كيف خدعت إسرائيل العالم بإعلان إدخال المساعدات إلى غزة؟

photo_2025-05-19_14-31-47.jpg

في مشهد دعائي بامتياز، أعلنت إسرائيل إدخال "مساعدات إنسانية" إلى قطاع غزة، مروّجة أمام وسائل الإعلام العالمية لما بدا وكأنه بادرة إنسانية لإنقاذ سكان القطاع من المجاعة. لكن خلف هذه الصورة المصطنعة، تتكشف خديعة مدروسة، تهدف لامتصاص الغضب الدولي المتصاعد، وشراء الوقت السياسي، دون أن تغيّر شيئًا من الواقع الكارثي في الميدان.

خمس شاحنات فقط

الجيش الإسرائيلي أعلن رسميًا أن خمس شاحنات محملة بمساعدات غذائية للأطفال دخلت غزة عبر المعابر بعد "فحص أمني دقيق". وقدمت الحكومة الإسرائيلية المشهد على أنه انفراجة إنسانية، بينما تصف الأمم المتحدة الوضع في غزة بأنه "كارثة إنسانية غير مسبوقة" تهدد أكثر من مليوني شخص بالمجاعة.

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس قال بوضوح إن ما يحدث هو "منع متعمد" لدخول المساعدات، وإن الأطنان من الإغاثة العاجلة متوقفة على بعد دقائق من القطاع، نتيجة القيود الإسرائيلية.

ضغوط دبلوماسية كشفت الوجه الحقيقي

الإعلان الإسرائيلي عن إدخال المساعدات جاء بعد ضغوط دولية متزايدة، لا سيما من فرنسا، بريطانيا، والولايات المتحدة. وأقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن القرار جاء "لتفادي المجاعة لأسباب دبلوماسية"، وليس بسبب شعور بالمسؤولية.

وفي الخلفية، ألغى نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس زيارة كانت مقررة لتل أبيب خشية أن تُفهم كدعم أميركي لتوسيع العدوان. كما نقلت مصادر أميركية أن واشنطن طلبت من إسرائيل السماح بإدخال المساعدات لتجنب انفجار سياسي أكبر، خاصة مع التحرك الأوروبي المتزايد في هذا الاتجاه.

خمس شاحنات تغطي على الحصار

بينما يحتفي الإعلام الإسرائيلي بإدخال خمس شاحنات، تكشف بيانات الأمم المتحدة أن هناك خطة لوجستية جاهزة لإدخال أكثر من 8,900 شاحنة، متوقفة بفعل الحصار. وتشمل الخطة مساعدات غذائية، دوائية، ومستلزمات معيشية، مع آليات رقابة دقيقة باستخدام رموز QR وتوزيع جغرافي شامل.

الأمم المتحدة أكدت أن ما تسمح به إسرائيل لا يكفي لتغطية 1% من الاحتياجات الفعلية، مطالبة برفع الحصار والسماح بدخول البضائع التجارية، وليس فقط المساعدات الطارئة.

إعلان دعائي... وواقع دموي

في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه إسرائيل دخول المساعدات، كثفت غاراتها الجوية على غزة، وقتلت أكثر من 80 مدنيًا، وواصلت عمليات التهجير والإخلاء القسري. كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن نقل خمس فرق قتالية للسيطرة على مزيد من المناطق داخل القطاع.

احتلال يختبئ خلف شاحنة

ما يحدث هو أن إسرائيل تستخدم ملف المساعدات لتجميل صورتها أمام العالم، في الوقت الذي تُبقي فيه الحصار مشددًا، والمعابر مغلقة، والناس يموتون جوعًا ومرضًا. وبينما سمحت بدخول خمس شاحنات، ترفض إدخال آلاف أخرى جاهزة، وتضع العراقيل أمام عمل المنظمات الدولية.

من جانبهم، وصف المتظاهرون الأوروبيون أمام معبر رفح ما يحدث بأنه "مجزرة بغطاء دولي"، مؤكدين أن أوروبا "لا تفعل ما يكفي"، وطالبوا بفرض حظر سلاح على إسرائيل ووقف التعاون الاقتصادي مع المستوطنات.

خداع إعلامي ومأساة إنسانية مستمرة

في النهاية، تظهر خدعة إسرائيل في المساعدات كجزء من لعبة دعائية، هدفها نزع الضغط السياسي، دون التراجع عن سياسة العقاب الجماعي. والمطلوب اليوم ليس دخول شاحنة أو خمس، بل رفع الحصار الكامل، ووقف العدوان، وضمان التدفق الحر للغذاء والدواء والكرامة.