الأخ الرئيس محمود عباس والذي أعلن منذ بدء حملته الانتخابية للرئاسة أن لا عسكرة وأن المفاوضات هي طريقه ومساره في المرحلة السابقة وحتى هذه اللحظة، هو نفسه الذي أعلن أن لا عودة للمفاوضات في ظل السياسة الإسرائيلية المعتمدة على عامل الزمن وفق إجراءات تغير من الطابع الواقعي للأراضي المحتلة في العام 1967م بما فيها القدس الشرقية والتي تتم المفاوضات على أن هذه هي أراضي الدولة الفلسطينية، وهو نفسه الذي أعلن مرات ومرات أن لا مفاوضات دون وجود سقف زمني، ودون وجود مرجعية دولية واضحة ودون أن يكون معروف المدى الذي ستخرج منه المفاوضات لأي حل متوقع ودون أن يكون هناك إقرار اسرائيلي واضح على أن لا تفاوض على الحقوق الفلسطينية بمعنى أن لا امكانية لقبول أي ابتزاز سياسي اسرائيلي بكل ما يتعلق بالحقوق والأسس التي ستقوم عليها الدولة .
وأن لا مفاوضات في ظل الاستيطان، وقد وضع بذلك ضوابط هامة في إستراتيجية المفاوضات كأداة نضالية، وبذلك وبكل ذلك وضع الدعائم السياسية الحقيقية لأن تبقى المفاوضات بالشكل الذي يحافظ عليها كأداة نضالية سليمة.
وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ذلك، غير أن الغريب بالأمر أن يطلق على اللقاءات التي تتم في العاصمة الأردنية الشقيقة من أوصاف وتعبيرات ومصطلحات لا تتفق ولا تعبر عن هذه اللقاءات بالشكل الصحيح، فهي ليست مفاوضات نظراً لأن القيادة الفلسطينية أكدت وتؤكد باستمرار على أن لا مفاوضات دون توفر البيئة الحقيقية لحدوثها بكل ما يتعلق بوقف الإستيطان ووجود مرجعية وسقف زمني وغير ذلك من الأسس الهامة التي تقوم على أساسها.
وهي ليست لقاءات إستكشافية نظراً لأن الموقف الإسرائيلي مكشوف وواضح وهي ليست إجتهاد بل جاءت إستجابة لطلب الأردن الشقيق والذي عبر عنه وزير خارجية الأردن من نظرة المصالح وضرورة الدفع بإتجاه امكانية إعادة المفاوضات وذلك بعد فشل الرباعية الدولية، وكذلك نظراً لما تذهب إليه الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الأيام والأيام القادمة من إنشغال في الإنتخابات الرئاسية وبالتالي وجود الضعف المتزايد في الدور الأمريكي إتجاه عملية السلام.
وقد يكون ما لاقته هذه اللقاءات من انتقادات وتوصيفات غير سليمة وهي معتادة نظراً لأن الأخ الرئيس حتى قبل دخول حماس للانتخابات التشريعية الأخيرة ورفضه أي ضغوط لوضع شروط على حماس لاقى الأمر نفسه من اتهامات حيث تم الرد عليه بالانقلاب.
وكذلك حين تم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ومُورست عليه ضغوط رفضها كاملة وذهب بإتجاه تحقيق حكومة وحدة وطنية قادرة على خلق نموذج ديمقراطي وطني يعزز الموقف الفلسطيني داخلياً.
والأمر نفسه حصل مع إتفاق مكة وماتلقاه من بعض عناصر المجتمع الدولي وأمريكا و(اسرائيل) وقد نال فلسطينياً بتعطيل الإتفاق والامر نفسه حين عقدت القمة العربية في سوريا وجاءت أمريكا إليه تطالبه بعدم حضور هذه القمة، نظراً لأن اثنى عشرة رئيساً عربياً لن يحضر تلك القمة وذهب ولم يستجب لهذه الضغوط،
والأمر نفسه حين توجه لطلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وما واجهه من حملة مسعورة من قبل الإدارة الأمريكية و(اسرائيل) وبعض مؤيديهم، وليس أقل من ذلك ما واجهه حين توقيع إتفاق القاهرة ليلقى فلسطينياً أهانة في إستقبال وفد حركة فتح الذي كان متوجهاً لغزة لتعزيز المصالحة وتعزيز آفاق إعادة اللحمة إلى الوطن المشطور.
وفي الجانب الآخر يقوم ليبرمان الصهيوني المتطرف بإرسال رسالة إلى الصهيونية العالمية يطالب فيها بضرورة التخلص من السيد الرئيس محمود عباس، وأليس غريباً أن لا نستطيع نحن الفلسطينيين أن نخلص ونحرر عقولنا من سلبية البحث الدائم على إيقاع النقائص فيما هو إيجابي والبحث دائماً عن تسميم عسلنا؟؟؟
إن المرحلة صعبة وتحتاج للكثير من الحذر والوحدة والتشبث في كل ما يعزز موقفنا السياسي ويدفع بإتجاه حصاد أفضل، ولعل ذلك يتم عبر السير بخط مستقيم لأنه أقرب الطرق وتحديداً إذا كان هذا الخط هو المرتبط ببداياته بتحقيق الوحدة وتفويت الفرصة على مستهدفيها ونهايته تتم بتعزيز القيادة بما وفرته وأنضجته وطنياً، كقاعدة تؤسس للجمع مابين الحضور الدولي المتزايد في هذه الأيام للقضية الفلسطينية ومحاصرة السياسات الاحتلالية والإسرائيلية المتصاعدة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت