المبادرة الأردنية الأخيرة بدعوة الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني التي أثمرت بلقاء (عريقات – مولخو) في عمان يوم أمس بحضور وزير الخارجية الأردني ناصر جودة وممثل الرباعية توني بلير، لم تكن خطوة في الهواء ، وإنما هي عمل أردني عربي ببعد دولي ذات مغزى ... ونتمني أن تثبت الأيام القليلة القادمة بأن للأردن دوراً سياسياً ودبلوماسياً سيكون الأخطر والأكبر تأثيراً على إسرائيل ، لجهة المطالبة القانونية باسترداد السيادة والولاية الأردنية على الضفة الغربية والقدس الشرقية كاملة ، ودون المساس بحقوق ودور الفلسطينيين وطموحاتهم الوطنية...
ليس مستهجناً أن تلتقي الرباعية وإسرائيل على الموقف السياسي التفاوضي "الأعوج والغير متوازن" ، المبني على رفض التعاطي مع المطلب الفلسطيني القاضي بوقف الاستيطان في الضفة الفلسطينية المحتلة ، وقبول إسرائيل لمسار الحل وفق حدود 1967 من أجل إقامة دولتين ، كأساس عملي ومرجعي لأجل إطلاق مفاوضات مباشرة ومثمرة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ...
إنه لمن الزهد والتصوف السياسي ، أن لا يطلب الفلسطينيون إعلاناً واضحاً وجلياً ، من الرباعية الدولية أولاً وقبل إسرائيل ، بشأن : قانونية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية ... وكذلك الموقف من الدولة الفلسطينية ، من حيث : حدود الولاية على أراضي 67 ، وكشريك مفاوض كامل الأهلية وغير خاضع لولاية المحتل ، قبل الشروع في أي مفاوضات ومن أي نوع مع الجانب الاسرائيلي ،،، فكيف للمفاوض الفلسطيني أن يكون متساوياً مع الاسرائيلي ، والأخير لا يعترف بوجوده السياسي والسيادي على شعبه وعلى أجزاء من أرضه ؟؟؟
الأردن أكثر دول المنطقة والعالم تضرراً من فشل خيار حل الدولتين ، وهو صاحب مصلحة حقيقية في إنجاح خطوات قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية ، ودوره لن يكون شاهداً على المفاوضات ، بل من المؤكد بأن للأردن دوراً متميزاً بصفته شريكاً ، لا يمكن استبعاده أو استثنائه من معادلة الصراع أو التفاوض على مستقبل القدس والضفة واللاجئين والكثير من قضايا وملفات الحل الدائم ، التي هي مثار الجدل والخلاف وعدم الاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي...
الاختراق الأول في اللقاء الفلسطيني الاسرائيلي الأخير في عمان هو : اللقاء المباشر منذ زمن طويل بين رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض ومبعوث رئيس الحكومة الاسرائيلية بحضور المضيف الأردني وممثل الرباعية الدولية...
أما الاختراق الثاني فهو : التأكيد على جدية وجاهزية الطرف الفلسطيني وتسليمه وثيقتي الأمن والحدود للطرف الاسرائيلي وقبول الأخير لاستلامها بعد أن رفض استلامها في لقاءات الطرفين أواخر 2010 ،،، وتأكيد الموفد الاسرائيلي على أنه سيطرح في الاجتماع القادم الخطة الاسرائيلية للحدود والأمن رداً على وثيقتي الأمن والحدود الفلسطينيتين...
نستطيع أن نجيِّر الاختراق الأول لصالح الأردن الذى نجح في جمع الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني في عمان بعد أن فشلت الرباعية من القيام بذلك في القدس وأماكن أخرى في الفترة الماضية ... وللحقيقية، لايستطيع الفلسطينيون إدارة الظهر لمبادرة الأردن ، وهم بذلك دعموا الأردن للعب دور الشريك والحليف ، ولم يبتدعوا موقف سياسي جديد ،،، فوثيقتي الأمن والحدود الفلسطينيتين هما لدى الرباعية منذ شهرين تقريباً،،، وأظن بأن السيد بلير : لن يبخل بنسخة منها للاسرائيليين منذ وصلته...
الجانب الاسرائيلي أمام إستحقاق تسليم تصوره للأمن والحدود للرباعية قبل 26 يناير الجاري ، وهو تاريخ إنتهاء الثلاثة شهور التي حددتها الرباعية في بيانها ، إبَّان خطاب استحقاق الدولة للرئيس الفلسطيني في الأمم المتحدة...
الحراك التفاوضي الأخير في عمان يراد منه الالتفاف على الموقف الفلسطيني من البوابة الأردنية ، في ظل إلتهاء باقي الدول العربية في أمورها الداخلية ، فأمريكا واسرائيل لن تمنح الأردن دوراً تفضيلياً أحسن حالاً من دور النظام المصري السابق الضامن لعدم مغادرة الملف الفلسطيني لدرج مكتب الخارجية الأمريكية ،،، فهل تنبه الأردن إلى ذلك ؟؟؟
القيادة الفلسطينية تؤكد لنا بأن العام الحالي هو عام المصالحة والدولة ،،، وفي أمريكا : هذا العام هو عام الانتخابات ،،، وفي اسرائيل : هو عام الحرب على مشروع إيران النووي ، أو الحرب على غزة ، والانتخابات أيضاً ،،، وعند العرب : هو عام الديمقراطية وسقوط الديكتاتوريات الحاكمة ،،، وإلى حين أن يستفيق الجميع ، على الفلسطينيين أن يرتقوا بأدائهم الوحدوي والسياسي والدبلوماسي والمقاوم ، ليستحقوا البقاء في المشهد السياسي الذي يستحقه شعبهم وقضيتهم ،،، ودمتم ودامت فلسطين...
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت