أطلقت الأمم المتحدة عبر صندوق السكان (UNFPA) تحذيرًا جديدًا في تقريرها الإنساني رقم 17، مؤكدة أن قطاع غزة يشهد كارثة غير مسبوقة تمس النساء والفتيات على نحو خاص، وسط تفاقم الحصار الكامل وتدهور كافة مؤشرات الأمن الغذائي والرعاية الصحية.
يشير التقرير إلى أن أكثر من 700,000 امرأة وفتاة في غزة يواجهن صعوبات قاسية في الحصول على مستلزمات النظافة الشخصية، وخاصة الفوط الصحية، وسط انهيار منظومة الإمدادات وارتفاع الأسعار إلى خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب. وبحسب التقديرات، تحتاج غزة شهريًا إلى 10.3 مليون فوطة صحية، إلا أن هذه المواد أصبحت شبه معدومة بعد أكثر من ثلاثة أشهر على الحصار الشامل المفروض من قبل قوات الاحتلال.
وأكد التقرير أن الدورة الشهرية تحولت إلى "كابوس شهري" للفتيات والنساء في غزة، خاصة في ظل انعدام الخصوصية، وشح المياه، وغياب دورات المياه النظيفة، مما يعرض صحتهن الجسدية والنفسية إلى مخاطر متزايدة.
نساء حوامل بلا رعاية ومواليد يواجهون الموت
في الوقت نفسه، تستمر معاناة أكثر من 11,000 امرأة حامل في مناطق تصنّف ضمن "كارثة المجاعة" (المرحلة الخامسة وفق تصنيف IPC)، حيث يعانين من سوء تغذية حاد، وفقر دم، وغياب الرعاية الطبية الأساسية. يولد الأطفال في ظروف مأساوية، وبوزن ناقص في الغالب، فيما لا تعمل سوى 7 مستشفيات تقدم رعاية ولادة جزئية.
نقص حاد في الأدوية والأجهزة
أدى استمرار الحصار إلى نقص حاد في الأدوية الضرورية، مثل عقاقير منع النزيف ما بعد الولادة، والأجهزة الطبية، بما في ذلك أجهزة التصوير والموجات فوق الصوتية. كما تكدست المساعدات الطبية الحيوية على المعابر، دون إذن بالدخول منذ أكثر من عشرة أسابيع، ما يهدد بانهيار منظومة الصحة الإنجابية بالكامل.
خدمات الحماية في مهب الريح
وثّق التقرير إغلاق 3 مراكز آمنة للنساء، بينما تعمل 14 مركزًا آخر بقدرة منخفضة، ما يعرّض النساء لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاستغلال، والزواج القسري، والاعتداءات الجسدية. وسُجّلت 43 حالة انتحار لنساء خلال أربعة أشهر، في مؤشر خطير على عمق الأزمة النفسية والاجتماعية.
انهيار كامل في سبل الحياة
مع ارتفاع نسبة النزوح الداخلي إلى 1.9 مليون نازح، وانهيار منظومة المياه والصرف الصحي، سجل التقرير زيادة في معدلات العدوى، وارتفاعًا حادًا في الأمراض الجلدية والإسهال بين الأطفال والنساء. وفي ظل توقف أكثر من 60% من المستشفيات عن العمل، أصبحت الولادات تجري في أماكن غير آمنة، بما فيها الطرقات والملاجئ المكتظة.
تحذير أممي من تفاقم المأساة
رفضت الأمم المتحدة خطة إسرائيلية جديدة لتوزيع المساعدات عبر مراكز عسكرية، محذرة من أنها ستمنع النساء والفتيات من الوصول الآمن للغذاء والخدمات الصحية. واعتبرت الخطة تهديدًا مباشرًا لمبادئ العمل الإنساني، مؤكدة أن الحياد والاستقلالية في تقديم المساعدات أمر غير قابل للتفاوض.
دعوات أممية عاجلة لإنقاذ نساء وفتيات غزة
في ضوء التدهور الحاد في الوضع الإنساني والصحي بقطاع غزة، وجّه صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) جملة من الدعوات العاجلة إلى المجتمع الدولي، بهدف حماية النساء والفتيات وتفادي كارثة إنسانية أعمق:
رفع الحصار فورًا ودون شروط:
طالبت الأمم المتحدة بإنهاء الحصار الإسرائيلي الكامل المفروض على قطاع غزة، باعتباره العائق الأساسي أمام وصول الإمدادات الطبية والغذائية، مؤكدة أن استمرار الحصار يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي ويشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.
ضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومنتظم:
شددت المنظمة على ضرورة تسهيل وصول المساعدات، وخاصة المستلزمات الطبية والصحية الخاصة بالنساء، بما يشمل الفوط الصحية وأدوية الرعاية الإنجابية، دون تدخلات أو عراقيل سياسية أو عسكرية.
حماية النساء والفتيات من العنف والانتهاكات:
دعت الأمم المتحدة إلى توفير بيئة آمنة للنساء والفتيات في ظل تصاعد معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي، وطالبت بإعادة تفعيل المراكز الآمنة والخدمات النفسية والاجتماعية التي أغلقت بسبب الحرب.
توفير خدمات الصحة الإنجابية بشكل فوري:
أكدت المنظمة أن قطاع الصحة الإنجابية على وشك الانهيار، ما يتطلب استجابة طارئة تضمن وجود فرق طبية مؤهلة، وفتح ممرات إنسانية لإجلاء النساء الحوامل والمصابين إلى أماكن آمنة.
ضمان توفير مستلزمات الدورة الشهرية والنظافة الشخصية:
أشارت إلى أن غياب هذه المستلزمات يُعرض أكثر من 700,000 امرأة وفتاة لمخاطر صحية جسيمة، داعية إلى تخصيص دعم عاجل لتأمين الفوط الصحية والمياه النظيفة ومرافق النظافة الأساسية.
محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وفق القانون الدولي:
طالبت المنظمة بفتح تحقيقات مستقلة في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وعلى رأسهم النساء والفتيات، ومحاسبة الجناة أمام المحاكم الدولية، في إطار احترام اتفاقية حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف.