ماانفك د.فياض ينادي بضرورة الانتقال من حال الجوازية ، التي تبيحها قوانين التقاعد السارية، الى مرحلة الوجوبية، التي تعطيه حرية العبث بأرزاق الناس ومقدراتهم ، تحت عنوان : "ترشيد النفقات والبذخ" ، في مؤسسات ووزارات السلطة الوطنية ، التي تبوأ ولا زال فيها دور "الآمر الناهي، والواهب المانع"، بصفته رئيساً للوزراء وللمالية معا،ً منذ ما يزيد عن أربع سنوات ، هي عمر النكبة والانقسام...
لم ينفِ د.فياض ما رددته وكالات الأنباء عن خطته التقشفية التي تُبْنَى على مجموعةٍ من الاجراءات والخيارات، من ضمنها إقصاء عشرات الألوف من موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية ، تحت طائلة "التقاعد المُبَكِّر" ، لا بل ويباهي بحق حكومته في ذلك ، رغم أن القانون الذي أعطاه الحق الذي يدعيه ، قد أجاز له ذلك في حالات معينة تتجه للتخصيص لموظفين بعينهم ، ولا تحتمل مطلقاً التعميم على جمهور الموظفين ، بل حُصِرَ الإجراءُ في حالات محددة منها : إلغاء الوظيفة من الهيكلية الوظيفية للمؤسسة ، أو كإجراء وظيفي يحمل معناً "عقابياً" لموظفٍ بات الخلاص منه مصلحةً للعمل...
نعم ، لقد أجاز القانون الأمرَ، ولكن بناءً على طلب الموظف... أما في حالة أن يكون الإجراء وفقاً لرغبة صاحب العمل (الحكومة) : فلن يكون الاجراء قانونياً ، إلاَّ بموافقة الموظف شخصياً على الصفقة التي هي في كل الأحوال تمنحه دور المتفوق والمستفيد بقبولها ،،، وليس دور المتضرر، أو على وجه الدقة والتحديد، دور "المنكوب والمكلوم"...
نعي وندرك نحن الموظفين قدراتِ د.فياض في المناورة وإقناع الرئيس لتبني مشروع القرار "المشؤوم" بمرسوم من الرئيس كما في أمورٍ سابقة ، كثمن يتَوَجَّب على الرئيس تبنيه وإقراره ، وإلَّا : سيكون الثمن ترك "أخونا" رئاسة الحكومة مثلما ترك وزارة المالية في وقت سابق أواخر عام 2005 للتحضير للانتخابات...
من المعلوم بأن حجم الديون المستحقة على السلطة لصالح البنوك التجارية العاملة في أراضي السلطة في عام 2005 هي نحوها أواخر العام المنصرم 2011 ، رغم قسوة الظروف المحلية في السابق إبان انتفاضة الأقصى ، والفكاك من جزءٍ هام من التزامات قطاع غزة إباَّن تولي حكومة حماس الحكم وما تبعها من انقسام ، حتى تاريخ يومنا هذا...
لا يجوز أن يعَيِّرنا أحد بأنه : يدفع رواتب غزة المتناقصة بحكم التقاعد السنوي وعدم تعيين البديل من دماء جديدة في القطاع ،بل السحب التدريجي للوظائف، خصوصاً العليا منها للمحاسيب والأولياء وأصحاب الرضا عند صاحبنا،،، و أمَّا الكهرباء : فهاهي حماس تُشَغِّل المحطة بالوقود المصري القادم من الأنفاق ، والسلطة تستقطع من موظفيها ثمن الاستهلاك لسداد ديون مستحقة على شركة التوزيع ، بعد أن كان الادِّعاء بأن ما يُسَدَّدْ من قيمة وقود إسرائيلي ، بمثابة إلتزامات شهرية، تسددها السلطة عن قطاع غزة ، فهمه الجمهور بأنه "غير مسترد"...
كما أنه لا يجوز الهمز من مسؤول بحجم رئيس الوزراء ، بأن يقول للإعلام : بأن ضرائب الضفة لاتستفيد منها الضفة ذاتها، لأن ما يُجبى من ضرائب غزة يساوي 2% مقارنة ب 28% للضفة،، في حين يتناسى أخونا بأن المساعدات الدولية لا تخص شقاً من الوطن دون غيره،، ويتناسى أيضاً بأن الضرائب المحلية التي تجبيها حماس في غزة، تغطي كامل احتياجات حكومتها من رواتب لموظفيها ، ونفقات تشغيلية أخرى، دون الانتظار لتحويلات العوائد الضريبية التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة التي يرأس حكومتها د.فياض نفسه!!!
لا أعتقد بأنه من الكياسة ولا الحصافة أن يستمر د. فياض في الدفاع عن خطته البائسة ونحن بصدد التحضير للانتخابات المرتقبة ضمن استحقاقات المصالحة، إلاَّ إذا كان صاحبنا يريد تسليم ما تبقى من مفاتيحٍ للسلطة إلى حركة حماس ... فمثل هكذا أعمال تدفعنا دفعاً كموظفين مشمولين بأسرنا، على الالتزام بمنازلنا، وعدم المشاركة في الانتخابات القادمة، إسهاماً منا في النيل ممن غدرنا وكذب علينا واستخدمنا في حجب الشرعية عن خصومه، ليكسب الشرعية بنا،، وتلكم منا أضعف الأيمان، وفي جعبتنا ما نُزِيد وما يفيض...
لقد تضَمَّن مشروع القرار كافة الاخوة العسكريين الذين تقاعدوا سابقاً والذين أُحيلوا للتقاعد المبكِّر لاحقاً، والمنوي تسريحهم بموجب مشروع القرار المشؤوم بأن نص في المواد (6) ، (7) على شمول كافة الموظفين العسكريين الخاضعين لأحكام قانون التأمين والمعاشات لقوى الأمن الفلسطيني رقم (16) لسنة 2004... والتأكيد في المادة (7) على إلغاء كل ما يتعارض مع القرار... وبما يوضح وبشكل جلي بأن المجزرة شاملة للجميع، والاستثناء لمن هم في "الحِجر متَرَبِّعين"...
إننا نطالب، وبشكل واضح وجليّ، سيادة الأخ الرئيس/ أبو مازن : بوقف المهزلة فوراً،،، والطلب إلى رئيس حكومته : الانتهاء عن كل ما يثير ضيق وقلق الموظفين الحكوميين، والاعتذار عن ما تسبب لهم فيه من "أذى نفسي وقلق" ، قي الأيام القليلة الماضية،، والتبرُّء التام والقاطع من مثل تلك المشاريع ، التي توحي : بتسديد الضربة القاتلة والقاضية، لأدوات المشروع الوطني ، مجسَّدة في "الموظفين الحكوميين"...
لن ننتهِ حتى ينتهي اللغط واللعب في مصائرنا،،، فمن السهل والمريح أن نتمنى عدم حدوث الكارثة والمجزرة ونحن جالسون في بيوتنا ونبتهل بالصلوات والدعوات للمولى لمنع حدوثها ،،، ويبقى أمرنا سراً بيننا والمولى عزَّ وجلَّ،،، ولكن، من الملزم والواجب أن ننزل للشارع، لنسمع الصوت قبل الفعل لمن يقتلنا...وذلك "إن كُنَّا حقاً نستحق الحياة فوق الأرض وتحت الشمس"...
،،، ودمتم ودامت فلسطين...
يونس الزريعي : "أمين سر" النقابة العامة للموظفين الحكوميين "المحافظات الجنوبية"...
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت