عاد قرابة نصف مليون نازح إلى مدينة غزة ومناطق شمالي القطاع منذ بدء سريان وقف إطلاق النار يوم الجمعة، بموجب الاتفاق المبرم بين إسرائيل وحركة حماس. وأكد القيادي في الحركة أسامة حمدان أن عملية التبادل «ستبدأ صباح الإثنين كما هو متفق عليه»، لافتًا إلى عدم وجود «تطورات جديدة» على هذا الصعيد حتى الآن.
قالت وزارة الصحة في غزة إنها انتشلت جثامين 116 شهيدًا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وإن 35 شهيدًا و72 مصابًا وصلوا إلى المستشفيات في الفترة ذاتها، لترتفع حصيلة الضحايا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى 67,682 شهيدًا و170,033 إصابة. وفي الأثناء، أفاد الدفاع المدني بأن نحو 10 آلاف ما زالوا مفقودين تحت الأنقاض وسط نقص حاد في المعدات واتساع رقعة الدمار، وقال إن طواقمه عثرت على لعب أطفال ومعلّبات طعام مفخخة اتُّهمت القوات الإسرائيلية بزرعها «لاستهداف المدنيين»، وهي مزاعم يتعذّر التحقق منها استقلاليًا في الظروف الراهنة.
ميدانيًا، تواصلت التحركات العسكرية الإسرائيلية في بعض المناطق، وسُجّل فجر اليوم إطلاق نار كثيف شمال شرقي خانيونس. وعلى خط الإمداد الإنساني، اصطفت صباح الأحد شاحنات مساعدات عند كرم أبو سالم والعوجة استعدادًا لإدخال نحو 400 شاحنة محمّلة بالغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية، وسط دعوات إلى تسريع تشغيل المخابز ورفع القدرة الاستيعابية للإغاثة. وفي تطور إنساني مؤلم، أفادت مصادر محلية باستشهاد الطفلة هدى أبو النجا التي كانت تعاني سوء تغذية حادًا بسبب استمرار إغلاق المعابر ومنع سفرها للعلاج.
سياسيًا وأمنيًا، زار المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال براد كوبر موقعًا داخل غزة للتحقق من الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء ما يُعرف بـ«الخط الأصفر» ضمن ترتيبات الهدنة وإعادة التموضع. وبعد الجولة، ألمح كوبر إلى بحث تأسيس مركز لتنسيق أنشطة دعم الاستقرار بعد الصراع، على أن يكون داخل الأراضي الإسرائيلية لمتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار وخريطة الانتشار.
وفي ملف توازنات ما بعد الحرب، قال مسؤول في حماس إن نزع سلاح الحركة «خارج النقاش»، بينما أوضح القيادي حسام بدران من الدوحة أن حماس لن تكون طرفًا في مراسم التوقيع التي سيحضرها الوسطاء ومسؤولون أميركيون وإسرائيليون، معتبرًا أن المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب «معقدة وتتطلب مفاوضات أطول». وتوازى ذلك مع إعلان هيئة البث الإسرائيلية بدء نقل الأسرى الأمنيين المقرر الإفراج عنهم إلى سجني عوفر وكتسيعوت تمهيدًا لإطلاق سراحهم تزامنًا مع إفراج غزة عن الرهائن صباح الإثنين، وفق تقديرات منسق شؤون الأسرى في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
دوليًا، أكد مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مشاركته الإثنين في القمة الدولية حول غزة في شرم الشيخ برئاسة مشتركة بين الرئيسين ترمب وعبد الفتاح السيسي، على أن يعود إلى نيويورك الأربعاء. بدوره، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر توجهه إلى مصر لحضور حفل توقيع خطة إنهاء الحرب، واصفًا الحدث بأنه «نقطة تحوّل تاريخية». ونقلت تقارير أن دعوات وُجّهت إلى دول عدة بينها إسبانيا وإيران للمشاركة.
ميدانيًا أيضًا، أعلنت كتائب القسام أنها استهدفت دبابتين «ميركافا» يوم الخميس 9 تشرين الأول/أكتوبر، الأولى بعبوة أرضية شديدة الانفجار قرب مسجد شهداء المجمع جنوب غرب حي الزيتون، والثانية بقذيفة «الياسين 105» في منطقة اليرموك شمالي المدينة. كما أفادت مصادر صحافية بالعثور على جثماني المحامي إبراهيم حسين ومحمد شريم بعد نحو أسبوع على فقدانهما إثر قصف قرب مستشفى النصر غربي غزة.
تُبرز هذه الوقائع حجم التحدّيات الإنسانية واللوجستية أمام تثبيت الهدنة وتحويلها إلى تهدئة مستدامة: عودة واسعة للسكان مع شحّ في المأوى والخدمات، حاجة ملحّة إلى رفع أنقاض وإزالة مخلفات الحرب وتأمين المياه والطاقة، وتنسيق دقيق لتدفقات المساعدات بالتوازي مع ترتيبات تبادل الأسرى/الرهائن. وفي انتظار اختبار الاثنين كموعد مفصلي لبدء عمليات الإفراج، تبدو قمة شرم الشيخ محطة سياسية أساسية لضبط إيقاع التنفيذ وتحصينه بضمانات دولية.