صادقت الحكومة الإسرائيلية على خطة طرحها وزير الدفاع إسرائيل كاتس لشق ما يسمى بطريق "نسيج الحياة"، في خطوة تمهّد عمليًا لفصل القرى الفلسطينية شرقي القدس عن المدينة المحتلة، وتقطع الامتداد الجغرافي بين القدس الشرقية والمناطق المحيطة بها، خصوصًا نحو معاليه أدوميم.
مشروع بنية تحتية أم هندسة سياسية؟
الطريق الجديد، الذي وصف بأنه "لخدمة الفلسطينيين"، يخفي وراءه هدفًا استراتيجيًا واضحًا: عزل القرى الفلسطينية عن القدس المحتلة، ومنع الفلسطينيين من استخدام الطرق الرئيسة بين القدس ومعاليه أدوميم، وفتحها حصرًا أمام المستوطنين الإسرائيليين.
وبحسب التصريحات الرسمية، سيتيح الطريق الجديد تنقل الفلسطينيين "دون المرور بنقاط تفتيش"، لكن فعليًا، سيؤدي إلى فصل جغرافي يُعيق قيام دولة فلسطينية متصلة. الطريق سيمرّ عبر أراضٍ محتلة تعتبر حيوية لتحقيق التواصل الإقليمي لأي كيان فلسطيني مستقبلي.
ضم فعلي وفرض سيادة إسرائيلية على معاليه أدوميم
يرى مراقبون أن هذه الخطوة تمهد فعليًا لفرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنة معاليه أدوميم، وهي واحدة من أكبر الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية. وبذلك، تفقد القدس الشرقية عمقها الفلسطيني وتتآكل إمكانية قيام عاصمة فلسطينية في المدينة.
وفي السياق ذاته، اعتبرت حركة "السلام الآن" أن المشروع لا علاقة له بتحسين حياة الفلسطينيين، بل هو "جزء من مخطط ضمّ مدروس"، يُغلق ما يقارب 3% من مساحة الضفة الغربية أمام الفلسطينيين، ويقسمها فعليًا إلى قسمين، مما يقوّض أي حل سياسي على أساس الدولتين.
تمويل المشروع من أموال فلسطينية
اللافت أن ميزانية المشروع، التي تبلغ 335 مليون شيكل، ستُقتطع من ما يُعرف بـ"الصندوق الإضافي للإدارة المدنية"، وهي أموال فلسطينية تُجمع من الضرائب والمخالفات في الضفة الغربية، وتُستخدم ظاهريًا لصالح الخدمات العامة للفلسطينيين، إلا أنها توجّه اليوم لتمويل مشروع يُكرّس الاحتلال ويقيد الفلسطينيين.
الفلسطينيون ممنوعون من دخول الطريق… حتى بالسيارة
سيُمنع الفلسطينيون من دخول بعض المقاطع المحاذية للقدس إلا سيرًا على الأقدام، وخاصة في المناطق الحيوية مثل الخان الأحمر، أحد أبرز المواقع التي يصر الفلسطينيون على تثبيتها كنقطة مركزية لربط شمال الضفة بجنوبها.
طريق إضافي لعزل العيزرية
إلى جانب هذا الطريق، صادقت الحكومة على تخطيط طريق آخر لربط موشاف عزاريا بمفترق "السامري الصالح"، بميزانية 10 ملايين شيكل، رغم الشكوك في تنفيذه فعليًا. لكنه يأتي ضمن سلسلة مشاريع تشطر الضفة الغربية وتُسهل السيطرة الأمنية والاستيطانية على محيط القدس.