانب قاعدة النبهانية، تشير التحليلات الجغرافية إلى توسعات أخرى في منشآت RSSMF، منها: إنشاء ملحقين جديدين في مقر RSSMF في الرياض بين عامي 2017 و2019. زيادة عدد أماكن وقوف السيارات المغطاة في المقر من 511 إلى 688 خلال نفس الفترة. بناء أنفاق جديدة في قواعد الحريق ورنية خلال النصف الثاني من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. توسيع قسم تحت الأرض في قاعدة السليل بين عامي 2019 و2023.

البرنامج الصاروخي السعودي: بين التصنيع المحلي والتعاون مع الصين

رغم السرية المحيطة بالبرنامج الصاروخي السعودي، كشف تقرير صادر عن موقع "إنترسبت" عام 2022 عن مخاوف أمريكية بشأن خطة سعودية لاستيراد صواريخ باليستية جديدة من الصين ضمن برنامج يحمل اسم "Crocodile". وعلى الرغم من الغموض الذي يحيط بتنفيذ هذه الخطط، إلا أن هذه التقارير تعكس اهتمام الرياض بتوسيع قدراتها الصاروخية.

ضمن رؤية 2030، تسعى السعودية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية المحلية، حيث أصبح الإنتاج المحلي جزءًا أساسيًا من سياساتها الدفاعية. وقد تم إنشاء منشأة لإنتاج محركات الوقود الصلب في قاعدة الوطح الصاروخية، حيث تشير التقييمات الاستخباراتية إلى بدء السعودية في إنتاج صواريخ باليستية بمساعدة صينية، إلا أن تفاصيل الأنظمة المنتجة لا تزال غير معروفة.

استنتاج: قوة استراتيجية أم عامل ردع؟

مع استمرار الغموض حول مدى التطوير الذي يشهده برنامج الصواريخ الباليستية السعودي، يبقى السؤال الأهم: هل تسعى الرياض إلى تعزيز قوتها الاستراتيجية بشكل سرّي، أم أن هذه التحركات مجرد خطوات لتعزيز قدرتها على الردع في المنطقة؟

غياب استخدام الصواريخ الباليستية في الحملة العسكرية السعودية ضد الحوثيين يلمّح إلى أن هذه الأنظمة قد تكون مخصصة لأغراض الردع الاستراتيجي بدلًا من الاستخدام الفعلي في النزاعات الإقليمية. وحتى تُغيّر الرياض من سياستها المعلوماتية أو تظهر معلومات جديدة من مصادر أخرى، ستظل القدرات الحقيقية لصواريخها الباليستية لغزًا ينتظر الكشف عنه في المستقبل.

mb-satellite-image-5_saudi-missile-infrastructure_866x630px.png

 

mb-satellite-image-4_saudi-missile-infrastructure_866x630px.png

 

mb-satellite-image-3_saudi-missile-infrastructure_866x630px.png

 

mb-satellite-image-2_saudi-missile-infrastructure_866x630px.png

 

mb-satellite-image-1_saudi-missile-infrastructure_866x598px.png

 

map-1_rssmf-facilities_866x770px.png


 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة