رئيس الوزراء محمد مصطفى يزور معبر رفح ويبحث مع القاهرة إعادة تشغيله وتدفق المساعدات

رئيس الوزراء مصطفى.jpeg

يبدأ رئيس وزراء فلسطين محمد مصطفى زيارة رسمية إلى مصر يوم الأحد، يعقُبها الاثنين تفقدٌ ميداني لمعبر رفح البري من الجانب المصري، في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية بقطاع غزة. ويهدف مصطفى إلى الاطلاع على ساحة المعبر والمستودعات المخصّصة لتخزين المساعدات الإنسانية والإغاثية، إلى جانب الوقوف على ترتيبات إدخال الإمدادات العاجلة.

وتتزامن الزيارة مع جهود مصرية مكثّفة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في القطاع الذي يتعرض لعدوان متواصل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأفادت مصادر دبلوماسية بأن مصطفى سيعقد مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عقب جولته في المعبر، لعرض آخر المستجدات الإنسانية ومسارات الوساطة.

وقال مصطفى إن “أولويتنا القصوى في هذه المرحلة وقف الإبادة الإسرائيلية ورفع الحصار”، في إشارة إلى المسارين السياسي والإنساني اللذين تسعى الحكومة الفلسطينية إلى دفعهما بالتوازي. وتُعدّ هذه أول زيارة لمسؤول فلسطيني رفيع إلى معبر رفح منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه وتدميره، الأمر الذي أدى إلى تعطّل دخول المساعدات ومنع مغادرة المرضى لتلقي العلاج خارج القطاع.

وخلال وجوده في المنطقة، سيزور رئيس الوزراء المستشفى الميداني القائم قرب المعبر للاطلاع على أوضاع الجرحى والمرضى واحتياجات الطواقم الطبية، فيما تبحث اللقاءات المقررة مع وزير الخارجية المصري التداعيات الإنسانية والطبية الكارثية واستحقاقات دعم عمل قوافل الإغاثة والقطاع الصحي.

سياسيًا، تأتي تحركات مصطفى على وقع تجاوب سبع فصائل فلسطينية—بينها حركة حماس—مع المبادرات والمقترحات الرامية إلى وقف الإبادة، مع التشديد على رفع الحصار وضمان تدفّق المساعدات. وتندرج هذه المواقف ضمن المساعي التي تقودها مصر وقطر للتوسط بين الأطراف، في محاولة لبلورة صيغة تضمن حماية المدنيين وإعادة فتح مسارات الإغاثة بصورة آمنة ومنتظمة.

ميدانيًا وإنسانيًا، تتحدث تقديرات فلسطينية عن تجاوز عدد الشهداء 61 ألفًا، إلى جانب أعداد كبيرة من المصابين والمفقودين، في ظل نزوح واسع وتعطل قطاعات حيوية مثل الصحة والمياه والكهرباء. هذا الواقع يفرض—بحسب الحكومة الفلسطينية—تحركًا دوليًا عاجلًا لوقف العدوان ورفع القيود التي تعرقل إدخال الغذاء والدواء والوقود، وإعادة القدرة التشغيلية للمستشفيات والمعابر.

وتعوّل رام الله على أن تفتح زيارة مصطفى إلى القاهرة نافذة عمل تنفيذية مع الشركاء المصريين والأمم المتحدة ووكالات الإغاثة، لتجاوز التعطيلات التي أصابت سلسلة الإمداد الإنساني عبر رفح، وإعادة تفعيل آليات تسمح بإجلاء المرضى وإيصال المساعدات إلى المناطق الأشد تضررًا. كما تسعى الحكومة إلى تأمين ضمانات لعدم تعرّض قوافل الإغاثة لمخاطر تعطل أو استهداف، وتمكينها من الوصول المنتظم إلى شمال ووسط وجنوب القطاع.

وبينما يواصل المصريون اتصالاتهم مع الأطراف كافة لتقليص فجوة الخلافات في ملفات وقف النار والمبادلة وترتيبات ما بعد الهدنة، تبدو جولة رئيس الوزراء الفلسطيني فرصة لعرض تصوّر عملي لإعادة تشغيل المعبر وتوسيع القدرة اللوجستية على استقبال وتخزين وتوزيع المساعدات، بالتوازي مع مرافعة سياسية تؤكد أن أي مسار إنساني لن يصمد من دون معالجة جذرية لأسباب المأساة: استمرار العدوان وإحكام الحصار.

تحمل زيارة محمد مصطفى إلى القاهرة أبعادًا إنسانية وسياسية متداخلة: تفقدٌ للمعبر والمستودعات والمستشفى الميداني، ومباحثات لتعزيز مسارات الوساطة، ورسالة واضحة بأن وقف الإبادة ورفع الحصار شرطٌ لازم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة المدنيين في غزة. وفي انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات، تبقى العيون معلّقة برفح حيث تمرّ شرايين النجاة التي تحدد—إلى حد بعيد—مآلات اليوم التالي في القطاع المحاصر.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله