تقرير حقوقي: الاحتلال الإسرائيلي يستخدم "التعطيش" كسلاح حرب في غزة وحرمان السكان من مياه الشرب يهدد بكارثة إنسانية

مياه الشرب.jpeg

 

وجه المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، محذرًا من كارثة وشيكة تهدد حياة ملايين الفلسطينيين في قطاع غزة، نتيجة ما وصفه بـ"سياسة التعطيش المتعمد" التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقال المركز إن هذه الممارسات تقطع الطريق أمام السكان للحصول على الحد الأدنى من مياه الشرب، وسط انهيار شامل في خدمات المياه والصرف الصحي.

تعطيل ممنهج لشبكات المياه ومحطات التحلية

وفقًا لما رصده المركز، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بتاريخ 4 أبريل 2025، على تعطيل خط مياه ميكروت شرق مدينة غزة، الذي يزود السكان بحوالي 70% من المياه الصالحة للشرب بقدرة إنتاجية تصل إلى 20 ألف متر مكعب يوميًا. ويأتي هذا بعد عملية اقتحام عسكرية وتمركز القوات فوق تبة المنطار شرق حي الشجاعية، مع إصدار أوامر بإخلاء السكان ومنع وصول الفرق الفنية لمعاينة الأعطال أو إصلاحها.

كما تمنع السلطات الإسرائيلية منذ 22 يناير 2024 إصلاح خط مياه آخر في المنطقة الوسطى يمد القطاع بـ13 ألف متر مكعب يوميًا، وهي كمية تعتمد عليها نحو 300 ألف نسمة.

في مطلع مارس 2025، تم قطع خط كهرباء حيوي يغذي محطة تحلية المياه في دير البلح، مما أدى إلى توقفها عن إنتاج 18 ألف متر مكعب يوميًا من المياه المحلاة، وهو ما وضع أكثر من 600 ألف مواطن في خانيونس ودير البلح أمام خطر العطش المباشر.

موجة عطش وأمراض تهدد الحياة

في ظل هذا الحصار المائي، بات السكان يعانون من صعوبة شديدة في الحصول على مياه نظيفة. وتحدث شهود عيان لباحثي المركز عن اضطرار الكثيرين إلى شرب مياه ملوثة من الآبار، ما تسبب في انتشار أمراض منقولة بالمياه، مثل الإسهال والزحار والتهاب الكبد الوبائي (أ). وسجّلت وزارة الصحة في غزة نحو 1.7 مليون حالة مرضية منذ بدء العدوان، إلى جانب أكثر من 30 حالة وفاة مرتبطة بسوء التغذية والجفاف، معظمهم من الأطفال.

تدمير ممنهج للبنية التحتية المائية

أشار المركز إلى أن قوات الاحتلال دمرت 90% من مرافق المياه والصرف الصحي في غزة منذ أكتوبر 2023، وبات المواطن يحصل على أقل من 5 لترات يوميًا من المياه، وهو ما يقل كثيرًا عن الحد الأدنى المطلوب للبقاء. كما قصفت القوات الإسرائيلية خزانات مياه في المناطق السكنية، والمستودعات المركزية التي تحتوي على قطع غيار ومعدات إنتاج المياه، وقتلت أفرادًا من الطواقم الفنية أثناء محاولتهم إصلاح الأعطال.

تحذيرات من البلديات وتصاعد الأزمة

بلديات قطاع غزة بدورها حذرت من عجز كامل عن إيصال مياه الشرب للسكان، نتيجة توقف خطوط الإمداد، وانعدام الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء التي تدير آبار المياه.

انتهاكات جسيمة للقانون الدولي ونداء للعدالة

أكد المركز أن هذه السياسات تمثل خرقًا صريحًا للتدابير الاحترازية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، التي طالبت إسرائيل بتأمين وصول المياه والغذاء لسكان غزة دون عوائق. كما شدد على أن استخدام "التعطيش كسلاح" يرقى إلى جريمة حرب وفق ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت بالفعل مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وحث المركز المدعي العام للمحكمة على توسيع نطاق الملاحقات لتشمل مسؤولين آخرين ضالعين بشكل مباشر في حرمان الفلسطينيين من المياه، وعلى رأسهم وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي يسرائيل كاتس.

مناشدة دولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

طالب المركز في ختام تقريره المجتمع الدولي وأحرار العالم بـالضغط الفوري على إسرائيل لفتح المعابر الحدودية، والسماح بدخول الوقود والمواد الإغاثية العاجلة، خاصة تلك اللازمة لإعادة تشغيل محطات تحلية المياه، وخطوط ميكروت، وتأمين وصول الفرق الفنية لمواقع الأعطال.

كما دعا إلى إعلان قطاع غزة "منطقة منكوبة بيئيًا"، نظرًا للانهيار الكامل في نظام المياه والصرف الصحي، مطالبًا المقرر الأممي المعني بالمياه الآمنة باتخاذ موقف واضح وفضح الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين، محذرًا من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى كارثة إنسانية شاملة خلال أيام.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة