قال محافظ القدس المحتلة عدنان الحسيني إن السلطات الإسرائيلية شرعت منذ سنوات بتنفيذ مخططات تهدف للسيطرة الكاملة على مدينة القدس وتحويل سكانها الفلسطينيين إلى أقلية، بنسبة لا تتجاوز 12% من إجمالي سكانها، موضحا بان هذه المخططات يجري تنفيذها على ثلاث مراحل، وأوشكت إسرائيل على إنجازها، أولها بناء الكتل الاستيطانية الكبرى حول القدس، وثانيها السيطرة على عدد من الأحياء القديمة، وثالثها عزل المدينة ببناء جدار الفصل العنصري.
وأكد الحسيني، خلال ندوة نظمتها كلية الحقوق في الجامعة العربية الأميركية بمدينة جنين في الضفة الغربية،اليوم السبت، على أن نسبة الفلسطينيين في القدس تبلغ حاليا 35% من إجمالي عدد السكان، وانه إذا ما ضمت إسرائيل رسميا التجمعات الاستيطانية الكبرى والتي تتلف حول القدس ستصبح نسبة فلسطينيي المدينة 18% من إجمالي السكان، وبالتالي ستحقق إسرائيل جزءا هاما من أهداف مخططها الرامي للسيطرة على القدس وتحويل الفلسطينيين إلى أقلية، وبالتالي سيبقى على إسرائيل تقليل نسبة الفلسطينيين من 18% إلى 12%، وهذا ستعمل على تحقيقه بتهجير الفلسطينيين من أحياء المدينة القديمة، من خلال سحب الهويات المقدسية ومصادرة المنازل.
وعن هذه المراحل قال المحافظ الحسيني إن "إسرائيل تسعى لتنفيذ مخطط القدس الكبرى حسب ادعائهم عبر هذه المراحل الثلاثة التي أولها الانتهاء من بناء ثلاث تجمعات هي "أدوميم" و"عتصيون"و"جفعون" والتي تضم 120 ألف مستوطن، وهناك مساحات تركت في هذه التجمعات من أجل ربطها بعضها ببعض وتوسيعها لتضم مستقبلا 40 ألف مستوطن آخر، وبذلك ستكون مدينة القدس محاصرة بهذه الكتل الاستيطانية الضخمة والتي ستضم للمدينة رسميا في المستقبل القريب".
وحول المرحلة الأخرى من مخطط السيطرة على القدس، فأشار إلى أن إسرائيل تحاول وبكل إمكانياتها السيطرة على الأحياء القديمة في المدينة من خلال بناء المنازل الجديدة ومصادرة منازل الفلسطينيين وتسكين المستوطنين فيها، كما يحدث حاليا في أحياء سلون، وراس العمود، والطور، والشيخ جراح، مؤكدا كذلك على أن المرحلة الثالثة من هذا المخطط قد اكتملت ببناء جدار الفصل العنصري، والذي كان عنوانه العريض أمنيا لكن باطنه كان سياسيا من الدرجة الأولى، وهدفت من خلاله إسرائيل إلى عزل أهالي القدس عن محيطهم الفلسطيني ومنع التواصل فيما بينهم، من أجل الاستفراد بأهالي المدينة وتهجيرهم من خلال سحب الهويات المقدسية ومصادرة البيوت وفرض الضرائب الباهظة على سكانها لتشريدهم للمدن الفلسطينية الواقعة خلف الجدار.
وأضاف المحافظ الحسيني، أنه قبل العام 1967 لم يكن هناك مسميات للإحياء في القدس، وأن إسرائيل اصطنعت هذه المسميات كالحي الإسلامي، والمسيحي، والأرمني واليهودي، لإثبات أحقيتها التاريخية في المدينة، وأنها تعمل الآن على تزوير التاريخ والجغرافيا من خلال نقل كل من تحصل عليه أثناء الحفريات في المدينة، من أحجار وشواهد تاريخية للحي اليهودي لتحويله إلى مكان تاريخي، مطالبا بضرورة دعم القدس فلسطينيا وعربيا وإسلاميا من أجل تفويت الفرصة على الاحتلال، والمحافظة على الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للمدينة.
أثناء الاستقبال، أشاد رئيس الجامعة عدلي صالح بصمود أهل القدس وتحديهم لمحاولات تهويدها من قبل الاحتلال، وقدم شرحا للمحافظ الحسيني حول الجامعة وأهدافها ورسالتها، مشيرا إلى أنها تسعى لترسيخ أسس التعليم التنموي الحديث في فلسطين، ونقل تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، موضحا أن الجامعة تستهدف كافة طلبة فلسطين أينما وجدوا، وأنها تضم مجموعة متميزة من طلبة القدس، والذين يؤكدون بإصرارهم على الالتحاق بها على أنهم جزء من هذا الوطن ومن الدولة الفلسطينية القادمة.
بدوره أثنى المحافظ الحسيني على فكرة تأسيس الجامعة وقال إن " الجامعة العربية الأميركية هي صرح علمي عظيم له دلالة سياسية ووطنية لأنه كان الرد على دخول شارون للمسجد الأقصى، وهو نفس التاريخ الذي انطلقت فيه مسيرة الجامعة، وإن الجامعة متميزة بأساليبها التعليمية وضمها طلبة فلسطين".
وكان قد افتتح الندوة عميد كلية الحقوق أحمد دبك بكلمة، رحب فيها بالحضور، مشيرا إلى أن هذه الندوة جاءت بهدف تسليط الضوء على الحملة التهويدية التي تتعرض لها مدينة القدس، وأساليب الاحتلال الهادفة لتغيير معالمها الجغرافية والإسلامية، وتهجير سكانها الفلسطينيين وسلخها عن الدولة الفلسطينية القادمة.
وفي كلمة الجامعة العربية الأميركية قال رئيس الجامعة صالح إن " القدس هي رمز وحدتنا وهي عنوان لدولتنا الفلسطينية، ومنبرا لثقافتنا وعلمنا، وإن هذه الأجيال المتسلحة بعلمها وثقافتها ستبقى الحامي الحقيقي والمدافع العنيد عن القدس في كافة المحافل".
من جهته، تناول الباحث والإعلامي علي الجريري، التزوير واستحداث الأسماء اليهودية وإطلاقها على ملامح المدينة المقدسة، كما انتقد التقصير في إدراج المناهج التعليمية الخاصة بالمدينة المقدسة في المدارس والجامعات الفلسطينية، في حين أنه بالمقابل تقوم إسرائيل بتدريس مناهج تعليمية مزيفة عن القدس في مدارسها وجامعتها وخاصة للطلبة الفلسطينيين في داخل الخط الأخضر والقدس، لتخدم مخططاتها وتثبت أحقيتها في المدينة.
كما طالب، بحشد كافة الإمكانيات لمواجهة الإعلام الإسرائيلي الساعي لتكريس المصطلحات اليهودية على أحياء القدس وشوارعها وأبوابها، مشيرا إلى أن تحت كل بلاطة في مدينة القدس، تاريخ إسلامي ومسيحي فلسطيني وعربي مهمل في مادة التاريخ في المدارس والجامعات الفلسطينية.
وكنتيجة لهذه الندوة أعلن رئيس الجامعة، أن الجامعة ستباشر العمل على استحداث مساق أكاديمي يحمل اسم " دراسات بيت المقدس أو دراسات مقدسية"، بحيث يتم تصميم هذا المساق بالتعاون مع عدد من المختصين والخبراء في قضايا القدس، ليتم طرحه للدراسة أمام طلبة الجامعة كجزء من الخطط الأكاديمية خلال الفترة القادمة.