قتل ثلاثة أشخاص يوم الاثنين ديسمبر/كانون الأول 2025 وأصيب آخرون بجروح جراء اشتباكات اندلعت في مدينة حلب في شمال سوريا بين القوات الحكومية والقوات الكردية، تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبب لها، في وقت حضّ وزير الخارجية التركي الأكراد على ألا يشكلوا “عائقا” أمام وحدة سوريا واستقرارها.
ووصل الاثنين وفد تركي إلى دمشق ضمّ وزير الخارجية هاكان فيدان ووزير الدفاع يشار غولر ورئيس جهاز الاستخبارات العامة إبراهيم كالن حيث التقوا الرئيس السوري أحمد الشرع، في زيارة قالت أنقرة إن هدفها البحث في العلاقات الثنائية والاتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديموقراطية، التي يقودها الأكراد، في وقت توشك مهلة تنفيذ بنود اتفاق بين الأكراد والسلطات على الانتهاء.
وفي وقت لاحق الاثنين، أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية نقلا عن مديرية الصحة في محافظة حلب عن مقتل “مدنيين” اثنين، و”إصابة 8 بجروح” جراء قصف نسبته لقوات سوريا الديموقراطية على أحياء كبرى مدن شمال سوريا.
وأعلنت من جهتها قوات سوريا الديموقراطية عن مقتل امرأة وإصابة ستة مدنيين بجروح، “نتيجة استهداف أحياء الشيخ مقصود والأشرفية من قبل مسلحي فصائل حكومة دمشق”.
ونفت قوات سوريا الديموقراطية “الادعاءات عن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لحكومة دمشق حول استهداف أحياء حلب من قبل قواتنا”.
وفي وقت سابق، اتهمت وزارة الداخلية السورية قوات سوريا الديموقراطية المتمركزة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في المدينة بمهاجمة “قوات الأمن الداخلي المتمركزة في الحواجز المشتركة… رغم الاتفاقات المبرمة”، مضيفة أن الهجوم أدى إلى “إصابة عنصر من قوات الأمن الداخلي وعنصر من الجيش”.
وأفادت مديرية الإعلام التابعة لمحافظة حلب عن إصابة 3 عناصر من الدفاع المدني بجروح إثر هجوم نسبته إلى قوات سوريا الديموقراطية.
أعلنت من جهتها قوات الأمن الداخلي التابعة للأكراد عن إصابة اثنين من عناصرها “إثر هجوم نفذته فصائل مرتبطة بوزارة الدفاع في حكومة دمشق على حاجز في دوار الشيحان بحلب”.
ونفت وزارة الدفاع مهاجمة مواقع تابعة لقوات سوريا الديموقراطية، مضيفة أن الأخيرة هاجمت “بشكل مفاجئ نقاط انتشار” قوات الأمن والجيش.
وتسيطر القوات الحكومية على حلب منذ أطاحت فصائل معارضة بالرئيس السابق بشار الأسد في كانون الأوّل/ديسمبر 2024. لكنّ قوات كردية محلية مرتبطة بقوات سوريا الديموقراطية وقوى الأمن الداخلي التابعة لها (الأسايش) تسيطر على حيي الشيخ مقصود والأشرفية.
وفي تشرين الأول/أكتوبر أعلنت السلطات السورية التوصل إلى “وقف شامل لإطلاق النار” مع الأكراد بعد مواجهات في حلب.
-“الأمن القومي”-
وبعيد الاشتباكات، اتهمت الإدارة الذاتية الكردية في بيان “القوات التابعة للحكومة الانتقالية” بشنّ هجوم علي حيي الشيخ مقصود والأشرفية، معتبرة أنه يهدف إلى “إفشال الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي شامل يلبّي تطلعات السوريين كافة”.
وجاء ذلك بعدما قال وزير الخارجية التركي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري أسعد الشيباني “من المهم أن يتم دمج قوات سوريا الديموقراطية في الإدارة السورية من خلال الحوار والمصالحة، وبشكل شفاف، وألا تعود تشكّل عائقا أمام وحدة الأراضي السورية واستقرارها على المدى الطويل”.
وتابع “نرى أنهم لا ينوون إحراز تقدم يُذكر” من أجل تطبيق الاتفاق الذي وقعه الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي في العاشر من آذار/مارس.
وتضمّن الاتفاق بنودا عدّة على رأسها دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لللإدارة الذاتية الكردية في المؤسسات الوطنية بحلول نهاية العام. إلا أن تباينا في وجهات النظر بين الطرفين حال دون إحراز تقدم في تطبيقه حتى الآن، رغم ضغوط تقودها واشنطن بشكل رئيسي.
وأعلن الشيباني من جهته إن دمشق تلقت الأحد ردا من قوات سوريا الديموقراطية على صيغة اقتراح قدمته لها وزارة الدفاع السورية من أجل دمج مقاتليها في صفوف الجيش السوري.
وقال خلال المؤتمر الصحافي “يجري العمل الآن على دراسة هذا الرد وكيفية استجابته للمصلحة الوطنية، في أن يحقق الاندماج ويحقق ارضا سورية واحدة موحدة”، مضيفا “سيُرد على هذا المقترح إلى الجانب الأميركي في القريب العاجل”.
ونص المقترح الذي تسلمته قوات سوريا الديموقراطية الاسبوع الماضي، وفق ما قال مصدر كردي لفرانس برس في وقت سابق على “دمج قواتها في صفوف الجيش السوري، على أن يتمّ تقسيمها الى ثلاث فرق وعدد من الألوية بينها لواء خاص بالمرأة”، تنتشر في مناطق سيطرتها في شمال شرق سوريا ويتولى إدارتها “قيادات” منها.
وهذه أول مرة تسلّم فيها دمشق القوات الكردية المدعومة أميركيا مقترحا مكتوبا منذ توقيع الاتفاق، وفق المصدر الكردي المطلع على المحادثات بين الطرفين، والذي تحدّث عن “جهود دولية واقليمية تُبذل من أجل توقيع الصيغة النهائية قبيل انتهاء العام”.
وقبيل وصول الوفد التركي، قالت الخارجية السورية في بيان إن اتفاق 10 آذار/مارس “يمسّ عن قرب أولويات الأمن القومي لتركيا”، مع اعتبار أنقرة استمرار وجود قوات كردية عند حدودها تهديدا لامنها.
وكان فيدان حذّر الأسبوع الماضي من أن أي إرجاء جديد للاندماج في الجيش السوري “يهدّد الوحدة الوطنية” للبلاد، ونبه من “نفاد صبر” شركاء الاتفاق.
وتعد تركيا من الداعمين الرئيسيين للسلطات الانتقالية في دمشق.
