تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخططاتها الاستيطانية الهادفة إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، خاصة في مدينة القدس، من خلال مشاريع تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية وفرض التهويد التدريجي للمدينة. وقد بدأت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع مداولاتها بشأن مشروع قانون يقضي بضم مستوطنات في محيط القدس المحتلة إلى إسرائيل، ضمن ما يعرف بمخطط "القدس الكبرى". يشمل المشروع مستوطنات مثل معاليه أدوميم، بيتار عيليت، غفعات زئيف، أفرات ومعاليه مخماش، ما يوسع نفوذ الاحتلال ليشمل مناطق واسعة من الضفة الغربية.
مشروع القانون، الذي قدمه عضو الكنيست دان إليوز من حزب الليكود، يسعى إلى فرض القانون والقضاء الإسرائيلي على هذه المستوطنات، كما ينص على جعل رئيس بلدية القدس رئيسًا لها، وانضمام رؤساء المستوطنات إلى مجلسها البلدي. يهدف المشروع إلى توسيع مناطق البناء، وتعزيز شبكات المواصلات، ودعم التوسع الاستيطاني لخلق أغلبية يهودية مصطنعة في القدس، فيما اعتبرته جمعية "عير عاميم" الحقوقية الإسرائيلية خطوة نحو الضم غير القانوني وفق القانون الدولي، مؤكدة أن تنفيذه سيؤدي إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني، وقطع التواصل الجغرافي بين الضفة الغربية والمدينة المقدسة، مما يعمق الفصل العنصري ويزيد من تعقيد أي حل سياسي مستقبلي.
تعزيز نفوذ بلدية الاحتلال ومخططات استيطانية جديدة في القدس
بالتزامن مع هذا المشروع، قدم نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس، آرييه كينغ، مقترحًا لتوسيع نفوذ البلدية على حساب المجالس الاستيطانية، لتعزيز الأغلبية اليهودية في المدينة. ويتوقع أن تتم الموافقة عليه قريبًا. كما يجري التخطيط لبناء أكثر من 1000 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، بما في ذلك 380 وحدة في مستوطنة "نوف تسيون" المحاذية لجبل المكبر، و650 وحدة قرب حي صور باهر، إلى جانب مرافق تجارية وتعليمية تهدف إلى ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على المدينة.
مشاريع استيطانية في الضفة الغربية وخطط توسع غير مسبوقة
لا يقتصر التوسع الاستيطاني على القدس، بل يمتد إلى الضفة الغربية، حيث يناقش المجلس الأعلى للتخطيط في الإدارة المدنية الإسرائيلية الموافقة على 1408 وحدة استيطانية جديدة موزعة على مستوطنات: مسوعا في الأغوار الوسطى، حشمونائيم غرب رام الله، زيت رعنان (تلمون) شمال غرب رام الله، وبيت حجاي في الخليل. منذ ديسمبر 2024، أصبحت اجتماعات المجلس تُعقد أسبوعيًا، ما أدى إلى تسريع الموافقات الاستيطانية، حيث بلغ إجمالي الوحدات التي تم الترويج لها منذ بداية 2025 أكثر من 7702 وحدة استيطانية خلال ثلاثة أشهر فقط.
تحركات استيطانية لإقامة وجود دائم في "قبر يوسف" بنابلس
في تطور خطير، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن تحركات مكثفة من قبل قادة المستوطنين لإقامة وجود استيطاني دائم في "قبر يوسف" بالمنطقة الشرقية من نابلس، بعد 25 عامًا من انسحاب جيش الاحتلال من الموقع عام 2000. يقود هذه التحركات يوسي داغان وبتسلئيل سموتريتش، مستغلين التصعيد العسكري شمال الضفة لفرض واقع استيطاني جديد، حيث يتم تنظيم اقتحامات متكررة وطقوس تلمودية في المنطقة.
انتهاكات الاحتلال والمستوطنين بحق الفلسطينيين
لا تقتصر مخططات التهويد والاستيطان على البناء فقط، بل تترافق مع اعتداءات يومية ينفذها جيش الاحتلال والمستوطنون ضد الفلسطينيين. في قرية اللبن الغربية قرب رام الله، أُجبر مواطنون على مغادرة أراضيهم بعد اعتداءات متكررة من قبل جنود الاحتلال، الذين هددوهم بالحرق إذا لم يغادروا. وفي شهر رمضان، تتصاعد الاعتداءات، حيث شدد الاحتلال إجراءاته العسكرية على الحواجز في الضفة الغربية، مما تسبب في اختناقات مرورية وعزل المناطق الفلسطينية عن بعضها.
أبرز الانتهاكات الأسبوعية في محافظات الضفة الغربية
القدس: هدم الاحتلال مزرعة في العيسوية بمساحة 4 دونمات، ومنزلين في بيت حنينا ورافات، كما أصدر قرارًا بإخلاء عائلة الباشا من منزلها في البلدة القديمة لصالح مستوطنين.
الخليل: مستوطنون من "حفات ماعون" هاجموا منازل في مسافر يطا، ما أدى إلى إصابة سيدة ومسن بجروح، كما دمر الاحتلال مدرسة فلسطين الأساسية المختلطة.
بيت لحم: اقتحم مستوطنون ساحة مسجد كيسان شرق المدينة وأثاروا الفوضى.
رام الله: أخطر جيش الاحتلال خمس عائلات في رنتيس بالإخلاء لصالح مستوطنة جديدة، كما أحرق مستوطنون مركبة فلسطينية قرب سلواد.
نابلس: اقتحم عشرات المستوطنين قبر يوسف تحت حماية مشددة من جيش الاحتلال.
سلفيت: استولى الاحتلال على جرافة في قراوة بني حسان لاستخدامها في التوسع الاستيطاني.
جنين: أخطر الاحتلال بالاستيلاء على 300 دونم من أراضي العرقة، وهدم منشآت صناعية في برطعة.
الأغوار: مستوطنون دمروا خيام فلسطينيين وسرقوا مواشيهم، كما هدم الاحتلال مصنعًا للتمور ومحلاً تجاريًا في شمال أريحا.
استنتاج
تتسارع وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية ضمن مخطط شامل لفرض السيطرة الديموغرافية والجغرافية، وخلق واقع جديد يعرقل أي فرصة لحل سياسي. مع تصاعد الاعتداءات، أصبح واضحًا أن الهدف ليس فقط توسيع المستوطنات، بل تهجير الفلسطينيين قسرًا وتقويض أي وجود فلسطيني في هذه المناطق.