قالت صحيفة اسرائيل هيوم إن زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر إلى الرياض وأبوظبي لم تَسِر كما توقّعت واشنطن، بعدما وضع السعوديون شرطين أساسيين للمشاركة في إعادة إعمار قطاع غزة، ورفضوا تولّي دورٍ محوري في الخطة الأميركية لإنهاء الحرب.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي سعودي أن الرياض رفضت الطلب الأميركي بقيادة ترتيبات الأمن والإدارة المدنية والاستثمار في الإعمار، موضحًا أن الرد الذي سُلِّم للمبعوثَين كان «قاطعًا»: أولًا، نزع سلاح حماس وتسليمها السلطة؛ وثانيًا، إشراك السلطة الفلسطينية مبكرًا في عملية الإعمار وتولّي المسؤولية الحكومية. وأضاف المصدر أن النقاش حول غزة كان «مقتضبًا»، فيما استحوذت الاتفاقية الأمنية الأميركية–السعودية على معظم وقت الاجتماع.
وقال مسؤول سعودي رفيع إن دول الخليج «قلقة جدًا» من الاتفاقية الأمنية الشاملة بين الولايات المتحدة وقطر، معتبرًا أن «ذلك يعني ضمان بقاء حماس في غزة وعودتها إلى السلطة في أول فرصة». وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض وأبوظبي وجّهتا في السابق انتقادات حادّة لمساعي واشنطن لتعزيز دور قطر الإقليمي، وأن السعوديين يطالبون اليوم باتفاقية أمنية موازية على الأقل «ولكن بشروطٍ أفضل»، فضلًا عن قلقهم من استمرار دعم الدوحة لفروع جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة وما يسبّبه ذلك من «تقويضٍ لاستقرار دول عربية»، بحسب تعبيرها.
وبحسب الصحيفة، يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الشرط السعودي الأول المتعلق بتفكيك حماس «مقبول بصدرٍ رحب»، بينما يثير الشرط الثاني الخاص بمشاركة السلطة الفلسطينية «قلقًا بالغًا» في تل أبيب. وتُضيف أن السعوديين يربطون دعمهم للسلطة بحزمة إصلاحات واسعة تشمل مكافحة التطرّف، غير أن هذه الشروط لم تُطرح في الاجتماع الأخير.
وقالت الصحيفة إن كوشنر وويتكوف نقلا كذلك رسائل إسرائيلية إلى السعوديين حول «اليوم التالي» والتطبيع وتوسيع اتفاقيات أبراهام. وأوضحت أن خلاصة اللقاء كانت أن لا تقدّم سياسيًا—بما في ذلك الانضمام إلى الاتفاقيات—من دون أفقٍ حقيقي لإقامة دولة فلسطينية وفق الرؤية السعودية.
وفي الإمارات، ذكرت الصحيفة أن الرسائل حملت نبرة دبلوماسية أكثر هدوءًا وإن ظلّت المضامين متقاربة؛ إذ تشارك أبوظبي بالفعل في إعادة تأهيل وبناء البنية التحتية في مناطق إنسانية تُقام في أراضٍ خاضعة للسيطرة الإسرائيلية. وبحسب البيان الرسمي، ركّزت محادثات المبعوثين الأميركيين مع طحنون بن زايد، مستشار الرئيس محمد بن زايد، على سبل إرساء الاستقرار وضرورة إنهاء الحرب.
لكن تصريحات أنور قرقاش، المستشار السياسي لابن زايد وأحد أبرز وجوه السياسة الخارجية الإماراتية، بدت أكثر وضوحًا بشأن شروط الانخراط الواسع؛ إذ قال: «العودة إلى ما قبل 7 أكتوبر لن تكون صائبة ولن تُسهم في الحل… الإمارات تدعم التحركات الأميركية بشرطين: توضيح الوضع السياسي المستقبلي، والحاجة إلى أرضية أمنية مستقرة. لن نرسل أبناءنا إلى ساحة معركة دون فهمٍ واضح للوضع على الأرض».
وخلصت الصحيفة إلى أن الرسالة الواضحة من أبوظبي هي أن الإمارات ستواصل على الأرجح تقديم المساعدة والتمويل للإعمار في المناطق الإنسانية الآمنة، لكنها ستبقى—مع السعودية—خارج المشهد السياسي في الوقت الراهن، ما يعني أن وزن قطر ومصر وتركيا سيظل مهيمنًا في الملف، وهو «بالضبط ما تخشاه عواصم خليجية»، على حدّ وصفها.
