لا تزال الفتاة الفلسطينية حنين كمال أبو جلاله (17 عاما) من قطاع غزة في حالة غيبوبة عميقة في مستشفى "هداسا" العيسوية في القدس المحتلة، على أثر إصابتها بتليف في الرئتين، جراء استنشاقها الفسفور الأبيض الذي استعملته إسرائيل خلال الحرب على القطاع أواخر عام 2008 وبداية عام 2009 .
ويقول والد الفتاة الذي يرافقها في المستشفى لمراسلة وكالة قدس نت للأنباء في القدس المحتلة إن "معاناة ابنتي بدأت مع الانتفاضة الثانية عام 2000 مع إطلاق الغازات السامة الكثيفة من قبل الإسرائيليين وبشكل مستمر على القطاع".
ويضيف "بسبب استنشاقها لتلك الغازات السامة بدأت تشعر بصعوبة التنفس، وبعد النتائج الطبية في القطاع تبين بان حنين تعاني ضيق التنفس نتيجة استنشاق الغازات السامة قبل وبعد حرب غزة، علما بان العائلة تقطن عند المنطقة الحدودية في القطاع.
ويقول والد الفتاة خلال استقباله وفد مقدسي جاء للاطمئنان على وضعها الصحي بعد تدهور حالتها إن "ابنتي تواجه صعوبات جمة في الانتظام الدراسي، وإدارة المدرسة كانت تقوم بالاتصال لإخباره بان حنين لا تستطيع بان تستمر بالدوام المدرسي نتيجة الضيق في التنفس".
وقد عانت الفتاة ومعها عائلتها في الرحلات العلاجية التي لم تنتهي من غزة إلى مصر ومصاريف باهظة للعلاج، ثم العودة إلى غزة مرة أخرى، ثم إلى مدينة القدس إلى مستشفى المقاصد، وهناك أكد احد الأطباء لوالد الفتاة على أن وضع حنين ازداد سوءا نتيجة استعمال الفسفور الأبيض أثناء الحرب على غزة.
ولم تفلح جهود إنقاذ حنين رغم الآمال التي تلاشت حينما رفض خبير التخدير تخدير حنين لأنها من الممكن أن لا تستيقظ مرة أخرى من المخدر فتم إعادتها إلى غزة،وهذه المرة تم تغطية تكاليف المستشفى من قبل السلطة الفلسطينية، بعد أن قام أهالي الفتاة بمناشدة الرئيس محمود عباس.
والد حنين لم يقطع الأمل وبقي يعمل بجهد كبير حتى يوفر العلاج لابنته،حيث وصلت ديونه لإحدى الصيدليات مبلغ ( 38) ألف شيكل، قائلا:"شعرت حينها بأنني أتسول وكأنني اسرق العلاج لحنين،إضافة إلى ذلك أجهزة التنفس التي تستعملها كان بعضها يحتاج لكهرباء والكهرباء غير متوفرة في غزة بشكل منتظم، فاضطررت إلى شراء (ماتور) كهرباء وثم أجهزة تعمل على الغاز، وبلغت التكلفة اليومية (240) شيكل وهذا رقم فلكي لمواطن لا يزيد دخله عن 800 شيكل شهري".
ويتابع :"ثم انتقلت إلى استعمال أجهزة تحتاج إلى بنزين وهذا أيضا مرتفع الثمن بغزة وليس دائما متوفر، فأضطررت لشراء جميع الأجهزة واستعمالها حسبما هو متوفر، فأحيانا بالكهرباء وإذا انقطع التيار الكهربائي فالغاز أو البنزين.
وبعد تلك الأوضاع الصعبة التي عاشتها الفتاة وعائلتها طالب والدها بتحويلها إلى مستشفى "هداسا" عين كارم في القدس، ومرة أخرى تدخلت السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس شخصيا، إلا أنه تم تحويل الفتاة إلى مستشفى "هداسا" العيسوية في القدس التي لا تملك الإمكانيات الكافية وترفض تحويل حنين إلى مستشفى "عين كارم" صاحبة الإمكانيات الأكبر.
ويطالب والدها المجتمع الدولي التدخل لإنقاذ حياة ابنته والتعامل معها والنظر إليها كانسان لأنها ضحية أسلحة محظورة دوليا.
الوفد المقدسي الذي ضم مسؤول ملف القدس في حركة " فتح" حاتم عبد القادر،ومدير المجموعة الفلسطينية لمراقبة حقوق الإنسان باسم عيد،ومدحت طه مسؤول ملف الصحة في مكتب الرئيس عباس،وإسحاق القواسمة,أعرب عن حزنه الشديد للحالة الصحية للفتاة التي مازالت غائبة عن الوعي.
وقال حاتم عبد القادر إن "الفتاة هي إحدى ضحايا وجرائم الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة", موضحا بان" الوضع التي تعيشه الفتاة في المستشفى يذكر بجرائم الحرب التي كانت ترتكب في الحرب العالمية الثانية".
وأضاف عبد القادر في حديث لمراسلتنا "سيتم متابعة ومراقبة الأوضاع الصحية للفتاة"،مشيرا إلى أن مدير المجموعة الفلسطينية باسم عيد وجه سؤال للطبيب المسؤول عن حالة الفتاة، وعن سبب دخولها في غيبوبة عميقة، وخاصة أن الفتاة دخلت المستشفى وهي تمشى على قدميها بسبب تليف بالرئتين،وليس بسبب فشل كلوي،علما بان إدارة المستشفى ترفض إصدار أي تقرير لتشخيص حالة المريضة.