فتح انطلاقة ثوار عشقوا الكفاح والشهادة / لؤي زهير المدهون

        أحييكم بتحية الحرية والديمقراطية تحية الوحدة والسيادة الوطنية تحية الثورة ثورة الياسر أبو عمار ومن سار على دربه من القيادات التاريخية للشعب الفلسطيني ليلتحقوا بالثورة الفلسطينية لتصبح ثورة الكل الفلسطيني ثورة الحكيم جورج حبش ونايف حواتمة وياسر عبد ربه وصالح رأفت وسمير غوشة وغيرهم، حقا إنها ثورة العمالقة ثورة البقاء حتى الانتصار، ويسعدني في هذا اليوم الخالد يوم الأول من يناير الذي استطاع شعبنا فيه قبل سبعة وأربعون عاماً أن يحقق واحداً من أبرز الانتصارات التي يزخر بها تاريخه الكفاحي الطويل، والذي تحيي ذكراه جماهير شعبنا في الوطن والشتات يوما وحدوياً شامخاً؛ أن أبرق التهنئة فكل التحية إلى جماهير شعبنا وإلى كل مناضلي ورواد الثورة الفلسطينية الخالدة ثورة الأول من يناير الذي توج بها شعبنا كفاحه المسلح بمحاربته الاحتلال من اجل انتزاع استقلاله الوطني وما زال يناضل باسم ثورته لتحرير الأرض والإنسان من نير الاحتلال وتقرير المصير .


 


        إن هذا اليوم الذي يحتفي به شعبنا يمثل سمة بارزة من سمات الوحدة الفلسطينية الوثيقة، ويعكس في نفس الوقت الترابط الجدلي بين ثوراته ونضالاته ضد الغزاة والمحتلين وحلفائهم، وضد كل أصناف الظلم والعدوان، كما يشكل هذا اليوم بداية جديدة وجدية للمسيرة الوحدوية الظافرة والتي مكنت شعبنا من تحقيق هدفه الاستراتيجي العظيم بإحياء وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة شاملة وواعدة متجاوزة كل أنواع الصعاب والمعوقات ومختلف المنعطفات والمخاطر التي واجهت قضيتنا الفلسطينية بأن أصبح الفلسطينيون أحرارا في ممارسة جميع الحقوق التي تمارسها الأمم المستقلة، وصار من حقوقها ومن واجبها أن يتولى أبناؤها بنفسهم شؤونهم السياسية والإدارية والمدنية، وأن يعملوا جاهدين على إنقاذ وطنهم وصيانة أبناؤهم .


 


        لقد عزز شعبنا انتصاره التاريخي بتفجير ثورة الأول من يناير 1965 الظافرة ليواجه الاحتلال الإسرائيلي ويجبره على الرحيل من الأرض الفلسطينية برغم ما كان يمتلكه من قوة وما امتلأت به ترسانته الاحتلالية من أسلحة تدميرية وعتاد عسكري إلا أن إباء الثوار وإصرارهم واستبسالهم كان الأقوى من كل تلك الأسلحة والعتاد حيث صنع شعبنا تحولاً تاريخياً هاماً بتحويل قضيته من قضية لاجيء ومشرد إلى قضية وطنية باتت تحتل كافة المحافل الدولية، ومن قضية حدود إلى قضية وجود في هذه المنطقة العربية الإستراتيجية التي عاد أمرها للإرادة المستقلة للشعب الفلسطيني واقترب كل أبناء الوطن أكثر من أي وقت مضى من وحدتهم المصيرية التي ظل الاحتلال عاملاً خطيراً يقف متآمراً مع الأنظمة المواليه له من أجل الحيلولة دون تحقيقها، وظل شعبنا يناضل في أجواء شائكة وفي ظل مؤامرات عدوانية شرسة أخذت تتواصل وتتداعى بدون كلل ضد شعبنا المكافح بهدف تمزيقه وإضعاف قدراته وإبقائه مشطراً يعاني من ويلات الانقسام والتشرذم ولكنه استطاع أن يتصدى بحزم وحسم لكل أشكال التآمر وأن يتجاوز كل المعوقات والصعاب.


 


        إن قيام السلطة الوطنية الفلسطينية قد أفقد المتآمرين صوابهم، فعادوا يمارسون أحقاد تآمرهم من جديد ضد الشعب الفلسطيني ووحدته الخالدة، وإننا لعلى ثقة كبيرة بأن شعبنا الأبي المتمرس في كل معارك النضال الوطني الصاعد والمدرك بأن وجوده الحضاري لم يتحقق كاملاً إلا بالوحدة لسوف يفشل تلك المؤامرات، وليس أمام أعدائه إلا أن يتلقوا المزيد من دروس الخزي، فقد فجر شعبنا ثورة الأول من يناير الخالدة وتآمر عليها الأعداء وأفشل شعبنا تآمرهم وحقق انتصار الثورة بتوحد شعبنا وفصائله في إطار منظمة التحرير لتنتصر انتصار أخر بإعلان السلطة الوطنية الفلسطينية نواة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية؛ من خلال انتصار ثورتنا بانتصار انتفاضتها التي أعلنتها الثورة عام 1987م من مخيم الثورة ، ودخول جيش التحرير ارض الوطن عام 1994م والتي ما لبثت إلا وأن أعلنت من على الأرض الفلسطينية انتفاضة الأقصى كرافد من روافد الثورة الفلسطينية دفاعا عن المقدسات والثوابت الفلسطينية لتقدم قائد ثورة الأول من يناير 1965م وقائد الانتفاضة الأولى 1987 ورائد الانتفاضة الثانية انتفاضة الأقصى 2001 الزعيم الخالد ياسر عرفات شهيدا ليثبت للعالم أن الثورة الفلسطينية قدمت كل قيادتها شهداء لتحقيق أهدافها رغما عن أحاديث وأقوال المشككين بنزاهة الثورة وروادها معتقدين بأن باستشهاد رواد الثورة ستنطفئ الشعلة ولكن هيهات هيهات، متناسين بأن شعبنا هو شعب الجبارين الذي أكد في كل أطوار ثورته بأن كل أعمال التآمر العدوانية الحاقدة لا ولن تزيده إلا صلابة وعناداً ثورياً وتقوي قدرته في التعامل المقتدر والحكيم مع أعدائه من المتآمرين ومن يقف وراءهم، وأن الخزي والعار حتماً سوف يواجه كل الذين يواصلون تآمرهم على الوحدة الفلسطينية وأن موقفهم اليوم صار مفضوحا أكثر وألاعيبهم صارت مكشوفة وأن الأثمان التي يدفعونها أو يقبضونها صارت بخسة ورخيصة.


 


        إن لإحياء ذكرى الثورة الفلسطينية في هذا العام معنى جليلاً وجميلاً في حياة شعبنا، لأنه تأتي في عام  أنهت فيه الحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور سلام فياض بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، وتحقيقها لجملة من الانتصارات الدبلوماسية التي تجلت بتقديم الرئيس طلب عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، واعتراف عدد كبير من الدول بالدولة الفلسطينية، وبقبول فلسطين عضوا كامل العضوية في اليونسكو؛ والتي نرى فيها نهجا ثوريا امتدادا لنهج ثورة الأول من يناير65، هذه الانجازات التي ما كان لها أن تتم  لولا صدق الإرادة وإخلاص العمل وترجمة إرادة الشعب، والوفاء لتضحيات الشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل أن تنتصر الثورة ويتحقق للوطن التحرر والوحدة.


 


        لقد قدم شعبنا من أجل ذلك تضحيات جسيمة لا تقدر بثمن وليس لها مثال في التاريخ في معارك مواجهة الاحتلال وعبر مسيرة الحركة الوطنية التي تتسم بخصائص متميزة عن كافة الحركات الوطنية في خضم المد القومي العربي، فواجهت أشرس ما يمكن أن تواجهه إرادة الحرية والكرامة، لذلك كانت خطة الحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور سلام فياض وتنفيذها والإشادة الدولية بانجازاتها بمثابة انطلاقة جديدة للثورة الفلسطينية مقدمة صورة وطنية نضالية مشرقة في الانتصار لإرادته في الحياة الحرة الكريمة وفي تحقيق السيادة الوطنية المستقلة وامتلاك خيار البناء الحضاري اعتماداً على الذات وعلى أسس من الممارسات الديمقراطية السليمة.


 


        إن الثورة الفلسطينية أصبحت اليوم أقوى ما تكون صلابة في الواقع وأفضل ما تكون عطاءً في حياة الشعب حاضراً ومستقبلاً في ممارسة الشعب لدوره القومي والإسلامي والدولي في حالة تاريخية تعتبر تطوراً عظيماً في حياة شعبنا وأمتنا العربية تتجلى عبرها إرادة الاستقلال والانتصار على كل أشكال التبعية .


 


        عبر الزمن واجه شعبنا الفلسطيني أصنافاً من العداوات والمؤامرات التي لم تزده إلا إصراراً وعناداً على طريق تحقيق كل أهدافه في الثورة والحرية والوحدة مقدماً التضحيات الجسيمة في سبيل القضاء على شبح الانقسام والتشرذم الرهيب وقيام الدولة الفلسطينية فلكل شهداء الثورة الفلسطينية تحية إجلال وإكبار، ولهم نجدد العهد بالمضي على درب النضال من أجل فلسطين العدل والحب والسلام، مؤكدين أن الوفاء للشهداء والعرفان لتضحياتهم الجسيمة يتجسد فيما يصنعه كل أبناء شعبنا من انتصارات متتالية على طريق بناء المجتمع الجديد الذي به تتعزز قدرته في الدفاع عن سيادته وحماية كل المكاسب والإنجازات والحفاظ على سلطتنا الوطنية من كل الأخطار المحدقة، والمحاولات العدوانية التي تستهدف السلطة الوطنية ومنظمة التحرير وثورتنا  الفلسطينية.


 


بقلم المحامي / لؤي زهير المدهون*


 


* كاتب وناشط سياسي فلسطيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت