الله غني عن خلقه وأعمالهم وعباداتهم ، فمن عمل صالحاً فلنفسه ، ومن أساء فعليها ، ولا يظلم ربك أحدا ، ولكنَّ من يحسن يرجو الإحسان ، ومن يسيء فلا ينتظر إلا الإساءة ، قال عزوجل : {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }الأنعام160 ،وقال :{وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف147. والله تعالى جعل ثوابه وعقابه في الآخرة مرتباً على نوع التعامل بين الناس ثواباً وعقاباً في الدنيا ، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما والسياق للبخاري بسنده إلى ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " اهـ .
وقد رواه مسلمٌ من طريق أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ،وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ،وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ ،وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ " اهـ .
أيها الناس ، يا عباد الله :يرحم الله الإمام العلامة ابن القيم فقد قال : ( اعلم أن لك ذنوبا بينك وبين اللّه ، تخاف عواقبها ، وترجوه أن يعفو عنها ويغفرها لك ويهبها لك. ومع هذا لا يقتصر على مجرد العفو والمسامحة ، حتى ينعم عليك ويكرمك ، ويجلب إليك من المنافع والإحسان فوق ما تؤمله. فإذا كنت ترجو هذا من ربك ، وتحب أن يقابل به إساءتك ، فما أولاك وأجدرك أن تعامل به خلقه ، وتقابل به إساءتهم؟ ليعاملك اللّه تلك المعاملة. فإن الجزاء من جنس العمل فكما تعمل مع الناس في إساءتهم في حقك يفعل اللّه معك في ذنوبك وإساءتك ، جزاء وفاقا. فانتقم بعد ذلك ، أو اعف ، وأحسن أو اترك. فكما تدين تدان ، وكما تفعل مع عباده يفعل معك ، فمن تصور هذا المعنى ، وشغل به فكره. هان عليه الإحسان إلى من أساء إليه ) اهـ.
وهذا الخلق العظيم المتقرر في النفوس المطمئنة بالإيمان ، جعله الله سبباً وباعثاً حاثاً على أمرين عظيمين :
* الأمر الأول ، المبادرة إلى أعمال المعروف والبر والإحسان وصلة الأرحام في أجلى صورها ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ، فليصل رحمه ". متفق عليه . فمن وصل رحمه وصله الله ورحمه ، فبسط وأوسع له في الرزق ، وبارك له وأخر له في استمرار الأثر الطيب من الولد الصالح والعمل الصالح بعد موته، وكما في الحديث الذي رواه النسائي وغيره من حديث العلاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " .
* الأمر الثاني ، اجتناب الآثام والسيئات والفواحش حتى لا نقع فيها ، والإقلاع عن الخطايا والذنوب إن وقعنا فيها بالفعل : روى البخاري في صحيحه من طريق الْجُرَيْرِيِّ عَنْ طَرِيفٍ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ : ( شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهُوَ يُوصِيهِمْ ، فَقَالُوا هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ؟..قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقْ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَالُوا : أَوْصِنَا ، فَقَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ ، وَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ " ) اهـ .
وأخرج الحاكم من طريق سويد أبي حاتم عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم ، و بروا آباءكم تبركم أبناؤكم ، و من أتاه أخوه متنصلا ; فليقبل ذلك منه محقا كان أو مبطلا ، فإن لم يفعل ; لم يرد علي الحوض " .قال الألباني : ضعيف الإسناد .
إخوة الإسلام والإيمان :ومما جاء من الترهيب من المضارة والمشاقة بالناس والعباد ؛ أن الله يجازي عبده منها بمثل فعله : فعن أبي صرمة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ضار ضار الله به . ومن شاق شق الله عليه "رواه الترمذي وابن ماجه .
قال الشيخ السعدي رحمه الله : ( .. هذا الحديث دل على أصلين من أصول الشريعة :
أحدهما : أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر ، وهذا من حكمة الله التي يحمد عليها ، فكما أن من عمل ما يحبه الله أحبه الله ، ومن عمل ما يبغضه أبغضه الله ، ومن يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه ، كذلك من ضار مسلما ضره الله ، ومن مكر به مكر الله به ، ومن شق عليه شق الله عليه ، إلى غير ذلك من الأمثلة الداخلة في هذا الأصل .
الأصل الثاني : منع الضرر والمضارة ، وأنه " لا ضرر ولا ضرار "وهذا يشمل أنواع الضرر كله ، والضرر يرجع إلى أحد أمرين : إما تفويت مصلحة ، أو حصول مضرة بوجه من الوجوه ، فالضرر غير المستحق لا يحل إيصاله وعمله مع الناس ، بل يجب على الإنسان أن يمنع ضرره وأذاه عنهم من جميع الوجوه ) اهـ.
يا إخوتاه :فَلْنَعِ ولْنَتَّبِعْ ، ولنسمع ولنطع ، وقد صدق الحسن البصري رحمه الله إذ روى ابن أبي الدنيا عن الربيع بن صبيح ، قال : ( كان الحسن يقول : ارض عن الله يرض الله عنك وأعط الله الحق من نفسك أما سمعت ما قال تبارك وتعالى : {رضي الله عنهم ورضوا عنه } التوبة 100.
إخوة الإسلام والإيمان ، يا عباد الله : من عمل صالحاً فلنفسه إي والله ، ويا ويح من أساء فعلى نفسه جنى بإساءته ، ومما يستلزم ذلك ويدل عليه في أحكام الجزاء الدنيوي أحكام القضاء بين الناس ، ومن ذلك قوله سبحانه :{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة 45.
ومنه أيضاً الحديث عن سمرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل عبده قتلناه ، و من جدع عبده جدعناه "والجدع قطع الأنف .رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة .
ولكن الله رغب في العفو إن كان فيه إصلاح للمعفو عنه ، وإلا فالقصاص أولى ، قال الله تعالى :{ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } الشورى40. ، قال الشيخ السعدي رحمه الله : ( ذكر الله في هذه الآية، مراتب العقوبات، وأنها على ثلاث مراتب: عدل وفضل وظلم؛ فمرتبة العدل، جزاء السيئة بسيئة مثلها، لا زيادة ولا نقص، فالنفس بالنفس، وكل جارحة بالجارحة المماثلة لها، والمال يضمن بمثله،ومرتبة الفضل: العفو والإصلاح عن المسيء، ولهذا قال: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } يجزيه أجرا عظيما، وثوابا كثيرا، وشرط الله في العفو الإصلاح فيه، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون مأمورا به ، وفي جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو، وأن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله الله به، فكما يحب أن يعفو الله عنه، فَلْيَعْفُ عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل وأما مرتبة الظلم فقد ذكرها بقوله: { إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } الذين يجنون على غيرهم ابتداء، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم.) اهـ .
وهذا الحديث في المعذبين في النار جراء أعمالهم الدنيئة في الدنيا ، فقد روى الإمام النسائي في الصغرى قال :أخبرنا هلال بن بشر قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد عن عطاء بن السائب قال حدثني أبي السائب أن عبد الله بن عمرو حدثه قال : ( انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقام الذين معه فقام قياما فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه وسجد فأطال السجود ثم رفع رأسه وجلس فأطال الجلوس ثم سجد فأطال السجود ثم رفع رأسه وقام فصنع في الركعة الثانية مثل ما صنع في الركعة الأولى من القيام والركوع والسجود والجلوس فجعل ينفخ في آخر سجوده من الركعة الثانية ويبكي ويقول لم تعدني هذا وأنا فيهم لم تعدني هذا ونحن نستغفرك ثم رفع رأسه وانجلت الشمس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل فإذا رأيتم كسوف أحدهما فاسعوا إلى ذكر الله عز وجل والذي نفس محمد بيده لقد أدنيت الجنة مني حتى لو بسطت يدي لتعاطيت من قطوفها ولقد أدنيت النار مني حتى لقد جعلت أتقيها خشية أن تغشاكم حتى رأيت فيها امرأة من حمير تعذب في هرة ربطتها فلم تدعها تأكل من خشاش الأرض فلا هي أطعمتها ولا هي سقتها حتى ماتت فلقد رأيتها تنهشها إذا أقبلت وإذا ولت تنهش أليتها وحتى رأيت فيها صاحب السبتيتين أخا بني الدعداع يدفع بعصا ذات شعبتين في النار وحتى رأيت فيها صاحب المحجن الذي كان يسرق الحاج بمحجنه متكئا على محجنه في النار يقول أنا سارق المحجن ) اهـ .
فيا عباد الله ، يا أهل الإسلام :الدنيا مهما طال أمدها ،وزاد مددها ، وصفا ماؤها ، وبرد هواؤها، وأينعت زهرتها ، إنما هي دار الارتحال والفناء ، والبصير اللبيب فيها من أخذ بحاجته من حلالها ولو مازجته مرارةٌ ، ولم يلتفت إلى الحرام فحلاوته كاذبةٌ غَرَّارَة ، يا إخوتاه : فلنتأهب للرحيل قبل حلوله ، ولنستعد للموت قبل نزوله ، ، ولنشمر عن ساق الاجتهاد والعمل ، قبل أن يُنَادى بنا ونساقَ للركوب فلا مَهَل ، فإن رواحل الموت قد أنيخت بالأبواب ، وإن الآخرة قد جهزت بجهازها من الثواب والعقاب ، فلا يجدينا اعتذارٌ ولا ينفَعُنَا عتاب ، ولن ينصرنا من دون الله الأهلون ولا الأصحاب ، بهذا جاءت السُّنَّة ونطق الكتاب .
إخوة الإسلام ، يا أهل فلسطين :ما أحرانا أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ،فهؤلاء لهم البشرى ، وأما أنتم يا من ألهته آماله ، وأغرته أعماله ، وأعجبه مقاله ، فعمي هو عنه حالُه ، كيف بكم وقد زال ملككم وسُلِبْتُم أملاككم ؟! ..كيف بكم وقد نزل مما بكم ما ينزل ببابكم ؟!..وما يُسْتَقْبَلُ إنه والله لهو الأدهى والأمر مما بكم ، يوم تقوم الساعة ، إذ تنشر صحائف الأعمال ، وتحشر حفاةً عراةً غرلاً النساء والرجال ، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ...البدار البدار ، والتوبة التوبة ، قبل فوات الأعمال ، وانقطاع الآمال ، وانقضاء الآجال ، أيها القوم : أحلوا ما أحل الله لا ما أحللتم ، وحرموا ما حرم الله لا ما حرمتم ، صلوا الأرحام المقطوعة ، وأجروا الأرزاق الممنوعة ، وزنوا بالقسطاس المستقيم ، لا تتشبعوا بما لم تُعْطَوا فالمتشبع بما لم يُعْطَ كلابس ثوبي زور أوفوا بما نقضتم من العقود ، وأحسنوا بما أسأتم من العهود ، ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : " وإن حسن العهد من الإيمان " ، وقروا الكبير ، وارحموا الصغير ، وأغنوا الفقير ، واجبروا الكسير ، وفكوا الأسير ، والله الله نسأله أن يهدينا ويهديكم .
ما أحرانا أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ،فهؤلاء لهم البشرى ، وأما أنتم يا من ألهته آماله ، وأغرته أعماله ، وأعجبه مقاله ، فعمي هو عنه حالُه ، كيف بكم وقد زال ملككم وسُلِبْتُم أملاككم ؟! ..كيف بكم وقد نزل مما بكم ما ينزل ببابكم ؟!..وما يُسْتَقْبَلُ إنه والله لهو الأدهى والأمر مما بكم ، يوم تقوم الساعة ، إذ تنشر صحائف الأعمال ، وتحشر حفاةً عراةً غرلاً النساء والرجال ، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ...البدار البدار ، والتوبة التوبة ، قبل فوات الأعمال ، وانقطاع الآمال ، وانقضاء الآجال ، أيها القوم : أحلوا ما أحل الله لا ما أحللتم ، وحرموا ما حرم الله لا ما حرمتم ، صلوا الأرحام المقطوعة ، وأجروا الأرزاق الممنوعة ، وزنوا بالقسطاس المستقيم ، لا تتشبعوا بما لم تُعْطَوا فالمتشبع بما لم يُعْطَ كلابس ثوبي زور أوفوا بما نقضتم من العقود ، وأحسنوا بما أسأتم من العهود ، ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : " وإن حسن العهد من الإيمان " ، وقروا الكبير ، وارحموا الصغير ، وأغنوا الفقير ، واجبروا الكسير ، وفكوا الأسير ، والله الله نسأله أن يهدينا ويهديكم ؛ اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد ، وآله الطاهرين المطهرين ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين ، الأئمة المهديين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي – ، ،وسائر الصحابة أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
الشــيخ ياســين الأســطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
بالمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت