( الوطن العربي سفك دماء ودمار )..ما هو الحل ..!؟/منذر ارشيد

بقلم: منذر ارشيد

 


بسم الله الرحمن الرحيم


يتعرض الناس هذه الأيام لحالة من الحيرة التي وصلت إلى حد من الممكن وصفها  بالبؤس والإكتئاب وحتى المرض النفسي الذي لولا أن الله تعالى أكرمنا بنعمة الصبر الذي هو الدواء الشافي لكل محنة وابتلاء


قهر وعذاب ليس له إلا الصبر الذي إن أحسن المرء إستيعابه فإنه يحقق الفوز في الدنيا والاخرة  حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم


((عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن
إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له


لا يكاد يمر يوم إلا ونعيش أحداثا ً رهيبة ما كنا نراها أو نشهدها كما نشهدها هذه الأيام, لا بل لم نكن نشاهدها  بل كنا نسمع عنها من خلال أخبار تتناقلها وسائل الاعلام المقتصرة على الإذاعات أو الصحف


أما اليوم فنحن نعيش الحدث لحظة بلحظة وفي بث حي ومباشر, والبَرَكة في الفضائيات التي احتلت بيوتنا وأصبحت تشاركنا الطعام والشراب وحتى النوم.


 


بدون أدنى شك أن الإنسان هو كتلة من المشاعر التي تحركها الظروف والأحداث وخاصة أن الدم في الإنسان هو الذي يتفاعل من خلال المد والجزر الذي يحصل جراء الضغط الذي يؤثر على القلب والدماغ


لهذا نرى المرض القاتل وبشكل مفاجيء لدى الكثيرين من خلال الجلطات الدماغية أو القلبية وازدياد مرض السكري  نتيجة التأثر المباشر بالأحداث


وبما أننا أمة عربية ومسلمة , فالواحد منا يعيش أحداث ما يجري في منطقتنا لحظة بلحظة ونتأثر ونتفاعل معها  بشكل كبير وخطير لأن القتل يجري على إخوتنا في الدم والمصير


لقد مر علينا نحن الشعب الفلسطيني كثيراً من الأحداث على مدار  نصف قرن وما يزيد , وتعايشنا مع أحداث قضيتنا حتى أصبح الألم والحزن ملازماً لنا وقد توارثته الأجيال جيلاً بعد جيل حتى أصبح الحزن جزء ً من حياتنا


ولكن فاجأتنا الأحداث التي جرت في العالم العربي بشكل كبير وزادت همومنا وآلامنا وخاصة ونحن نرى المشاهد المؤلمة للجنازات  اليومية


 


 نرى سفك الدماء الذي أصبح مريعاً ومفزعاً لم نشهده إلا من إسرائيل التي لا تُحرم ولا تُحلل  إلا ما يخصها فقط


بدأت المشاهد في تونس بعد أن أحرق البوعزيزي نفسه وتوالت الأحداث


 في ليبيا شاهدنا خلالها مئات الحالات من القتل وسفك الدماء


اليمن الذي حصدت فيه أرواح إخواننا وأخواتنا على مذبح الحرية


وفي مصر  الحبيبة مذابح تكاد تُذهل العقول


وسوريا التي أصبح المشهد فيها أكثر فظاعة من خلال مشاهد مخيفة لصور القتلى الذين يزدادوا يوما ً بعد يوم ..والقادم أعظم


وهنا أشير أن القادم أعظم ليس في سوريا فحسب بل في أكثر من مكان في منطقتنا


لأنه وحسب استقرائي  , فالمشهد سيتكرر ويتوسع وسيشمل ...والله أعلم


لماذا أقول هذا لأني على قناعة أن الله تعالى الذي لا يرضى الظلم لا يمكن أن يخص


فئة من الناس دون فئة وخاصة أننا في المنطقة أمة واحدة لها ما لها وعليها ما عليها , ولعل ما يجري هو عقاب لنا جميعاً لأننا كلنا مذنبون


فالفتنة التي هي حاصلة ليست مقتصرة على ليبيا ولا على مصر ولا على اليمن أو سوريا , فالكل مشارك في هذه الفتنة التي هي وليدة تراكمات بدأت في عالمنا العربي منذ عقود من الزمن وخاصة منذ أن أحتلت أرض فلسطين


ولعل من أهم مظاهر الفتنة التي هي أشد من القتل , أن الأمة العربية والإسلامية تركت بيت المقدس وفلسطين واستهانت بها وأداروا ظهورهم تحت حجج واهية أهمها أن الشعب الفلسطيني هو صاحب المصلحة لوحده , وقد بين الله تعالى بأن بيت المقدس هو أمانة في رقبة كل مسلم وعربي وإلا لما جاء صلاح الدين الكردي لتحريره .!


التأييد والتنديد ..!


 


إن الأمة اليوم هي في أشد حالات الحيرة والدهشة مما يجري في المنطقة وهي ترى هذا الفحش والفجور الذي وصل إلى أساليب قتل الناس بعضهم بعضاً


وقد حصلت ثورات على الظلم والفساد التي ينتهجها الحكام العرب ولا أستثني أحدا  ناهيك عن بطاناتهم التي تغولت في استغلال موارد الدول وقد أرهقت المواطن الذي هو المستهدف من قبل  فئة قليلة متجبرة نهبت ثروات البلاد وأفقرت العباد وأرهنت الوطن العربي  بكل ما فيه للأجنبي الذي يتفنن في قتل النفس البشرية من خلال تشتيت الفكر وتخريب الثقافة وحتى المعتقدات التي هي عماد وجوهر التقدم الانساني وخاصة للمسلمين الذين تشتت أفكارهم وتنوعت أهدافهم,


 وزاغوا فأزاغ الله قلوبهم فتمكن الأعداء منهم للأسف


 


ولعلنا نلاحظ التناقض الحاصل أزاء القضايا التي نعيشها هذه الأيام منذ الثورة الليبية حتى المصرية التي نعيش تفاصيل مرعبة هذه الايام جراء العبث الاجرامي الذي يستهدف تدمير أقوى حصون الأمة العربية ,   وها نحن أمام ما يجري في سوريا هذه القلعة العربية المفصلية في منطقتنا والتي يراد لها أن تكون بؤرة التحول والتفكك العربي والاقليمي حتى تبسط أمريكا واسرائيل باقي ما تبقى من نفوذ وسيطرة


وبدون أدنى شك أن الكتاب وأصحاب الأقلام الذين كتبوا ويكتبون حول ما يجري في المنطقة وبشكل خاص في سوريا , نجد الإختلاف وحتى الخلاف في كثيرٍ من المواقف والاراء حول هذه القضية


الكتاب وأصحاب الأقلام


 


  بعض الكتاب ينطلقون من منطلق الحرص الوطني الخالص ولا يأبهون بما يقال هنا وهناك لأنهم يشعرون بحجم التامر الغربي والصهيوني على المنطقة خاصة أن التحالف القائم هو بين قوى غربية خارجية وشيطانية داخلية,  وهؤلاء كتاب بمعظمهم يعبرون عن آراء كثيرٍ من  الناس بمختلف شرائحهم وانتمائاتهم رغم أن وهناك كتاب لهم رأي آخر مختلف وهم يرون أن النظام في سوريا هو نظام مجرم ويجب إستئصاله بشتى الطرق حتى لو بالتدخل الخارجي ويرون أن هذا لا يضر بالمنطقة لا بل يعيدها أكثر قوة وصلابة


وهناك كتاب يكتبون حسب انتمائاتهم والتزاماتهم السياسية أو القطرية  فيكتبون حسب ما  تقتضيه المصلحة الخاصة التي يرتبطون بها,   ولا ننسى المأجورين الذين يتلقون الأموال والرشاوي فيكتبون لمن يدفع ..


ولكن بالمجمل نجد التناقض في الاراء نابع ٌمن الإعلام الموجه والمؤثر على تفكير الناس وهذا نجده اليوم بشكل مؤثر جداً


ونلاحظ هذا بشكل واضح من خلال تقليبنا للمحطات العربية التي تنشر الخبر الواحد وبأشكال وسيناريوهات  مختلفة وعنواين متضاربة وتحليلات متناقضة


مما يزيد الطين بلة مما يُعقد الناس ويحملهم أكثر مما يحتملون ,


وأيضاً نقرأ المقالات وعلى نفس الموضوع وفي نفس الصفحة هذا مؤيد لمسألة ما حصلت أو قيلت  وذاك رافضٌ ومندد  , وكما أنك تحضر مجلساً تستمع لنقاشات حادة تختلف الاراء حولها وتصل أحياناً للخلافات وحتى الشتائم


إذا ً هي الحسرة والحيرة والدهشة والشعور بالظلم والقهر الذي انتابنا كأمة وأخرجنا من حياتنا السعيدة إلى التعاسة  الذي أضاف لضيق الحال والغلاء


مزيداً من البؤس والشقاء


والغريب في الأمر أن هناك من يؤيد الحاكم الفلاني ويعارض الآخر على اعتبار الحاكم الفلاني بطل ومناضل ومقاوم وذاك عميل ومأجور


علماً أن الحكام العرب  لم نرى فيهم حاكما إلا وقد وصل برعاية أمريكية ناهيك عمن هم موجودين أصلا ً برعاية بريطانية


وأجزم أن جميع الحكام العرب هم مجرد موظفين لدى الإدارة الأمريكية ولكن المسألة وما فيها أن التغيير أصبح سمة العصر ولا مناص منه


بمعنى... تبديل الوجوه فقط لا غير  (شطب عميل سابق واستخدام عميل جديد )


 


أعتقد أننا وأمام كل هذا ونحن لا نستطيع أن نُغير الحال والذي هو  قدر مُقدر من الله العزيز الجبار , فالحال هو من أصل الحال,  ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم  , وما يجري ما هو إلا ابتلاء من الله لأمة ضيعت الإيمان وخانت الأمانة وتركت القوي يأكل الضعيف وتكاسلت وتراخت حتى استقوى الطواغيت عليها


ما هو الحل ..!


 


ولا أقول الحل لما يجري في العالم العربي ولا أقول الحل لقضية فلسطين .!


فالعالم العربي ذاهب إلى المجهول خاصة في قضية سوريا التي هي أهم وأخطر ما في المخطط الذي يتمركز في منطقة استراتيجية سيتقرر منها مصير المنطقة


فما علينا سوى الصبر  حتى يأتي الله بأمر من عنده  


وإنما أقول الحل لمشكلتنا نحن كمواطنون عرب نعيش في هذه الحيرة والغضب والألم  الذي فرض علينا الأرق والقلق وحتى المرض


وأطمئن الجميع أن المسألة لن تطول كثيرا ًفهناك مفاجئات على مستوى المنطقة والعالم ربما  بعدها تتغير المشاعر .. فالصبر الصبر والله غالب على أمره حتماً .


 


الحل  من وجهة نظري أن يصلح كل إنسان منا نفسه ولا يضيرنا ما يحصل حولنا من فوضى عارمة وعلينا التسليم بقضاء الله وقدره , لأن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون , وعلينا بالعمل الدؤوب والكفاح المتواصل ولو بالكلمة الطيبة التي قال الله عنها أحسن القول  ولا يضيرنا كل الخبث الذي طغى على مشهدنا العربي


وكما قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ
إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}


والله تعالى لن يخذلنا إذا عدنا إليه تائبين طائعين صابرين مرابطين


وليكن هدفنا كما هو دون تغيير أو تبديل ألا وهو ...تحرير فلسطين


 


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت