ترامب في المنطقة العربية هل من أمل؟

بقلم: مصطفى إبراهيم

مصطفى ابراهيم.jpg

بينما تجري الاستعدادات في الجيش الإسرائيلي لتوسيع العملية العسكرية الإجرامية التي يطلق عليها اسم "عربات جدعون"، واستدعاء لوائين إضافيين من الاحتياط، وذلك قبل يومين من بدء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط.

يعيش الناس في قطاع غزة حالة من التوتر الشديد لانتظار ما ستسفر عنها زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى السعودية وقطر والأمارات العربية من نتائج، ولا يهمم ما سيحصل عليه ترامب خلال الزيارة من تريليونات الدولارات والهدايا من الجواهر والذهب.

ما يعنيهم هو وضع حد لحرب الاباة، والإعلان عن وقف إطلاق النار، ويأمل الناس أن لا تمر الزيارة وضياع الفرصة، كما هو الحال مع العديد من الفرص التي تم الإعلان عنها وذهبت مع الريح.

الزيارة بالنسبة لترامب مجرد عمل تجاري وهو يفكر كرجل أعمال، وينطلق من الشعار (أمريكا أولاً وأخيرا)ً، وهي جزء من صفقة اقتصادية ضخمة تعتمد على قيمتها الترفيهية، ويتطلب هذا تدفقًا مستمرًا من الإيرادات.

حسب ما يتم تداوله من أخبار وتحليلات، ان ما سيفعله ترامب لن يتم تحديده إلا في اللحظة الأخيرة، ومن بين الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال تقديم مخطط أميركي صفقة لإنهاء الحرب. وفي الواقع هذه المهمة انيطت بـ ستيف ويتكوف الذي قدم مقترح إطلاق سراح نصف المختطفين الإسرائيليين الآن، والنصف الآخر عند انتهاء المفاوضات لإنهاء الحرب.

في موازاة المبادئ التي تضعها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، يتوقع بعض المعلقين الإسرائيليين أن ترامب سيقدم خطة مدعومة بدعم الدول العربية لإنهاء الحرب، من دون حماس في قطاع غزة.

وتسعى إسرائيل إلى إقناع ترامب بتضمين مسودة الاتفاق شرط جمع أسلحة حماس، بادعاء أنه إذا رفضت الحركة هذا المطلب فإن الصفقة ستنهار وستبقى الحكومة لمدة عام آخر.

إلى جانب ما سيحصل عليه ترامب من أموال الخليج والقضايا الاقتصادية الأميركية، وهي قضية المساعدات الإنسانية التي ستدخل غزة المحاصرة منذ 70 يومياً، وخرق دولة الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار. وقد تم تكليف ستيف ويتكوف بهذه المهمة الذي وضع بالتعاون مع إسرائيل آلية لإنشاء مؤسسة جديدة خاضعة للإشراف الإسرائيلي، مهمتها توزيع المساعدات وسيكون الاشراف الأمني عليها من قبل الجيش الإسرائيلي، بادعاء منع أي تدخل من حماس.

في الواقع هذه الخطة إسرائيلية واتضحت معالم عمل هذا الآلية خلال الإحاطة التضليلية الاحتيالية التي قدمها السفير الأميركي مايك هاكابي في إسرائيل قبل أيام، كما لو كانت هذه مبادرة أميركية مستقلة، الخطة تم تنسيقها مع إسرائيل.

الولايات المتحدة، أعدت وثيقة مكونة من 13 صفحة على أمل إقناع المانحين بالتبرع بالأموال، ولكن حتى الآن لم يبد أحد اهتماماً، وردت الإمارات العربية المتحدة سلبا، وكذلك قطر والمملكة العربية السعودية. ومن وجهة نظرهم، ليست هناك حاجة إلى الجسم الجديد، بل يمكننا إنهاء الحرب والعمل مع وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة.

هذه الخطة أو الآلية تم تصميمها وقدمتها إسرائيل للمجتمع الإنساني ستزيد معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، ورفضتها وكالات الأمم المتحدة التي قالت انها تخالف المبادئ الإنسانية الأساسية، بما في ذلك استخدام تقنية التعرف على الوجه كشرط مسبق للحصول على المساعدات.

وتحرم الفئات الأكثر ضعفاً التي لا تستطيع الوصول إلى المناطق العسكرية المقترحة من المساعدات، وتُعرّض أفراد عائلاتهم لخطر القتل والاصابة أثناء تنقلهم من وإلى هذه المناطق. كما ان استخدام المساعدات الإنسانية كطُعم لإجبار السكان على النزوح، وخاصة من الشمال إلى الجنوب، سيخلق خيارا مستحيلا بين النزوح والموت.

السؤال المهم الذي يطرح: من سيوفر الاموال؟ وترامب وحتى نتنياهو لن يدفعا الأموال لسواد عيون اهل غزة الذين يقتلون من قبلهما، ترامب الذي يسعى لجمع أموال دول العالم من خلال إجراءاته العقابية ووضعها في الخزينة الامريكية، ليس لديه أي نية في أخذ أموال دافعي الضرائب الأميركيين وصبها في غزة.

ولا تعرف إسرائيل كيف تقدر مدى الضغط الذي سيمارسه ترامب على دول الخليج هذا الأسبوع لاستثمار الأموال اللازمة لتفعيل الآلية. وهذا يرتبط أيضاً بمسألة "اليوم التالي" التي تدور في ذهن إسرائيل. إذا ضغط ترامب وجاء المال، فما الفائدة؟

ليس هناك الكثير من الوقت للتوصل إلى حل للمساعدات الإنسانية، إذ إن غزة تعيش المجاعة بشكل حقيقي، وما تبقى من الغذاء لا يسد حاجة الناس وتخطت المجاعة في غزة الخط الأحمر، ودولة الاحتلال كالعادة ليس لديها خطة بديلة إذا لم يتم تمويل خطة الصندوق.

البديل موجود وبسيط، وهو وقف الإبادة ورفع الحصار بفتح المعابر، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وإنقاذ حياة الناس من الموت.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت