قد تفقد الطفلة الفلسطينية مريم ظاهر (أربعة سنوات)، حياتها بمجرد وضع رأسها الصغير على وسادتها، لتخلد إلى النوم؛ فهي لا تستيقظ على حلماً راودها في منامها تقصه على والديها اللذان يتناوبان بالجلوس بجوارها طول فترة الليل خوفاً من اختناقها.
وتتميز مريم بخفة دم، ولديها ذكاء قوي، ولا تفضل اللعب مع أطفال جيرانها، بسبب نظرات الاستغراب التي تشعر بها أثناء نظرهم إليها، ولكنها تحب دائما أن تلعب لعبة "ناس وناس" مع أخواتها زينات، ورتاج، وجومانة، داخل المنزل، حيث تشعر بقدر من السعادة أثناء تمثيلها دور الأب.
تناشد أمير دبي ...
ويقول والد مريم عائد ظاهر لمراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر:" تعاني مريم من صعوبة شديدة في التنفس أثناء نومها نتيجة إصابتها (بورم لمفاوي) في وجهها من جهة اليسار"، مؤكداً على أنها قد تفقد حياتها أثناء نومها بسبب عدم قدرتها على التنفس، وهو ما يحتم أن يبقي هو أو والدتها بجوارها والانتباه لها وقلبها على الجهة الأخرى في حال اختناقها لتعود إلى التنفس مجدداً.
ووجه والد مريم مناشدة إلى أمير دبي بضرورة التدخل الفوري والعاجل لإنقاذ حياة مريم والعمل على نقلها لتلقي العلاج في مستشفيات دبي، مبيناً أنه شاهد حالة تشبه حالة إبنته وتلقت العلاج في مستشفيات دبي وتكللت بالنجاح، متأمل أن تلقى مناشدته استجابة من أمير دبي.
فراشها ووسادتها...
ويبين أنه مع كل صباح تستيقظ فيه مريم تجد فراشها ووسادتها مليئة بالدم نتيجة الالتهابات الشديدة في لسانها، مؤكداً على أنها تعاني من مشكلة في الأسنان وكافتها غير صالحة وبحاجة لتغيير، وهو ما ينعكس سلباً على صحتها نتيجة عدم قدرتها على تناول الطعام.
ويشير إلى أنها (مريم) لا تتناول إلا الأطعمة البسيطة سهلة الهضم كالألبان، منبهاً إلى أنه تواصل مع كافة أطباء الأسنان في قطاع غزة، ليجدوا حلاً لمشكلة أسنانها ولكنهم لم يتمكنوا، مفضلين أن يتابع حالتها الأطباء الذين أجروا لها عمليات جراحية في مصر، حتى لا يقدموا على أي خطأ طبي تكون له انعكاسات سلبية مستقبلاً.
(يا رب ترفع الواوا)...
وتكره مريم بشدة الإبر والمستشفيات، لأنها تسبب لها آلام، وتقول :" يا رب ترفع الواوا إلي في وجهي علشان العب وأروح على الروضة"، وبدأت تعد الأرقام من الواحد حتى العشرة بصعوبة في النطق، مضيفة بالقول :" أنا ما عندي ألعاب مطبخ، وكمان بحب ماما وبابا وإخواتي كتير قد البحر".
ويشير والد مريم إلى أن مشكلة كبيرة واجهته أثناء إجراء العمليات الجراحية لطفلته في مصر بسبب انتشار الورم تحت رقبتها وفي خدها واللسان بشكل كبير، فأجروا أول عملية استئصال للورم من تحت الرقبة وتكللت بالنجاح، وبقي الورم في الخد وتحت الأنف والشفة حتى اللحظة، مبيناً أنه اكتشف فيما بعد أن خطأ طبي وقع اثناء إحدى العمليات أدى إلى قطع عصب الفك".
ويوضح أن الأطباء المصريون أجروا لمريم عملية أخرى واستأصلوا خلالها جزء من لسانها بسبب إصابته بالورم وظهر عليه علامات سوداء اللون إلى جانب أنه كان بارزا خارج الفم، لافتاً إلى أنه بعد الخطأ الطبي فقدت مريم القدرة على الحديث بشكل جيد، وأصبح كلامها ثقيل وتعاني خلال النطق.
قص لسان...
ويشير إلى أن العملية الأخيرة كانت التاسعة وأجرتها قبل تسعة شهور، وأن الأطباء أخبروه أنها بحاجة لعمليتين الأولى لاستئصال الورم من جوانب اللسان حتى يأخذ مكانه الطبيعي في الفم، والثانية لحقن ورم العين والخد والدقن من خلال الإبر، منبهاً إلى أن هذا النوع من الإبر لا يوجد إلا في هولندا وثمن الخمس إبر (800$) .
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدر تعليمات بعد استجابته لمناشدة أطلقها والد الطفلة مريم في وقت سابق، وأمر بتقديم العلاج لها وبدأت الإجراءات لإتمام العلاج وتم تحويلها من قبل الرئاسة لجمعية إغاثة أطفال فلسطين في غزة, إلا أن الوفد الطبي الذي كان سيتابع حالة مريم لم يتمكن من الدخول إلى غزة.
معاناة منذ الولادة ..
يسرد والد مريم معاناة ابنته قائلاً:" بدأت المشكلة تظهر على مريم منذ كانت في عمر ثمانية شهور حيث ظهر الورم عليها، وبدأت في علاجها، ولكن أحد الأطباء أخبرني أن علاجها غير موجود بغزة، وطلب مني أن أجمع تواقيع كافة أطباء الجراحة بغزة على ورقة تؤكد استحالة علاجها هنا".
ويتابع :" رزقني الله في ذلك الوقت بسائق إسعاف واصطحبني على كافة الدكاترة وجمعنا توقيعات منهم من الشمال إلى رفح بعدم وجود علاج لمريم بغزة، وتوجهت بالأوراق إلى مستشفى الشفاء وأجروا تحويلة إلى مصر لتلقي العلاج هناك"، مبيناً أنه أجرى عدد من العمليات لابنته في كلا من مستشفى معهد ناصر وفلسطين وستة أكتوبر.
تكلل بالديون ...
ويوضح والد مريم والذي تكلل بالديون أنه موظف حكومي ويتلقى راتب من السلطة الفلسطينية وبالكاد يساعده على تدبير أمور حياته اليومية، وخاصة بعد تدمير قوات الاحتلال منزله بالكامل في عزبة عبد ربه شمال قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، منبهاً إلى أنه يسكن في شقة بالإيجار وهو ما يزيد معاناته.
ويشير إلى أنه لا يتمكن من توفير مصاريف علاج مريم حيث أقدم على سحب قروض من البنك ومؤسسات غير البنك من أجل علاج مريم، مشيرا إلى أن تكاليف المستشفيات أثناء وجود مريم في مصر كانت على حساب السلطة الفلسطينية أما السكن وباقي الأمور فكانت على حسابه الشخصي، حيث كان يمكث كل مرة في مصر ما يقارب أربعة شهور، ويعود بعد فترة لاستكمال العلاج .
مريم أغلقت عيونها ونامت وتركنا والدها جالس بجوارها، يدعوا الله أن يشفيها، ويتأمل أن يستجيب أمير دبي لصخرتها...!