انتهت جميع التوقيتات التي كانت تشكل اساس التحرك السياسي الفلسطيني على اكثر من صعيد وبات من حق المواطن الفلسطيني ان يرى افعال مرحلة ما بعد انقضاء مهلة السادس والعشرين من يناير الذي حددته اللجنة الرباعية الدولية موعدا تتلقى به اجابات رؤيا الاطراف المتفاوضه لملفي الحدود والامن بغية انطلاق مفاوضات جادة ذات مغزى تؤدي الى عملية سياسية محددة الملامح تستهدف قضايا الوضع النهائي ، هذا الاهتمام جاء بعد ان قدمت القيادة الفلسطينية طلب الحصول على العضوية الكاملة لفلسطين في الامم المتحدة وصدور بيان من الرباعية اثر ذلك ، الغرض منه تقويض المسعى الفلسطيني طلب التصويت في مجلس الامن الدولي ، واذا كان الجانب الفلسطيني قد انجز ماهو مطلوب منه وسلم رده خلال فترة وجيزه ، فان حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة اظهرت تهربها من جديد وجعلت نفسها رهينة لابتزاز غلاة المتطرفين الذين يتحدث باسمهم نتنياهو وليبرمان وزير خارجية المستوطنين وراحت تختلق الذرائع وتماطل من اجل كسب الوقت اللازم ، تزامنا مع رفع وتائر عدوانها على الشعب الفلسطيني وممتلكاته من خلال تكثيف بناء الوحدات الاستيطانية ومصادرة الاراضي وهدم البيوت وتهويد مدينة القدس واستكمال مد جدران العزل والفصل العنصري حيث لم يتبقى شيء ، يمكن التفاوض حوله بعد ان تحولت المدن والقرى والارياف الفلسطينية الى مجرد كانتونات مقطعة الاوصال مسيطر عليها من قبل جيش الاحتلال ورديفه جيش المستوطنين المدجج بكامل السلاح والعتاد ...
لقد جاءت الجولات التفاوضية الاستكشافية الخمس في العاصمة الاردنية عمان حتى تؤكد بما لايدع مجالا للشك بان سلطات الاحتلال ماضية الى النهاية في مشروعها الاستعماري الاستيطاني وبات واضحا ان هذه الحكومة اليمينية المتطرفة لاتملك مشروعا سياسيا للحل وكل ما تسعى اليه يتمثل باطالة امد المفاوضات الى ما لانهاية لاستكمال فرض وقائعها على الارض من جهة ، واظهار نفسها امام المجتمع الدولي انها مهتمة بعملية " السلام " من جهة اخرى، غير ان المجتمع الدولي والعالم اجمع بات يدرك تماما ان التسوية السياسية بالنسبة لحكومة الاحتلال ما هي الى اضغاث احلام ولعبة علاقات عامة تستخدمها غطاءً لسياستها العدوانية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة ، وما جاء به المفاوض الاسرائيلي اسحق مولخو الى اجتماعات عمان لا يشكل سوى عناوين مقيتة لا تستحق الذكر وتعبر عن عقلية البلطجة السياسية والاستخفاف بكل المواثيق والقوانين وقرارات الشرعية الدولية، الامر الذي يحتم على الرباعية الدولية الاعلان عن فشل مساعيها والتوقف عن محاولاتها الانقاذية لحكومة الاحتلال وتحميلها المسؤولية الكاملة لانسداد اي افاق للعملية السياسية برمتها .
ان ما يدعو الى الدهشة سلوك اطراف الرباعية الدولية ومعها اخرين ابداء ذلك التسامح تجاه حكومة الاحتلال ومنحها المهلة تلو الاخرىمن خلال ممارسة اقصى الضغوط على القيادة الفلسطينية ومطالبتها تمديد ما يسمى باللقاءات الاستكشافية وحتى الذهاب الى مفاوضات مباشرة الى شهر نيسان القادم بناء على طلب حكومة نتنياهو مقابل الحديث عن اجراءات حسن نوايا لم يتم الافصاح عن فحواها ، بينما تثبت الوقائع على الارض تصعيد ملموس للعدوان يشمل الاعتقال وتشديد الاجراءات التعسفية التي يتم تعريفها بالعقوبات الجماعية وفق القوانين الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة لحقوق الانسان بما في ذلك اعتقال نواب المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخبين مباشرة من الشعب ، يأتي ذلك في مناخ الحملة الانتخابية الامريكية المحمومة التي لايوجد هم لها سوى كسب الاصوات اليهودية ومحاباة الحكومة الاسرائيلية ، تجلى ذلك في خطاب الرئيس الامريكي اوباما السنوي عن حال الامة الامريكية ، الذي تجاهل القضية الفلسطينية حتى ولو بكلمة واحدة خشية اغضاب ذوي النفوذ الذين يشكلون مفاتيح الربح والخسارة في الوصول الى سدة الرئاسة الامريكية بينما تغنى نثرا وشعرا بثورات الربيع العربي دون ان ينسى الحديث عن مزايا الديمقراطية وحقوق الانسان والتنمية وغيرها من الامور ، طبعا الا ما يتعلق بممارسات اسرائيل الحليف القوى الذي لا تنطبق عليه القوانين او المسائلة الدولية ، بالاضافة الى الحملة المسعورة التي يشنها مرشحا الحزب الجمهوري " نيوت غينغريتش وميت رومني " اثناء تجوالهم على الولايات الامريكية لحشد اصوات الجمهوريين اللذان اتفقا على نكران الوجود للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة .
مقابل كل ذلك لم يلمس المواطن الفلسطيني ترجمة حقيقية لاتفاق انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية التي كلفته اثمان باهظة اقل ما يقال فيها انها اعادت القضية الفلسطينية الى الدرك الاسفل من حيث الاهتمام العربي والدولي بل اصابت الشعب الفلسطيني بالاحباط والنكوص وفقدان المصداقية للقائمين على المشروع الوطني ، ولا زالت الارادات الوطنية رهينة عوامل داخلية وخارجية ، اذ ستهوت البعض نهج ادارة الازمة على امل ان تحصل متغيرات يمكن ان تصب في صالحه ويحقق مكاسب ضيقة بشكل افضل مما يجنيه من المصالحة الوطنية التي تعتبر اقصر الطرق لمواجهة المشروع الكولنيالي الاحتلالي من خلال بناء جبهة وطنية عريضه موحده .
ان عناصر الاستراتيجية الوطنية التي يتحدث عنها الجميع ضرورة لا بد منها خاصة ما يتعلق بالتحرك السياسي الفلسطيني على الصعيد الدولي والذهاب الى مؤسسات الامم المتحدة لنيل العضوية الكاملة في مختلف هيئاتها ، وكذا الامر اهمية المقاومة الشعبية الطريق الامثل لهذه الظروف الاستثنائية وان كانت المقاومة الشعبية ليست بحاجة الى التصنيف او التحديد سلمية كانت ام غير ذلك لان ما يواجه الشعب الفلسطيني حالة اقتلاع من الارض والوطن والغاء الكينونة والحقوق الوطنية والسياسية والتاريخية ، الامر الذي يستدعي التصدي للمشروع الاحتلالي الاستعماري بكافة وسائل الكفاح الوطني المشروعه ليس بالاقوال فحسب انما تحتاج الى افعال وميادين حرية وتحرير على انقاض جدران الفصل العنصري بدل من ملهاة الكرنفالات التي لاطائل منها سوى حب الظهور والنجومية الزائفة ، على الجميع ان يدرك حجم المخاطر الهائلة التي تواجه المشروع الوطني وتسخير كافة الامكانيات والطاقات لتعزيز صمود المواطن الفلسطيني .
ماعادت تجدي المفاوضات التي لاطائل منها ، مباشرة كانت ام استكشافية او عن بعد كما يحلو للبعض التفنن والتنقيب عن مصطلحات في قواميس اللغة البائدة ، العودة الى الشعب هو العنصر الحاسم في تغيير قواعد اللعبة التي تدور في حلقة مفرغة ليس هناك خيار وحيد لاستعادة الحقوق الضائعة لان ذلك يعني الحكم المسبق بالموت البطيء على قضية من اعدل القضايا الانسانية في العصر الحديث ، لهذا ينبغي تصويب المسار الوطني نحو الخلاص من جبروت الاحتلال وبطشه وما عدا ذلك يدور في فلك الصراعات الثانوية التي يغذيها ويعمل على تعميقها خدمة لمصالحه واطالة امد بقاءه الى اقصى درجة ممكنة وفي مقدمتها الصراع على السلطة التي لا تتمتع بأدنى مقومات السيادة الوطنية ، شعبنا يريد الاطمئنان على مستقبل قضيته الوطنية ويعتقد بان وقت البحث عن الاجابات المطلوبة قد انتهى ، الاجابة الاولى والاخيرة لدى الشعب وحده وليس عند الاخرين ...
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت