رغم الوعود المتكررة بتدفق المساعدات، ما زال سكان قطاع غزة يعانون من مجاعة خانقة وشح شديد في السلع الأساسية، وسط استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد للـشهر الخامس على التوالي، ما أدى إلى استشهاد المئات ووفاة عدد متزايد من الأطفال جوعًا.
شاحنات محدودة وصدمات في الشارع الغزي
خلافًا للتصريحات الإسرائيلية التي تحدثت عن إدخال كميات "هائلة" من المساعدات عبر معبر رفح وحاجزي زيكيم وكرم أبو سالم، فوجئ الفلسطينيون، أمس الأحد، بدخول عشرات قليلة فقط من الشاحنات، حملت كميات محدودة من الطحين والأرز، دون أي تغيير يذكر في آلية أو حجم الإمدادات.
وفي ظل التوقعات بحدوث انفراجة، خرج مئات الآلاف من المواطنين منذ ساعات الصباح الباكر إلى مناطق متفرقة على امتداد القطاع، على أمل الحصول على جزء من المساعدات المنتظرة. لكن الحرارة الشديدة، والانتظار الطويل، والخيبة من حجم المساعدات، تسببت بإرهاق واسع، وإصابة العشرات بضربات شمس، فيما عاد كثيرون خالي الوفاض.
الشهداء يتساقطون أثناء انتظار الطعام
رغم إعلان الاحتلال عن "هدنة إنسانية محددة" في الشريط الساحلي الغربي، الممتد من شمال مدينة غزة وحتى شمال رفح، سجلت المصادر الطبية استشهاد أكثر من 15 مواطنًا، وإصابة المئات خلال تدافع عند مراكز التوزيع أو سقوط حاويات إسقاط جوي.
كما شهدت المناطق الشمالية من القطاع إصابات خطيرة نتيجة سقوط حاويات مساعدات عشوائية على رؤوس المواطنين ومنازلهم، ما زاد من فوضى المشهد وتعقيد الحالة الإنسانية.
أسعار جنونية واستمرار المجاعة
في ظل ندرة المواد، وغياب تنظيم فعّال لتوزيعها، لم تنخفض أسعار السلع الأساسية. فـسعر كيلو الطحين لا يزال يتراوح بين 30 إلى 40 شيكلًا، بينما بلغ سعر كيلو الأرز نحو 60 شيكلًا، ما يجعله بعيد المنال عن أغلب العائلات الفقيرة.
وأكد المواطن محمود عبد الهادي، الذي انتظر 10 ساعات في منطقة السودانية، أن ما دخل من مساعدات لا يختلف عن الأيام السابقة، واصفًا الوضع بـ"المخيب"، ومتسائلًا عن القوافل الكبيرة التي وعد بها الاحتلال وبعض الأطراف العربية.
أما المواطن أحمد خليل الدنة، فأشار إلى استمرار المخاطرة اليومية في سبيل الحصول على كميات لا تكفي 1% من المحتاجين، معتبرًا أن "الموت والتعب والذل" بات جزءًا من "روتين المساعدة".
دعوات لعدم اعتراض الشاحنات... والواقع يزداد سوءًا
أعلن تجمع القبائل والعشائر في غزة نيته تأمين دخول شاحنات المساعدات إلى مستودعات المنظمات الأممية، داعيًا المواطنين إلى عدم اعتراضها حفاظًا على أرواحهم، في ظل الاستهداف المتكرر لمراكز التوزيع.
ورغم ذلك، تتفاقم المجاعة في غزة، ويستمر شح السلع في الأسواق وارتفاع أسعار القليل المتوفر منها، وسط استمرار سقوط ضحايا جدد يوميًا بسبب الجوع أو أثناء محاولات الحصول على المساعدات من مراكز أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالشراكة مع الولايات المتحدة.
مأساة مستمرة منذ شهور
وتشير الإحصائيات إلى أن المجاعة في قطاع غزة 2025 هي الأخطر في التاريخ الحديث، حيث تسببت في وفاة المئات جوعًا بشكل مباشر، إضافة إلى استشهاد أكثر من ألف مواطن خلال محاولاتهم اليائسة الوصول إلى الغذاء.