فياض: نتطلع للوصول إلى صيغةٍ توافقية للتغلب على الأزمة المالية

شدد رئيس الوزراء في رام الله الدكتور سلام فياض على أنه ومن أجل إعمال مبدأ الشراكة في تحمل المسؤولية، ولبلورة أفضل السُبل للتغلب على الأزمة المالية عبر أوسع توافق مُمكن، فقد تمت المبادرة إلى الدعوة لعقد مؤتمر حوار وطني حول الأزمة المالية، وسبل التغلب عليها، وتم عقد العديد من اللقاءات  التمهيدية مع ممثلي كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية دون استثناء. 


 


وأشار إلى أن هذه الدعوة واللقاءات التمهيدية جاءت في ضوء الجدل الذي صاحب الإعلان عن إجراءات تقليص العجز الجاري في الموازنة والتغلب على هذه الأزمة، وقال: من أجل توفير أجواء الثقة في إطار هذا الحوار، الذي نتوجه إليه مسلحين بالثقة في قدرة شعبنا وقطاعاته المختلفة على الإسهام الايجابي في أعماله، ومشاركة الجميع على قدم المساواة، فقد أقر مجلس الوزراء، وبناءً على اقتراح أعلنتُ عنه في الجلسة الأولى التي عقدناها مع ممثلي القطاع الخاص، تعليق العمل بإجراءات جباية السُلف وفق  شرائح ضريبة الدخل الجديدة، وبحيث تتم جبايتها كما كانت قائمةً قبل تعديلها بقرار مجلس الوزراء الأخير بهذا الشأن، وذلك لحين انتهاء الحوار الوطني حول الأزمة المالية، وبما لا يتجاوز 15 شباط الجاري". 


 


كما وأشار فياض إلى أن  هذا القرار لقي ترحيباً واسعاً من مختلف القطاعات، كتعبيرٍ عن جدية الحكومة في الانفتاح الكامل على أية توجهات أو بدائل تُساهم في التغلب على الأزمة مع مُراعاة أسس وقواعد العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للعبء الناجم عن  الإجراءات الهادفة لتقليص العجز الجاري في الموازنة.


 


جاء ذلك خلال الحديث الإذاعي الذي خصصه رئيس الوزراء هذا الأسبوع  حول الحوار الوطني لمواجهة الأزمة المالية، وسبل التغلب عليها، والذي من المتوقع أن يبدأ أعماله في الايام القليلة القادمة،  حيث أوضح في حديثه ما أسفرت عنه اللقاءات التمهيدية مع ممثلي كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة تمهيداً لهذا الحوار، وبما يرسخ نهج يُؤسس لمبادىء المسؤولية والشراكة، وأسس المواطنة الصالحة في الحقوق والواجبات، وتعميق مبادىء الحكم الصالح والإدارة الرشيدة، وقال: "إن جوهر هذا الحوار يرتكز أساساً على ترسيخ نهج يُؤسس بالفعل لمبادىء المسؤولية والشراكة الكاملة في تحمل المسؤولية وترسيخ أسس مفهوم المواطنة الصالحة في الحقوق والواجبات، وتعميق مبادىء الحكم الصالح والإدارة الرشيدة،  وبحيث يتمكن الحوار، الذي توخينا أيضاً أن تُديره لجنةٌ من خارج الحكومة، لإعمال مبدأ التكافؤ، من بلورة صيغةٍ تحظى بأعلى درجة من التوافق وبما يعكس شكلاً متقدماً من الممارسة الديمقراطية، وبما يُمكن، وهذا هو الأساس، من تعزيز قدرة المواطنين على الصمود في مواجهة الأعباء الناجمة عن سياسات الاحتلال وطغيانه وإرهاب مستوطنيه، ويُعمق في نفس الوقت عملية الإصلاح الجارية في إطار النهوض الشامل  بجاهزيتنا الوطنية لإقامة الدولة، والإرتقاء بقدرة مؤسساتنا على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين بكفاءةٍ وإقتدار عاليين، وبما يُساهم في تعزيز ثقة المواطن بمؤسساته بعد أن انتزعنا الإقرار الدولي بكفاءة وجاهزية هذه المؤسسات".


 


وشدد رئيس الوزراء على أن ما تتطلع إليه السلطة الوطنية يتمثلُ أساساً في تعزيز ثقة المواطن بمؤسساته وبسلطته الوطنية وبمشروعه الوطني، وبقدرته على الإنجاز كمقدمةٍ لقدرته على الإسهام في إنجاز أهداف مشروعنا الوطني، وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال الذي يُشكل السبب الأساسي في كل ما يُواجهه شعبنا واقتصادنا الوطني، وبما يُعزز أيضاً قرارنا الوطني المُستقل ويُحصنه من إي  ابتزازٍ خارجيّ.


 


وأكد رئيس الوزراء الدكتور خلال حديثه الإذاعي أنه وفي إطار سعي الحكومة لبلورة توجهاتٍ وإجراءاتٍ تُمكنها من التغلب على الأزمة المالية التي تمُر بها منذ عامين، من خلال تقليص وترشيد النفقات وزيادة الإيرادات بصورةٍ متوازنة، توخت الحكومة ألا تمس هذه الإجراءات بالخدمات الأساسية وخاصةً الصحة والتعليم وبرامج شبكة الأمان الاجتماعي، ومراعاة أسس ومعايير العدالة الاجتماعية في توزيع العبء الناجم عن هذه الإجراءات، وبما يُجنب محدودي ومتوسطي الدخل والمزارعين الأفراد أية آثار سلبية من هذه الإجراءات. ولذلك فقد اعتمدت مبدأ توسيع التصاعدية في توزيع العبء الضريبي بالإضافة إلى الاستمرار في تحسين الإدارة الضريبية ومكافحة التهرب.


 


 واعتبر فياض خلال حديثه أن اللقاءات التمهيدية التي تم عقدها مع ممثلي القطاعات المُختلفة والتي شملت ممثلي القطاع الخاص والاتحادات ونقابة الموظفين والنقابات العُمالية والمهنية والقطاع الأهلي وقطاع المُزارعين والمعلمين وغيرها أظهرت جميعها درجةً متقدمة من الوعي بالمسؤولية ليس فقط في معالجة الأزمة التي نُواجهها، بل و بما يُمكن من حماية نسيج المجتمع وتماسكه في مواجهة الهم الأكبر المُتمثل بالاحتلال ، وما يتطلبه ذلك من ضرورة الإسراع في إنهاء الإنقسام والتغلب على تبعاته بما في ذلك عدم السماح بضياع الأموال التي يدفعها المواطن، وتضيع علينا مع شديد الأسف وتتسرب لخزينة الاحتلال والإستيطان، وقال: " نحن نرى في هذا الحوار فرصةً ليس فقط لبلورة الحلول الكفيلة بمواجهة الأزمة المالية، لا بل وللانتقال إلى مرحلةٍ نُرسي فيها أسس الشراكة في رسم وبلورة التوجهات والسياسات العامة، وتوفير متطلبات تنفيذها"، وتابع: "لقد أظهرت الحوارات التمهيدية أيضاً  الحاجة لتحقيق المزيد من قدرة المواطنين على الصمود، وضرورة الإسراع في إقرار قانون الضمان الاجتماعي والحد الأدنى للأجور، والنهوض بالقطاع الزراعي ودعم  قدرة المزارعين على الثبات على أرضهم في مواجهة مخططات المصادرة والاستيلاء على الأرض".


 


 وشدد رئيس الوزراء على أن السلطة الوطنية إذ تُسارع الخطى للنهوض بمقومات التنمية الكفيلة بتعزيز صمود شعبنا، فهي تستمر في ذات الوقت في سعيها للحصول على أكبر قدرٍ ممكن من المساعدات الخارجية لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها، وقال: "لقد تمحورت كافة الإجراءات والسياسات والتوجهات السياسية والاقتصادية التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات الماضية على تثبيت المواطن على أرضه وتمكينه من العيش بكرامةٍ عليها، وسيظل هذا الأمر الموجه الرئيسي لعملنا في إطار إعداد الموازنة كما في مناحي الإدارة الأخرى"، وأضاف: "إن الحوار  الوطني الذي نحن بصدده  يتمحور في جوهره على توخي العدالة الاجتماعية الكفيلة بتحقيق هذا الأمر والتأسيس لنهج  من الحكم والإدارة يقوم على الحوار والمشاركة في تحمل المسؤولية".


 


 وختم رئيس الوزراء حديثه الإذاعي بقوله: "إن سلطتكم الوطنية وهي تتصدى لمهام التحرر الوطني والبناء الديمقراطي في آنٍ واحد، فإنها تعمل بكل جدية على توفير الإمكانيات والوسائل الكفيلة بتعزيز قدرة أبناء شعبنا على الصمود في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وطغيانه، وإرهاب مستوطنيه، وهي في نفس الوقت تُسارع الخطى لحشد المزيد من الدعم الدولي ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته السياسية والقانونية، وإلزام إسرائيل بإنهاء احتلالها الذي طال أمده، وأضاف: "بالرغم من سياسات الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، فإننا مصممون على الاستمرار في تعزيز قدراتنا الذاتية، وبما يُمكن شعبنا من الصمود على طريق نيل حريته واستقلاله".