تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي فرض قيود مشددة على سفر المرضى والجرحى من قطاع غزة لتلقي العلاج في الخارج، مما يفاقم أوضاعهم الصحية ويعرض حياتهم للخطر، خاصة مع تدمير المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع خلال العدوان المستمر منذ 15 شهرًا.
قيود مشددة على سفر المرضى وإغلاق معبر رفح
تفرض سلطات الاحتلال إجراءات تعسفية تعرقل عملية إجلاء المرضى والجرحى عبر معبر رفح البري، مما يحرمهم من العلاج التخصصي الضروري، حيث تمنع إدخال الأدوية، الأجهزة الطبية، والمستلزمات الضرورية لإنقاذ حياتهم.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت عن استئناف سفر المرضى عبر معبر رفح اعتبارًا من 1 فبراير 2025، بعد إغلاق دام 9 أشهر عقب اجتياح محافظة رفح في مايو 2024. إلا أن العدد الذي تمكن من مغادرة القطاع ما زال محدودًا جدًا مقارنة بالاحتياجات الفعلية.
إحصائيات مقلقة عن المرضى المحرومين من العلاج
وفقًا للبيانات، بلغ عدد المرضى الذين تمكنوا من السفر عبر معبر رفح منذ مطلع فبراير 2025 نحو 1109 مرضى وجرحى، بينما لا يزال 12,000 شخص حاصلون على تحويلات طبية عاجلة غير قادرين على مغادرة القطاع، معظمهم يعانون من الأورام، أمراض القلب، الفشل الكلوي، والكسور المعقدة، ما يجعل حياتهم مهددة بالخطر.
تدمير المستشفيات وتفاقم الأزمة الصحية
صرّح مدير عام مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية أن الوضع الصحي في غزة تدهور بشكل غير مسبوق نتيجة استهداف المستشفيات، حيث لم يتبقَ سوى جهازين للتصوير المقطعي (C.T)، فيما دُمرت معظم أجهزة الأشعة، وأُوقفت مختبرات فحص الأنسجة بسبب نقص المعدات الطبية.
وأضاف أن هناك 20,000 مريض وجريح بحاجة إلى عمليات جراحية لترميم العظام، وكل حالة تتطلب 3 عمليات جراحية، أي أن القطاع يحتاج إلى 60,000 عملية، وهو أمر مستحيل حاليًا بسبب نقص الكوادر والمعدات الطبية.
وأشار أبو سلمية إلى أن إسرائيل ترفض طلبات بعض الجرحى والمرضى لمغادرة القطاع، بما في ذلك الأطفال والمرافقون، مما أدى إلى وفاة العديد منهم أثناء انتظارهم الموافقة على السفر.
إغلاق المعابر يهدد حياة آلاف المرضى
في ظل قرار الاحتلال الأخير بإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات، يحذر الخبراء من أن استمرار هذه الإجراءات سيؤدي إلى موت آلاف المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة في الخارج.
مركز الميزان: إغلاق المعابر انتهاك خطير للقانون الدولي
حذر مركز الميزان لحقوق الإنسان من أن السيطرة على معبر رفح البري ومنع سفر الجرحى يشكلان تهديدًا مباشرًا لحياتهم. وأكد أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة المرضى الذين تمكنوا من السفر خلال الشهر الماضي لم تتجاوز 9%، ما يعني أن آلاف الحالات ستظل محاصرة داخل غزة دون أمل في العلاج.
وأكد المركز أن منع المرضى من السفر يرقى إلى جريمة إبادة جماعية، محذرًا من أن مرضى السرطان والقلب والفشل الكلوي باتوا في وضع بالغ الخطورة، فيما يحتاج الجرحى إلى عمليات جراحية دقيقة وتركيب أطراف صناعية للحفاظ على حياتهم.
مطالبات دولية بإنهاء الحصار وضمان العلاج للمرضى
دعا مركز الميزان المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإجبار الاحتلال على إنهاء الحصار وفتح المعابر، والسماح بإدخال المستلزمات الطبية الضرورية وإعادة تأهيل المستشفيات، وتمكين المرضى والجرحى من السفر لتلقي العلاج.
كما شدد المركز على أن اتفاقية جنيف الرابعة تفرض على الاحتلال مسؤولية قانونية لحماية المدنيين وضمان حصولهم على العلاج، مطالبًا الأمم المتحدة، الدول المانحة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالضغط على إسرائيل لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة.
جرائم حرب وانتهاكات جسيمة تستوجب المحاسبة
أكد مركز الميزان أن ما يحدث في غزة ليس مجرد حصار، بل سياسة ممنهجة لقتل الفلسطينيين ببطء من خلال حرمانهم من العلاج، وتدمير منظومتهم الصحية، وإغلاق المعابر، مما يستوجب تحركًا دوليًا عاجلًا لوضع حد لهذه الجرائم، وإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي.