كشفت وكالة "رويترز" للأنباء أن مسؤولًا بارزًا في وزارة الخارجية الأميركية صادق الشهر الماضي على منحة مالية بقيمة 30 مليون دولار لصالح "صندوق غزة الإنساني" (GHF)، وذلك عبر تجاوز 9 إجراءات أمنية معمول بها في إطار الحماية من الاحتيال ومكافحة تمويل الإرهاب.
وبحسب التقرير، فإن المسؤول الأميركي جيريمي ليفين وقّع على قرار التمويل رغم تقديرات داخلية تشير إلى أن خطة تمويل الصندوق لم تستوفِ الحد الأدنى من الشروط المطلوبة، بما في ذلك تلك المتعلقة بمسائل الميزانية والرقابة.
ويُعد صندوق GHF المدعوم في اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مسؤول عن توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، في ظل الأزمة المتفاقمة التي يعيشها سكان القطاع نتيجة الحرب والحصار المتواصل.
وأشار التقرير إلى أن القرار أثار تساؤلات داخل الأوساط الرقابية الأميركية، خاصة في ظل تسارع وتيرة التمويل دون المرور بكامل آليات الفحص الأمني المعتمدة.
مراكز توزيع المساعدات تتحول إلى ساحات قتل تحت غطاء "العمل الإنساني"
في ظل المجاعة المتفاقمة في قطاع غزة، تتزايد الانتقادات الحقوقية والميدانية تجاه عمل ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي أصبحت منذ بدء عملياتها ساحة دامية لحصد أرواح المدنيين بدلًا من إنقاذهم.
فقد كشفت سلسلة متواصلة من الحوادث المروعة حول نقاط توزيع المساعدات التابعة للمؤسسة عن تصعيد خطير في استهداف الفلسطينيين العُزّل، وسط اتهامات للاحتلال باستخدام المساعدات كأداة لإخضاع السكان وإذلالهم، بدلًا من تلبية احتياجاتهم الأساسية في ظل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث.
ووفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فقد ارتفع عدد الشهداء إلى 163 شهيدًا و1,495 إصابة منذ بدء التوزيع، بينهم 36 شهيدًا و208 إصابات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، معظمهم من الجوعى والمشردين الذين كانوا يصطفون للحصول على الطحين والغذاء.
وتؤكد شهادات ميدانية وتقارير حقوقية أن هذه المراكز تُدار بإشراف مباشر من الجيش الإسرائيلي، وتُستخدم كـكمائن عسكرية، يتم عبرها استهداف الحشود المدنية بالقصف المباشر من الطائرات المسيّرة أو عبر نيران الدبابات، فيما أفادت مصادر بوجود مجموعات مسلحة محلية تعمل بالتنسيق مع الاحتلال لفرض السيطرة على المساعدات وفلترة المستفيدين.
ويُتهم الاحتلال بتحويل "GHF" إلى أداة أمنية وعسكرية عبر إخضاع المتقدمين للمساعدات لإجراءات تفتيش مشددة واستبعاد فئات واسعة من السكان بذريعة "الاشتباه الأمني"، في انتهاك صريح لمبادئ الحياد والاستقلالية التي يفترض أن تحكم العمل الإنساني.
هذه الممارسات، التي تترافق مع حرمان ممنهج من المساعدات الأممية وعرقلة دخول الشحنات الإغاثية الدولية، تثير قلقًا متصاعدًا من تحوّل سياسة توزيع المساعدات في غزة إلى سلاح قتل وتجويع جماعي يُمارس تحت أنظار المجتمع الدولي.