وأخيرا جاء اتفاق الدوحة لينضم إلى قائمة الاتفاقات الفلسطينية الفلسطينية، التي لم يتح لها فرصة التطبيق لتبقى في طي الملفات وداخل الأدراج ، على أي حال فإننا نبارك هذه الخطوة على الرغم من أنها جاءت مخالفة للنظام الأساسي ، نباركها لأننا نعتبرها خطوة للخروج من عنق الزجاجة التي وقف عندها القادة الفلسطينيون ، واستغرقت منهم ساعات طويلة وأيام مديدة وجلسات عديدة من الحوار ، اتفاق بهذا الشكل ما كان ينبغي أن ننتظره طوال هذه المدة ، على أي حال نأمل أن يجد هذا الاتفاق طريقا للتطبيق السريع ، وان يمتنع الفلسطينيون في هذه الفترة عن النقد والتمنع ودق الأسافين لكي يصبح هذا الاتفاق مجرد رقم في قائمة الاتفاقات سالفة الذكر .
ما يدفعنا إلى هذا القول هو ما نلمسه من وضع وصلنا فيه إلى شيء من الضياع والتيه لدرجة نسال فيها ، ماذا نحن فاعلون ، والى أين نحن ذاهبون .
إن من ينظر إلى حال الشعب الفلسطيني الآن، يدرك أن الشعب أصبح الآن غير معني بكل العناوين الكبرى الذي يطلقها البعض ، فالمواطن الفلسطيني لا يهمه إذا كان هذا الاتفاق مخالف للنظام الأساسي أو غير مخالف ، لا يهمه تمسك هذا الطرف برؤيته ومطالبه أم لا .
إن ما يهم الفلسطيني الآن هو ما يتعرض له من اعتداءات إسرائيلية يومية في حرب ممنهجه تشنها إسرائيل عبر مصادراتها للمزيد من الأراضي ، والتوسع الاستيطاني، وإطلاق قطعان المستوطنين ليعيثوا في الأرض الفلسطينية فسادا ، ناهيك عن قصفها بطائراتها ومدافعها ، واقتحاماتها ومداهماتها للبلدات والقرى الفلسطينية والاعتقالات بين صفوف الفلسطينيين ، ما يهم الفلسطينيون الآن هو ارتفاع معدلات البطالة والفقر التي باتت تنخر في جسد الفلسطينيين ما يدفع الكثيرين منهم خاصة قطاعات الشباب في مغادرة البلاد سعيا للاستقرار في مكان آمن تتفتح فيه آفاق المستقبل ، ما يهم الفلسطينيون هو رفع الحصار الظالم عن شعبنا سواء أكان في المحافظات الشمالية عبر الحواجز العسكرية الإسرائيلية أو المحافظات الجنوبية بإغلاق المنافذ والمعابر والأجواء والبحار .
دعوا هذه الحكومة تنطلق خاصة أنها برئاسة رجل نعرفه جميعا، فعلى الرغم من الأعباء الجسيمة الملقاة على عاتقة، إلا انه وجد نفسه مضطرا لان يضيف هذا العبء إلى أعبائه ، رغبه منه في الخروج من عنق الزجاجة التي توقفنا عندها كثيرا .
في اعتقادنا أن قبول الرئيس محمود عباس بتولي رئاسة الحكومة القادمة، جاء رغبة منه في تخطي عقبه أصبحت من ابرز العقبات في طريق المصالحة وإعادة اللحمة الوطنية ، كما نعتقد أن الرئيس يدرك تماما أن الطريق أمام حكومته المرتقبة لن تكون مفروشة بالورود ، ولكنها ستكون مليئة بالأشواك التي ستعيق تقدمها وأداء أعمالها ما يهددها بعدم الاستمرار ، لذلك نقول كان الله في عون هذه الحكومة إذا ما قدر لها رؤية النور .
يعلم الجميع بان هذه الحكومة وإن كنا متأكدين أن الرئيس محمود عباس سيكون حريصا على أن تنحصر مهامها في الأمور التي تم الاتفاق عليها ، حكومة لا دخل لها في الأمور السياسية بل ستنصب مهامها على إعادة الاعمار والتمهيد لا جراء انتخابات رئاسية وتشريعية، والعمل على تجسيد المصالحة وإعادة تنظيم عمل المؤسسات ، ولكن هذه الحكومة ستأتي في ظل ظروف صعبة، مطلوب من الجميع إدراكها والعمل على مواجهتها بالتصميم والإرادة الصادقة حتى لا تتعثر وتذهب قبل أن تحقق أهدافها ونعود إلى نقطة الصفر، لذلك ولكي تنجح هذه الحكومة في تحقيق أهدافها علينا تذكر الآتي :
- أن همنا الأساسي والكبير هو إزالة الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة مستغلين ما نتمتع به من نقاط قوة، أهمها التأييد الدولي الواسع لنا في كل المحافل .
- تأجيل كل رؤانا وبرامجنا المختلفة المثيرة للخلاف ، إلى ما بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة التي ستفرز قيادة جديدة مدعومة شعبيا .
- إن هذه الحكومة ستأتي في ظل سياسة إسرائيلية عدوانية ، حيث أعلن القادة الإسرائيليون عدائهم المسبق لها ، وبالتالي فسوف يكون هناك المزيد من الإجراءات الإسرائيلي المعادية لعرقلة عمل هذه الحكومة، لذلك علينا العمل لتفويت الفرصة عن الاحتلال بدعم هذه الحكومة حتى تنجز مهامها وتحقق أهدافها .
- أن هذه الحكومة ستأتي في ظل الظروف السياسية التي تحيط بالعديد من البلدان العربية المحيطة بنا ، والتي تلقي بظلالها على شعبنا وطموحاته .
إذن لكي يسير شعبنا في الطريق الصحيح في اعتقادي يجب دعم هذه الحكومة ، بالنظر أولا إلى المصالح العليا لشعبنا ، والبعد عن المصالح الحزبية والفئوية ، لأنها إذا ما منيت بالفشل ربما سننتظر طويلا ، ونتيح الفرصة للاحتلال لتحقيق اهدافة على حسابنا ، لذلك على كل الفصائل التجاوب وتسهيل مهام هذه الحكومة بغض النظر عن مخالفتها للقانون أو عدم مخالفتها .
أكرم أبو عمرو
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت