غزة/واشنطن – كشفت تقارير صحفية دولية عن تحركات سرية جرت خلال الأشهر الماضية لتنصيب رجل الأعمال الفلسطيني البارز والمسؤول السابق في السلطة الفلسطينية، سمير حليلة، محافظًا مُكلفًا لقطاع غزة، في إطار خطة "اليوم التالي" للحرب، برعاية جامعة الدول العربية وبدعم أميركي، مع قبول إسرائيلي مشروط.
وفق ما نشرته صحيفة "الغارديان"، فإن المبادرة يقودها آري بن مناشيه، وهو مسؤول إسرائيلي سابق مثير للجدل يقيم في كندا، ويعمل كجماعة ضغط لصالح حليلة مسجل لدى وزارة العدل الأميركية. تهدف الخطة إلى إيجاد شخصية فلسطينية تحظى بقبول دولي وإقليمي لإدارة القطاع بعد الحرب، على أن تكون تحت إشراف عربي–أميركي، بما في ذلك مشاركة مصر والسعودية، لضمان تجاوز المعارضة الإسرائيلية لدخول السلطة الفلسطينية رسميًا إلى غزة.
سيرة حليلة وخلفيات المبادرة
يقيم حليلة في رام الله، وهو اقتصادي مخضرم شغل عدة مناصب عليا في السلطة الفلسطينية، منها الأمين العام للحكومة الفلسطينية عام 2005، ووكيل وزارة الاقتصاد والتجارة، ورئيس مجلس إدارة المعهد الفلسطيني لأبحاث السياسات الاقتصادية، والمدير التنفيذي لشركة باديكو، ورئيس مجلس إدارة بورصة فلسطين. كما يُعد مقربًا من رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشار المصري، مؤسس مدينة روابي، المعروف بعلاقاته مع إدارة ترامب.
تشير وثائق وزارة العدل الأميركية إلى أن بن مناشيه حصل على 130 ألف دولار حتى الآن من أصل عقد قيمته 300 ألف دولار للترويج لترشيح حليلة، وأنه أجرى اتصالات رفيعة المستوى مع مسؤولين في قطر والسعودية ومصر لتعزيز الدعم للمبادرة.
ملامح الخطة المقترحة
الخطة، بحسب الوثائق، تتضمن:
-
وقف إطلاق نار دائم وإنهاء الحرب قبل أي خطوة تنفيذية.
-
نشر قوات أميركية وعربية في غزة، مع اعتراف الأمم المتحدة بوضع خاص للقطاع.
-
استئجار أرض من مصر في سيناء لبناء مطار وميناء بحري، إضافة إلى منح حقوق التنقيب عن الغاز قبالة سواحل غزة.
-
فتح ما بين 4 و5 معابر تجارية حرة بقدرة إدخال 600–1000 شاحنة مساعدات يوميًا، دون قيود إسرائيلية.
-
إعادة الأمن والنظام الداخلي عبر سلطة جديدة "ليست حماس ولا السلطة الفلسطينية"، ومنع بقاء أي سلاح من فصائل المقاومة.
-
ضخ 53 مليار دولار في إعادة الإعمار، بمساهمات من دول الخليج والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
المواقف والتطورات السياسية
يرى حليلة أن مهمته ستكون بمثابة "مدير مشروع" لإعادة إعمار غزة، مشددًا على ضرورة توفير الأمن للسكان وإنهاء سيطرة السلاح غير الشرعي. وأكد أن الولايات المتحدة وإسرائيل بدأتا مناقشة إنهاء الحرب وليس مجرد هدنة مؤقتة، مستشهدًا بتصريحات مبعوث ترامب لشؤون الرهائن، ستيف ويتكوف، الذي دعا إلى "حل شامل – إنهاء الحرب وإعادة جميع الرهائن دفعة واحدة".
وتأتي هذه التحركات في وقت صوّت فيه الكابينت الإسرائيلي ضد موقف الجيش والأجهزة الأمنية الرافض لخطة احتلال كامل غزة ونقل سكانها إلى مناطق محددة، وسط تساؤلات حول ما إذا كان القرار خطة عملياتية أم وسيلة ضغط على حماس.
وبينما يبقى مصير الخطة غامضًا، يشير مراقبون إلى أن ما يجري في واشنطن والعواصم الإقليمية يهدف إلى رسم ملامح غزة ما بعد الحرب، وسط ترتيبات قد تغير شكل الحكم والإدارة في القطاع جذريًا.