استنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان بأشد العبارات قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بقطع خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة عن قطاع غزة بشكل كامل، مما أدى إلى عزل أكثر من مليوني فلسطيني عن العالم الخارجي في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي واسع النطاق وارتكاب الجرائم بحق المدنيين بعيدًا عن أعين الإعلام ومؤسسات حقوق الإنسان.
وأكد المركز أن قطع الاتصال يهدف إلى حجب الحقائق ومنع نقل الأحداث الفظيعة التي يشهدها القطاع، في محاولة مبيّتة لتكريس الإبادة الجماعية بحق السكان المدنيين دون رقابة أو مساءلة دولية.
وأوضحت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الفلسطينية، في بيان صحفي، أن الانقطاع الكامل جاء بعد استهداف الخط الرئيسي الأخير لشبكة الفايبر، مما أدى إلى عزل محافظات الوسطى والجنوب، لتنضم إلى محافظتي غزة وشمالها اللتين عزلتا مسبقًا قبل يوم واحد. وأكدت الهيئة أن قوات الاحتلال تمنع منذ أشهر طواقم الإصلاح من الوصول إلى الكوابل المقطوعة أو المسارات البديلة، مما فاقم الكارثة الإنسانية.
ويعيش قطاع غزة أوضاعًا إنسانية متدهورة وغير مسبوقة، إذ أدى قطع الإنترنت والاتصالات إلى شلل شبه تام في القطاعات الحيوية، خاصة في مجالات الصحة والإغاثة والتعليم. وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنها تواجه صعوبات كبيرة في التواصل مع طواقمها الميدانية، ما يعيق الاستجابة الفورية للحالات الطارئة ويهدد حياة الجرحى والمرضى.
كما أكدت المستشفيات والمؤسسات الصحية أن خدمات الإسعاف والدفاع المدني باتت غير قادرة على تلقي نداءات الاستغاثة أو تزويد وسائل الإعلام بالبيانات الدقيقة حول أعداد الشهداء والمصابين جراء الغارات المتواصلة، ما يزيد من تعقيد جهود الإنقاذ والإغاثة.
وفي قطاع التعليم، حُرم آلاف الطلبة من متابعة دروسهم وأداء امتحانات نهاية العام الدراسي التي تُجرى عبر الإنترنت، مما ينذر بضياع عام دراسي كامل ويزيد من الأعباء النفسية والإنسانية على الأسر.
وبسبب الحاجة الملحة للتواصل، اضطر بعض الصحافيين والمواطنين لاستخدام وسائل بديلة باهظة الثمن ومعقدة تقنيًا، مثل الشرائح الإلكترونية وأجهزة البث عبر نقاط مرتفعة، مما يعرض حياتهم لخطر الاستهداف المباشر.
وأشار مركز الميزان إلى أن غزة تشهد جرائم قتل جماعي وقصفًا ممنهجًا يستهدف المنازل ومراكز الإيواء، فضلًا عن سياسة تجويع متعمدة ومنع الإمدادات الغذائية والطبية، ما أدى إلى انتشار سوء التغذية خاصة بين الأطفال، في ظل انهيار شبه كامل للنظام الصحي وعجز المستشفيات عن تقديم الرعاية في غياب الوقود وخدمات الاتصال.
وأكد المركز أن قطع الإنترنت والاتصالات يعد جريمة إضافية تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين في سياق سياسة الإبادة الجماعية المستمرة.
وطالب مركز الميزان المجتمع الدولي، خاصة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، بتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية والتدخل العاجل لوقف هذه الجريمة، وإنهاء الحصار الإسرائيلي، وإعادة خدمات الإنترنت والاتصالات فورًا، وتوفير الحماية للمدنيين والمؤسسات الإنسانية والطبية، وضمان حرية الإعلام ووصول الصحافيين إلى المعلومات، وتفعيل آليات المساءلة الدولية ووقف سياسة الإفلات من العقاب.