«هآرتس»: إجراء إسرائيلي جديد يقيّد عمل عشرات المنظمات الإنسانية ويُعلّق آلاف الأطنان من المساعدات خارج غزة

شاحنات تحمل مساعدات تدخل جنوب قطاع غزة (رويترز).webp

كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية، الثلاثاء، عن إجراء حكومي جديد أجبر عشرات المنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة والضفة الغربية على وقف أنشطتها، رغم حصول كثير منها سابقًا على موافقات إسرائيلية للعمل. وقالت الصحيفة إن الإجراء الصارم أبقى «آلاف الأطنان من المواد الغذائية ومعدات الإغاثة خارج غزة»، بينما تتفاقم الحاجات الإنسانية في القطاع.

وبحسب «هآرتس»، شدّد الإجراء شروط دخول المنظمات إلى غزة والضفة، وألزمها بتقديم تفاصيل موسّعة عن موظفيها الفلسطينيين والأجانب وأفراد عائلاتهم. وتم إعداد الإجراء في مارس/آذار الماضي عقب نقل اختصاص تسجيل المنظمات من وزارة الرفاه إلى وزارة الشتات برئاسة عمّيحاي شيكلي (الليكود)، ما منح الوزارة صلاحيات أوسع لرفض الطلبات. وتشمل أسباب الرفض، وفق الصحيفة، إنكار «وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية» أو «العمل على نزع الشرعية عنها»، ودعم «محاكمة مواطنين إسرائيليين» في الخارج أو أمام محكمة دولية، فضلًا عن نشر دعوات علنية لمقاطعة إسرائيل خلال السنوات السبع السابقة لتقديم الطلب.

وقالت الصحيفة إن وزارة الشتات أعلنت، منذ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، رفض 14 طلبًا من أصل 100 تقدّمت بها منظمات، فيما لا تزال بقية الطلبات قيد الفحص. ومن بين المنظمات التي تنتظر ردًا رسميًا، وفق التقرير، مؤسسات دولية كبرى مثل «أوكسفام» و«أنقذوا الأطفال» والمجلس النرويجي للاجئين (NRC). وأشارت «هآرتس» إلى أن عددًا من المنظمات يرفض تقديم قوائم موظفيه لاعتبارات قانونية تتصل بالخصوصية في بلدانها الأصلية، ما يعمّق حالة الجمود الإداري ويعطّل تدفق المساعدات.

وتحديدًا في ما يتصل بالحركة اللوجستية، أفادت «هآرتس» بأنه من دون التسجيل الرسمي لا يُسمح للمنظمات بإدخال الغذاء أو أي مساعدات إلى غزة، ولا يحصل موظفوها على تأشيرات دخول إلى إسرائيل، كما يتعذّر عليهم شراء المعدات أو نقلها عبر الأراضي الإسرائيلية. وذكرت الصحيفة أن محاولات بعض المنظمات تمرير البضائع عبر وكالات أممية أو منظمات أخرى تحمل تصاريح قائمة جرى منعها هي الأخرى، ما أدى إلى تكدّس «عدد كبير من المعدات والمستلزمات» في إسرائيل والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، بينها مراتب وخيام وأغطية بلاستيكية ومعدات لتحلية المياه ومواد عزل وملابس شتوية ومستلزمات نظافة شخصية وكميات كبيرة من المواد الغذائية.

وفي سياق متصل، تطرّقت «هآرتس» إلى «مؤسسة غزة الإنسانية» التي أنشأتها إسرائيل والولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي لتوزيع المساعدات بعيدًا عن قنوات الأمم المتحدة وبعض المنظمات الكبرى. وأوضحت الصحيفة أن المؤسسة وُجّهت لها انتقادات شديدة قبل توقفها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أضاف طبقة جديدة من التعقيد أمام سلاسل الإمداد.

ورغم الهدوء النسبي الذي أعقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت «هآرتس» إن الوضع الإنساني في غزة «لا يزال صعبًا للغاية»: مئات الآلاف من الفلسطينيين يعيشون في خيام، شبكات المياه والصرف والكهرباء مدمّرة، المستشفيات تحت ضغط الجرحى والمرضى، أسعار الغذاء مرتفعة، واعتماد واسع على المساعدات للبقاء. ونقلت الصحيفة عن مديرة السياسات في «أوكسفام» بالأراضي الفلسطينية، بشرى الخالدي، قولها إن الإجراء الجديد «جزء من سياسة أوسع تمثل عقابًا جماعيًا يجعل غزة مكانًا غير صالح للعيش».

وأشارت «هآرتس» إلى أن إسرائيل واصلت، منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار، خرقه «عبر تنفيذ هجمات أو منع دخول المساعدات بالكميات المتفق عليها»، موضحة—استنادًا إلى إحصاءات حكومية—أن متوسط عدد الشاحنات التي دخلت منذ بدء الاتفاق لا يتجاوز 89 شاحنة يوميًا من أصل 600 مطلوبة لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.

ويعكس الإجراء الجديد، وفق ما خلصت إليه «هآرتس»، تحوّلًا إداريًا وأمنيًا يزيد القيود على المنظمات الإنسانية في مسارات التسجيل والدخول ونقل الإمدادات، ما ينعكس مباشرة على قدرة هذه الجهات على الاستجابة للاحتياجات المتفاقمة في غزة، ويُبقي كميات كبيرة من المساعدات معلّقة خارج القطاع في ظل شتاء وشيك وظروف معيشية قاسية.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة