في ذكرى يوم الأرض الـ49: فلسطينو الداخل يواجهون تهجيرًا صامتًا وحربًا على الهوية

مسيرة في عرابة إحياء للذكرى، 28 مارس 2025 (الأناضول).jpg

في الذكرى الـ49 ليوم الأرض، يعيش فلسطينيو الداخل واقعًا تصفه مؤسسات وقيادات وطنية بأنه حرب وجودية مفتوحة، تتجلى في تصعيد السياسات الإسرائيلية ضدهم منذ 7 أكتوبر 2023، وتحديدًا في ظل العدوان المتواصل على غزة.

تتنوّع أدوات هذا التصعيد بين هدم البيوت ومصادرة الأراضي، والاعتقالات السياسية، وقمع حرية التعبير، وصولاً إلى استهداف الطلاب، الأطباء، والمعلمين، وكل من يعبر عن موقف وطني. في الخلفية، هناك مشهد أوسع لما يشبه خطة تهجير قسري ممنهج، تتم بشكل ناعم في الداخل، وبالقوة في غزة.

واقع أشد قتامة من عام 1976

ظروف يوم الأرض هذا العام تُوصف بأنها الأقسى منذ انطلاقته في 30 آذار/مارس 1976، حين انتفض فلسطينيو الداخل ضد مصادرة أراضيهم واستشهد ستة شبّان في سخنين، وعرابة، وكفر كنا. لكن اليوم، يُضاف إلى المصادرة تفكيك الوجود الفلسطيني الجماعي، والتضييق على الهوية، ومحاولات فصلهم عن قضايا شعبهم.

ملاحقة سياسية وعقاب جماعي

رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، قال في تصريح لـ"العربي الجديد": "منذ بدء العدوان على غزة، أصبح فلسطينو الداخل جبهة حرب معلنة، بحسب تصريح رسمي من نتنياهو. ما نشهده ليس تضييقًا فقط، بل محاولة لاجتثاث كل حياة سياسية أو نشاط وطني".

وأشار إلى أن الشرطة الإسرائيلية منعت رفع العلم الفلسطيني خلال مسيرة يوم الأرض في عرابة، ورافقت المظاهرة بقوات حرس الحدود بهدف الاستفزاز، رغم أن القانون الإسرائيلي لا يصنف العلم الفلسطيني كرمز "لدولة معادية".

حملة متكاملة: تهجير، هدم، وتحريض

من الجنوب إلى الشمال، تبدو سياسات الهدم والتهجير أكثر حدة. في النقب، تتواصل عمليات هدم القرى غير المعترف بها مثل "رأس جرابة"، التي تسعى بلدية ديمونا إلى إزالتها بالكامل لإقامة حي يهودي، بدلاً من دمج سكانها في الحي الجديد.

مدير مركز "عدالة"، حسن جبارين، يوضح: "الخطير اليوم أن الدولة تنفذ عمليات الهدم والتهجير بدوافع انتقامية وعنصرية، دون أي مبرر أمني كما كانت تروج سابقًا. نشهد اليوم نمطًا جديدًا من التهجير القسري شبيه بما يسمى زورًا بـ'الهجرة الطوعية' في غزة".

من مصادرة الأرض إلى منع البناء

في المثلث والجليل، لم تعد المصادرة العنوان الأبرز، بل منع البناء وتجميد التوسع السكاني في البلدات العربية. والهدف، بحسب جبارين، هو منع النمو الطبيعي ومنع أي تطور عمراني في ظل اكتظاظ غير مسبوق.

قمع ممنهج لحرية التعبير

منذ بدء العدوان، رُفعت عشرات اللوائح التأديبية ضد طلاب جامعات عرب، وصدرت أوامر اعتقال لمجرد رفع شعارات وطنية، مثل "المجد والخلود لشهدائنا". وأكد جبارين أن نقابة المحامين الإسرائيلية والجامعات أصبحتا أدوات قمع سياسي، تستهدف فقط المحامين والطلاب الفلسطينيين، في تجاهل تام لتحريض الطلاب اليهود على العنف.

عسكرة المجتمع وتحريض ضد العرب

أخطر ما حدث بعد 7 أكتوبر، وفق جبارين، هو قرار الشرطة تسليح المجتمع اليهودي بحجة "الدفاع الذاتي"، في رسالة ضمنية أن العربي هو العدو. هذا ساهم في تعزيز بيئة عدائية ضد فلسطينيي الداخل، تُشرعن العنف والتحريض والتهميش.

ذكرى يوم الأرض… المعركة لم تنتهِ

في الذكرى الـ49 ليوم الأرض، يؤكد فلسطينيو الداخل أن معركتهم ما زالت مستمرة، لكنها اليوم أكثر شمولية وتهديدًا، حيث تستهدف الأرض، والهوية، والحقوق، والوعي، وحرية التعبير. وبينما يُحيون يوم الأرض في سخنين وعرابة وكفر كنا، تُرسم ملامح مرحلة جديدة تتطلب، بحسب ناشطين، إجماعًا وطنيًا وتنظيمًا سياسيًا جماعيًا لمواجهة خطر التهجير الصامت.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - حيفا