سـوريا الدم المسفوك/زياد اللهاليه

ان ما يحصل على الأرض السورية أصبح يتجاوز بكثير إسقاط نظام سياسي  استفرد بالسلطة أربعين عاما وحكم البلاد بالحديد والنار ليأخذ منعطف جديد وهو اخذ البلاد نحو حرب أهليه طويلة الأمد عناصرها ومكوناتها الشعب السوري بكافة أطيافه على غرار الحرب الطائفية التي اجتاحت لبنان والعراق وتغذيها دول إقليمية وعالمية تستهدف بالدرجة الأولي سوريا ارض وشعب وتصفية مصالح وامتدادات دولية واستبدالها بأخرى وهي بناء شرق أوسط جديد او الشرق الأوسط الكبير  مبني على أسس وثوابت جديدة من أولوياتها تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ الى كنتونات سياسية صغيرة وهى استكمال لاتفاقية سايكس بيكو ولكن الآن بأيدي عربية واليات ودعم غربي


 


نعم إننا نؤمن إيمان راسخ بعدالة المطالب الشعبية للشعوب العربية في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وان  تحيا هذه الشعوب حياة كريمة وان تتبوء مكانتها بين الأمم وأنى لها ان تتخلص من كل أطياف الظلم ومن أنظمة رجعية استعبدتها عشرات السنوات وأذاقتها المهانة والذل والعار واستباحة دمه وكرامته ونهبت ثرواته والنظام السوري جزء لا يتجزأ من النظام العربي ونحن لا ندافع عن النظام ولا نعطيه الهوية الوطنية وندرك جيدا طبيعة النظام القمعية والفاشية


 


 ولكن يبدو ان الثورة العربية انحرفت عن مسار التغيير السلمي للنظم السياسية وأخذت الثورات الطابع المسلح والتدويل وأصبحت تستقوي بالغرب على بلادها وامنها الداخلي اننا ندرك جيدا ان الغرب تفاجئ من الثورات العربية وما أحدثته من تغيير على الساحتين التونسية والمصرية والتي ننحني إجلالا وإكبارا لتلك الثورتين اللتين علمتا العالم أسس التغيير السلمي للسلطة بعيدا عن التدخل الخارجي ولكن ما حدث لليبيا وسوريا اعتقد انه تدخل أجنبي بشكل مباشر في الشان الداخلي العربي ويتجاوز دعم شعب اعزل


 


ان المعارضة او الثورة سميها كما تشاء التي استباحة الدم السوري بأبشع صورة هي معارضة وهمية وصولية  ومرتبطة بالخارج وتنفذ أجندات خارجية وإنا هنا لا أخون  كل المعارضة السورية بل  الجزء الأكبر من المعارضة السورية والتي ترفض الجلوس على طاولة الحوار للخروج من عنق الزجاجة هي معارضة وهمية لا تمثل الشعب السوري وهي ربيبة الغرب والاستخبارات الغربية منذ عقود من الزمن وتمويلها يأتي من الغرب وتنفذ أجندات خارجية وليس أجندات وطنية وتريد ان تأخذ البلاد نحو حرب أهلية لا تبقي ولا تذر وقودها الشعب السوري والأرض السورية وإننا هنا ننحاز الى سوريا شعبا وأرضا وليس إلى العابثين   


 


ان الديمقراطية لا تأتي عبر شلالات الدم المسفوك بأبشع صوره ولا عبر الجماجم والأشلاء المقطعة والبيوت المهدمة , الثوريون والديمقراطيون والشرفاء اللذين عذبوا واضطهدوا لا يمارسون لعبة القتل البشعة وان كان النظام جزارا وفاشيا لا يجوز لنا ان نتحول لفاشييين ونازيين ضد أبناء شعبنا والتغيير ياتي عبر سلمية الثورة وديمومتها وعبر الحوار الوطني وان تكون سوريا أولا وبعد ذلك صناديق الانتخابات


 


للأسف الشديد ان من يتباكى على الشعب السوري وعلى الدم العربي جامعة الدول العربية التي لم نسمع لها صوت اثناء الاجتياح الإسرائيلي على لبنان وحصار اول عاصمة عربية عام 1982 ولا عام 2006 او اثناء الحرب على غزة ولم نسمع صوت تلك الجامعة الاعبر بيانات الاستنكار والشجب والإدانة  , وأنظمة دكتاتورية وفاشية وقمعية فرائحة الديمقراطية الخليجية تفوح من عبق التاريخ لتعم العالم عبر  القمع للثورة البيضاء في البحرين والطائف في السعودية ومن البدون في الكويت واكبر القواعد العسكرية الأمريكية قاعدة العديد في قطر عرابة السياسة الأمريكية الجديدة في الوطن العربي او من خلال القواعد الأمريكية المتعددة في الخليج العربي او من الأسطول الأمريكي الراسي على شواطئ الخليج , ومن تبوئها على ممالكها وعروشها منذ أكثر من سبعين عاما وتتعامل مع الخليج وشعبه وكأنه جزء من ممتلكاتها الخاصة والتي نهبت ثرواته ومقدراته ومن يدير تلك الممالك هي الاستخبارات الأمريكية الأوروبية وشركات النفط والشركات الضخمة فاي ديمقراطية يتحدثون عنها ففاقد الشئ لا يعطيه


 


اننا لم  نقرأ عبر التاريخ ان الولايات المتحدة وأوروبا كانت إنسانية إلى هذه الدرجة من التباكي على الدم العربي والدعم ألا متناهي للديمقراطية العربية والعالمية وأيديها ملطخة بالدم العربي في العراق وليبيا ولبنان وفلسطين والسودان وأفغانستان وكوبا وكوريا والمعتقلات السرية في العالم  وفي كل بقعة من العالم تشهد على الجرائم الأمريكية الأوروبية ودعمها ألا محدود لإسرائيل وجرائم الاحتلال الإسرائيلي ما زالت شاهد على العصر ,الم تكن هذه الأنظمة العربية الرجعية ربيبة النظام الغربي  من هنا نستغرب ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية       


 


ان كل السوريون مدعوون الآن إلى وقف سفك الدماء والجلوس على طاولة الحوار على غرار التجربة اليمنية وتجنيب سوريا المزيد من شلال الدم وعلى النظام القمعي الخضوع للإرادة الشعب ووقف آلة القمع والقتل وسحب الجيش إلى ثكناته العسكرية فالخاسر الأول والأخير سوريا شعبا وأرضا والمستفيد الوحيد المتربصون بسوريا .   

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت