رغم ما شهدته العاصمة الأردنية عمان مؤخرا من لقاءات استكشافية جمعت المفاوض الفلسطيني والإسرائيلي على مائدة واحدة , إلا أن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية مازالت تعوم في مياه راكدة ما دفع القيادة الفلسطينية إلى التوجه إلى العرب والعالم لوضعهم بصورة ما يحدث .
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد أن استئناف المفاوضات يتطلب وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، وقبول مبدأ حل الدولتين على حدود (67)، والإفراج عن الأسرى خاصةً الذين اعتقلوا قبل نهاية عام 1993.
وقال الرئيس عباس في خطاب أمام مجلس الجامعة العربية بالقاهرة, مساء الأحد، إن القيادية الفلسطينية ستوجه رسائل إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين (نتنياهو) وإلى قادة العالم لتحديد أسس ومرجعيات استئناف المفاوضات مع إسرائيل, موضحا أن الرسائل الموجهة لنتنياهو والعالم ستتضمن مجموعة من النقاط تلخص الاتفاقات والمرجعيات، والوضع الحالي وعدم إمكانية استمراره على ما هو عليه، أي (بقاء السلطة دون سلطة).
مراسلة وكالة قدس نت للأنباء في غزة ياسمين ساق الله تحدثت مع عدد من المحللين السياسيين حول جدوى هذه الرسائل على صعيد العودة إلى ملف المفاوضات مع اسرائيل خلال المرحلة المقبلة وغيرها من التساؤلات التي طرحت وذلك في سياق سطور التقرير التالي .
بدوره , المحلل السياسي طلال عوكل , يرى أن هذه الرسائل يسعى الرئيس عباس من ورائها إلقاء فشل وانسداد أفق التسوية بالمنطقة في حجر إسرائيل , قائلا:" عباس يريد أن يقلب الحجارة والأوراق ويقول للعالم عبر هذه الرسائل هذا ما نملكه ولا تلومنا بعد ذلك على شي سنقدم عليه خلال المرحلة المقبلة".
ويتابع عوكل :"هناك تفهم أمريكي بأن الرئيس عباس قدم مرونة كبيرة في المفاوضات مع اسرائيل وأن الأخيرة هي من تتحمل مسؤولية هذا التوقف بالتالي يريد إيصال رسالة للعالم بألا تلوموا الفلسطينيين على شي على صعيد ملف التفاوض مع الاحتلال كون ذلك أخر ما لدينا", مؤكدا على أن عباس يريد الظهر بأنه مع السلام ويسعى إلى التوصل إلى حلول للعودة مجددا إلى المفاوضات.
وحول مدى تأثير هذه الرسالة على الحكومة الإسرائيلية , يقلل المحلل السياسي عوكل من أهمية وجدوى هذه الرسائل نظرا لصلابة وتعنت الموقف الإسرائيلي في ملف المفاوضات , متابعا:" اسرائيل لم تستجيب لهذه الرسائل فرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قدم مقترحات ورزمة تسهيلات سياسية ليس لها أي أهمية على الواقع وليس من شأنها احدث أي تقدم في ملف المفاوضات المجمد".
وفي الوقت ذاته , كان الرئيس عباس قد تحدث في خطابه :"سننتظر الرد على رسائلنا، وفي حال عدم الاستجابة، سنبدأ خطواتنا المتعلقة بمجلس الأمن والجمعية العامة ومؤسسات الأمم المتحدة الأخرى، وتفعيل ميثاق جنيف الرابع لعام 1949، بخصوص حماية المدنيين في زمن الحرب، منوها إلى احتمال قيام (الكونغرس) بقطع المساعدات، أو قيام إسرائيل باحتجاز عائدات الضرائب.
كما يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر د. مخمير أبو سعدة أن هذه الرسالة محاولة فلسطينية لوضع العالم أمام حقيقة من يفشل المفاوضات, قائلا:" عباس يحاول أن يضع قادة العالم أما صورة الوضع بأنه بعد فشل لقاءات عمان الاستكشافية وبعد عدم تقديم اسرائيل أي فرص جدية للعودة للمفاوضات وأنها هي من تعرقل مسيرة التسوية وأنها ستسمر في مخالفة القانون الدولي بمواصلة استيطانها بالقدس والضفة الغربية ".
ويعتبر أبو سعدة أن هذه الرسائل الفلسطينية إلى اسرائيل والعالم بأنها تحذيرية لإسرائيل بسبب تعنتها بمواصلة الاستيطان , متابعا:" يريد الفلسطينيون أن يقولوا لإسرائيل بأنهم مجددا سيتوجهون إلى العالم وإلى المجلس الدولي لبدء المعركة الدبلوماسية من جديد للحصول على الاعتراف الدولي بحقوقهم وبالدولة الفلسطينية".
ويتوقع أن هذه الرسائل لن تحمل في مضمونها أي نتائج ايجابية تعود في صالحها للجانب الفلسطيني , قائلا:"العالم اليوم منشغل بالثورات العربية أهمها الملف السوري والإيراني والمصري وبالأزمات المالية والاقتصادية بالتالي اسرائيل منشغلة بما يحدث بالوطن العربي ولم تحرك المياه الراكدة في عملية التسوية", متابعا:" نتنياهو لن يهتم بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في هذه الآونة وما حديثه عن الشأن الفلسطيني والسلام مع الفلسطينيين مجرد للاستهلاك الإعلامي".
ومازال الرئيس عباس ينوه إلى أن الإسرائيليون حتى الآن يرفضون وقف الاستيطان، يرفضون تقديم خرائط، ويرفضون الاعتراف بخطة خارطة الطريق ويقولون إنهم قدموا 14 تحفظا، مشيرا إلى "أننا بعد أسابيع قليلة سنحتفل بالمبادرة العربية للسلام، بمرور عشر سنوات على إطلاق هذه المبادرة في قمة بيروت، ومع الأسف لم يحصل بها شيء وإسرائيل لا تلتفت إليها ونحن في كل مناسبة نقول للإسرائيليين إنها فرصة ثمينة لكم وللسلام في العالم، اعترفوا بدولة فلسطينية وانسحبوا من الأراضي المحتلة، فإن العرب جميعا والمسلمون أيضا سيعترفون بكم ويطبعون علاقاتهم معكم حسب المبادرة العربية".