حذّر الصحفي الاقتصادي محمد خبيصة من أن تجديد العلاقة المصرفية بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية لمدة لا تتجاوز 14 يومًا فقط، يمثّل تطورًا خطيرًا و"مرحلة جديدة من التضييق" على النظام المالي الفلسطيني، في ظل غياب اتفاق إسرائيلي واضح بشأن مستقبل هذه الترتيبات.
وأوضح خبيصة، في حديث إذاعي، أن الآلية التي تنظّم التعاملات المالية بين الجانبين – والمعروفة بـ"آلية التعويض" – جرى تجديدها مؤخرًا لفترة أسبوعين فقط، بعد أن كانت تمدّد سابقًا لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، في حين كانت فترة التجديد قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تمتد لعام كامل.
تهديد مباشر للتجارة والوقود والكهرباء
وبيّن خبيصة أن انتهاء العمل بالآلية دون تجديد فعلي يعني عمليًا أن البنوك الفلسطينية لن تكون قادرة على تنفيذ التحويلات المالية إلى البنوك الإسرائيلية، وعلى رأسها بنك "ديسكونت" و"هابوعليم"، اللذين يشكّلان القناة الأساسية لتسوية المدفوعات بين الطرفين.
وقال إن أبسط مثال على ذلك أن "الشيك الإسرائيلي لن يكون قابلًا للتسييل في البنوك الفلسطينية إذا تعطّلت هذه الآلية"، في إشارة إلى حجم التغلغل الإسرائيلي في مفاصل الاقتصاد الفلسطيني.
وأضاف أن التحويلات التجارية الكبرى، مثل أثمان الوقود الذي يقدَّر استهلاك السوق الفلسطينية منه بنحو 100 مليون لتر شهريًا، وفواتير الكهرباء وغيرها من المدفوعات الرسمية، لا تتم نقدًا، بل عبر التحويلات المصرفية الرسمية التي تغطيها آلية التعويض بين القطاع المصرفي الفلسطيني والبنوك الإسرائيلية المراسلة.
تجديد عبر البريد الإلكتروني وتهميش سلطة النقد
وكشف خبيصة أن البنوك الفلسطينية تسلّمت، يوم أمس، رسالة عبر البريد الإلكتروني من البنكين الإسرائيليين المراسلين، تفيد بتجديد العمل بالآلية لمدة 14 يوم عمل فقط، دون إبلاغ رسمي لسلطة النقد الفلسطينية، وهو ما اعتبره "إشارة إضافية إلى تضييق متعمد، ودخول العلاقة المصرفية في مرحلة جديدة أكثر هشاشة وحساسية".
آلية "مجحفة" لكنها تحمي البنوك من الدعاوى القضائية
ورغم وصفه لآلية التعويض بأنها "مجحفة بحق الاقتصاد الفلسطيني والقطاع المصرفي"، أوضح خبيصة أنها وُجدت أساسًا لحماية البنكين الإسرائيليين المتعاملين مع المصارف الفلسطينية من دعاوى قضائية بتهم "تمويل الإرهاب"، سواء في المحاكم الأميركية أو الإسرائيلية.
وأشار إلى أن بنوكًا عاملة في السوق الفلسطينية – من بينها البنك العربي، وبنك فلسطين، وبنك الاستثمار الفلسطيني، وبنك القاهرة عمان – تعرضت منذ عام 2013 وما قبله لدعاوى قضائية رفعها إسرائيليون يحملون الجنسية الأميركية أمام محاكم في الولايات المتحدة، إلى جانب دعاوى أخرى أمام المحاكم الإسرائيلية، ما دفع إسرائيل إلى فرض هذه الآلية لتأمين البنوك الإسرائيلية المراسلة قانونيًا في تعاملها مع المصارف الفلسطينية.
وختم خبيصة بالتأكيد أن قصر مدة التجديد إلى أسبوعين فقط، من دون اتفاق سياسي واقتصادي واضح داخل الحكومة الإسرائيلية، يفتح الباب أمام أزمة اقتصادية ومالية شاملة تهدد التجارة والخدمات الأساسية في الأراضي الفلسطينية، وتضع البنوك، والسلطة الفلسطينية، والمستهلك في دائرة قلق متصاعد بشأن "اليوم التالي" لانتهاء هذا التمديد المؤقت.
