إسرائيل أم مصر: من يطفئ غزة؟ / مصطفى إبراهيم

بقلم: مصطفى إبراهيم

يدور جدل “غزي” داخلي حول أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي المستمر والتهديد بوقف محطة توليد الطاقة عن العمل بسبب عدم توفر الوقود المصري المهرب الذي يزود محطة التوليد، في ظل محاولات سلطة الطاقة في غزة التي باءت بالفشل مع الحكومة المصرية لإمداد غزة بالوقود المصري أو البدء فورا بتنفيذ مشروع الربط الإقليمي حيث أكدت سلطة الطاقة ان لا وعد من مصر بتنفيذ ذلك.


 


سلطة الطاقة طالبت وناشدت الحكومة المصرية ومجلس الشعب المنتخب حسب البيان الصادر عنها بأخذ دورها المسؤول في ضمان إمداد غزة بالوقود وعدم السماح بتفاقم الأزمة، وان تأخذ مصر دورها العربي والإسلامي والقومي في إنقاذ غزة من كارثة إنسانية محققة في حال توقفت إمدادات الوقود المصرية إلى قطاع غزة، وألا يتم التعامل مع غزة بسياسة الرمق الأخير.


 


الحصار مفروض على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ خمس سنوات، ودولة الاحتلال تتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية على القطاع، لكن الجدل الدائر الآن في غزة ليس في تحميل الاحتلال المسؤولية بقدر ما هو تحميل حكومة غزة المسؤولية أيضاً عن ما يجري من أزمة خانقة يعانيها القطاع في نقص توفر الوقود لمحطة التوليد وانقطاع التيار الكهربائي وللإغراض الأخرى.


 


ومن جانب آخر تحمل سلطة الطاقة الحكومة المصرية المسؤولية عن عدم تزويد القطاع بالوقود، فمنذ بداية العام الماضي أوقفت سلطة الطاقة استيراد الوقود من دولة الاحتلال الذي يشغل محطة التوليد، واعتمدت على الوقود المصري المهرب ورهن كل خيارتنا في استيراد الوقود المهرب عبر الأنفاق من دون ضمانات باستمرار وصوله بانتظام، وما نشهده من أزمة خانقة يوضح مدى الخلل في هذا التوجه وعدم صوابه، والذي يصب في عدم تحميل الاحتلال المسؤولية.


 


وهذا يتناقض مع قواعد القانون الدولي التي تؤكد على المركز القانوني للقطاع باعتباره ارضا محتلة وهو يتحمل كامل المسؤولية عن الحصار وعقابها سكان قطاع غزة، ومع ان الجدل السياسي والقانوني لم يتوقف في دحض الحجج التي حاولت دولة الاحتلال سوقها لتضليل الرأي العام الدولي بأن قطاع غزة أصبح منطقة لا تخضع لسلطاتها، وبالتالي فهي غير مسئولة عن طبيعة ومستوى عيش السكان فيها.


 


و ساد اعتقاد لدى بعض الفلسطينيين أن قطاع غزة حرر من الاحتلال الإسرائيلي، وبناء عليه يحاول هؤلاء تعزيز تلك المقولة من خلال تعزيز الفصل الإسرائيلي، وعدم العمل والضغط على إسرائيل في تحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية.


 


إلا أن إجماع خبراء القانون الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان، أكد على أن تنفيذ دولة الاحتلال للانسحاب الاحادي الجانب عن القطاع لا يغير من الوضع القانوني له، وما عزز ذلك مؤتمر الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، وما ورد في تقارير البروفسور جون دوغارد، مقرر الأمم المتحدة الخاص السابق بالأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي أكد على عدم تغير المكانة القانونية لقطاع غزة.


 


والسؤال هنا: إسرائيل أم مصر من يطفئ غزة؟ ومع استمرار الجدل الفلسطيني حول ذلك فإن إسرائيل هي من يتحمل المسؤولية الكاملة مع العلم أنها تزود القطاع منذ احتلاها بـ 120 ميجا وات، ولم تقوم بزيادة الكمية منذ العام 1967، مع أننا ندفع ثمنه، ومسؤولية مصر تنبع من دورها العربي والقومي تجاه قطاع غزة.


 


علينا عدم رهن خياراتنا كلها باتجاه مصر وتحميلها المسؤولية، والضغط على دولة الاحتلال من أجل فتح جميع المعابر، والعمل من خلال موقف وطني موحد تجاه العمل عن رفع الحصار والاستمرار في تعرية دولة الاحتلال وتوسيع خياراتنا ليس لحل أزمة الوقود فقط، بل جميع الأزمات جراء ممارسات دولة الاحتلال، وجزء منها نحن نعمقها ونفتعلها أحياناً، ونزيد من معاناة الفلسطينيين وتطيل أمد الاحتلال.


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت