كشف تقرير إسرائيلي أن الجيش يخطط، ضمن استعداداته لاجتياح بري واسع في قطاع غزة، لإنشاء ثلاثة مراكز فقط لتوزيع المواد الغذائية، ستكون جميعها متمركزة في منطقة رفح جنوب القطاع، وسط غياب كامل لأي نقاط توزيع في شمال غزة، ما يثير مخاوف من تعميق أزمة التهجير القسري وتفاقم المجاعة.
توزيع مركّز في "مناطق مطهّرة" وتحت سيطرة أمنية مشددة
وبحسب ما أوردته إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن توزيع المواد الغذائية سيتم فقط داخل منطقة واقعة بين محوري "موراغ" و"فيلادلفيا"، والتي يصفها الجيش بأنها "مُطهّرة من المقاتلين"، وخاضعة لسيطرة عسكرية إسرائيلية مباشرة. ويسمح بدخول الفلسطينيين إليها فقط بعد تفتيش دقيق لضمان "عدم تسلل عناصر من حماس"، وفق مزاعم الجيش.
آلية توزيع تُسرّع التهجير وتحصر المساعدات في الجنوب
الخطة تنص على أن يحصل مندوب واحد عن كل عائلة على حصة أسبوعية تبلغ 70 كيلوغرامًا من المواد الغذائية، تعتبرها إسرائيل "كافية لمنع المجاعة". لكن غياب أي مراكز توزيع في شمال القطاع، ورفض إنشاء نقاط إضافية خارج رفح، يطرح مخاوف جدية من دفع السكان قسرًا نحو الجنوب، ضمن سياسة تهجير مبرمجة.
وتدرس إسرائيل إقامة مركز توزيع مؤقت واحد في الشمال يتم إغلاقه لاحقًا، وهو ما يُنظر إليه كوسيلة ضغط إضافية لإفراغ شمال القطاع من سكانه.
إدارة التوزيع عبر شركات خاصة وإقصاء "الأونروا"
تُدار عملية توزيع الغذاء عبر سجلات تديرها شركات أميركية خاصة وجمعيات محددة، في وقت تستبعد فيه الخطة أي دور لوكالة "الأونروا" أو مؤسسات الإغاثة الدولية. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية للإذاعة: "نعتقد أن هذه الآلية تضمن عدم وصول المساعدات إلى حماس"، وهو تصريح أثار استياء واسع من قبل منظمات أممية.
انتقادات دولية وتصاعد المخاوف من مجاعة شاملة
تأتي هذه الخطوة بينما يمنع الاحتلال إدخال المساعدات إلى غزة منذ 2 آذار/مارس، ما أدى إلى توقف كامل في دخول الغذاء، الدواء، والوقود. وأفادت تقارير أممية بأن 700 ألف فلسطيني في غزة باتوا بلا طعام كافٍ، وسط تحذيرات من تحول القطاع إلى "مقبرة جماعية بفعل الجوع".
من جانبه، أكد المفوض العام لوكالة "الأونروا"، فيليب لازاريني، أن منع إدخال المساعدات هو "مجاعة من صنع الإنسان تُستخدم كسلاح سياسي". فيما أعلن برنامج الأغذية العالمي يوم الجمعة أنه سلّم آخر مخزوناته إلى مطابخ الطعام في غزة، محذرًا من نفاد الغذاء بالكامل خلال أيام.
رسالة خطيرة: الغذاء مقابل النزوح
رغم تأكيد الحكومة الإسرائيلية أن غزة لا تعاني من نقص غذائي، تُجمع تقارير المنظمات الإنسانية على أن سكان القطاع يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في العالم. وبحسب مراقبين، فإن آلية التوزيع الحالية تمثل رسالة واضحة: الغذاء لمن يرضخ للنزوح، وهو ما يضع إسرائيل في دائرة الاتهام بارتكاب جريمة "تجويع جماعي ممنهج".