لماذا لم يكرم الرئيس عباس المبدعة رنا قديح/محمد نبيل

حازت الطالبة الفلسطينية المبدعة رنا نعيم قديح المقيمة في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة أبو ظبي على جائزة "بورياليس" أهم وأبرز الجوائز العالمية المرموقة في مجال الإبداع وذلك لدورها الفاعل في تحقيق الأطروحة الإبداعية التي قدمتها في مجال البولي أولفينات "البلاستيك" وهي من إحدى خريجات معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا المؤسسة الأكاديمية البحثية للدراسات العليا في أبو ظبي التي تركز على تقنيات الطاقة المتقدمة والتنمية المستدامة.


 


وتناولت وسائل الاعلام والصحف الفلسطينية بشكل عام والإماراتية بشكل خاص فوز رنا بالجائزة التي تسلمتها يوم 19 يناير بمدينة لينز في النمسا ونشرت صحف الإمارات بإهتمام بالغ وفي صدر صفحاتها خبر حصولها على الجائزة على إعتبار ان الفوز بهذه الجائزة المرموقة هو فخر لكل عربي ولايقتصر على الفلسطينيين فحسب كما أشاد الاكاديميون والمثقفون في الإمارات بهذا التفوق متمنيين لها المزيد من التقدم العلمي.. الا انه وبالرغم من هذا الانجاز العلمي العظيم الذي حققىته الطالبة رنا وماصاحبه من تقدير وإحترام وثناء من المؤسسات والنخب العلمية الإماراتية ..لم يلقى للأسف أي ترحيب أو إهتمام من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن ولا من رئيس وزراءه سلام فياض أو من وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي لميس العلمي أو من سفيره في أبو ظبي خيري العريدي المشغول مع ملحقيته الثقافية في تنظيم الحفلات والسهرات الغنائية بإسم الوطن والثورة الفلسطينية.


 


وما يدعو للإستغراب والإستهجان ان السفير الفلسطيني في النمسا زهير الوزير أو من ينوب عنه لم يهنىء الطالبة رغم ان الجالية نشرت خبر حصولها على الجائزة في الصحف وسلمته نسخة من الخبر عبر البريد الالكتروني الخاص به , في تهميش متعمد يثير العديد من التساؤلات ويعيد الى الواجهة طرح قضية سفراء فلسطين بالخارج المثيرة للجدل والتي عانت منها الجاليات الفلسطينية وطالبت مرارا بضرورة إعادة تأهيل السلك الدبلوماسي وإعادة النظر في عملية تعيين السفراء على أسس مهنية لا حزبية أو فصائلية..لن نلوم السفير الفلسطيني بالنمسا أو السفير الفلسطيني في أبو ظبي كون الرئيس عباس لم يؤدي واجبه في تكريم أبناءه المتفوقين.


 


كما أعربت الجالية الفلسطينية في النمسا عن إحباطها وسخطها وإستغرابها الشديد من تصرف السفير زهير الوزير السلبي غير المبرر متساءلة عن دوافع رفض السفير حضور حفل تسليم الجائزة أو تكليف من ينوب عنه من طاقم السفارة أو إجراء إتصال هاتفي لتهنئتها خاصة وانه حاصل على درجة الدكتوراه ومحسوب على حملة الشهادات العليا وكذلك أيضا السفير خيري العريدي الحاصل هو الآخر على درجة الدكتوراه..أمر مستغرب هو ان حملة الدكتوراه والشهادات العليا من سفراءنا غير معنيين بالمتفوقين مما يشكك في مصداقية الشهادات العلمية التي حصلوا عليها.


 


لقد استقبل مؤخرا الرئيس عباس فنانين وفنانات وفرق موسيقية ودبيكة وأجرى العديد من الاتصالات مشيدا بآدائهم وحثهم على المزيد من "العطاء الفني" وحلت فرقة العاشقين وأبطال برنامج "وطن ع وتر" مرات عدة  في ضيافته في حين ان الإنجاز الذي حققته المبدعة رنا لم يكن محل ترحيب أو إهتمام من سيادته الامر الذي يطرح العديد من التساؤلات عن الاسباب التي دفعت الرئيس الى تجاهل تكريم المبدعة رنا حتى لو بإجراء إتصال للتهنئة وتشجيعها على المضي قدما في طريقها العلمي المميز وحثها على تحقيق المزيد من العطاء العلمي.


 


فوز الطالبة رنا قديح في هذه الجائزة العلمية لايمكن حصره في نطاق التفوق بالجانب العلمي فقط ولكن هو إثبات أمام العالم أجمع أن الشعب الفلسطيني حاضر وبقوة في الميادين كافة وقادر على صنع الانجازات ويدحض في نفس الوقت الاكاذيب التي تروجها اسرائيل والصورة المشوهه التي تقدمها للعالم على ان الشعب الفلسطيني شعب جاهل ولايستحق الدولة حيث قدمت رنا صورة مشرفة عن شعبنا أمام المؤسسات الدولية.


 


لم ينجح الرئيس عباس في نزع إعتراف دولي بالدولة الفلسطينية سياسيا رغم جهوده الحثيثة منذ توليه سدة ومقاليد الحكم وباءت جميع التحركات السياسية مع الدول الكبرى بالفشل في التوصل الى تسوية سلمية تقوم على أساس دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف بينما نجحت الطالبة رنا قديح بتفوقها وذكائها المنقطع النظير وبالمثابرة في الحصول على إعتراف دولي في المجال العلمي وهو إعتراف لايقل أهمية عن الاعتراف بفلسطين في أروقة الامم المتحدة بل هو بمثابة إعتراف دولي رسمي بالفلسطينيين.


 


نتساءل عن ما إذا كان أصول رنا قديح الغزاوية سببا لتجاهل الرئيس عباس وسفيره في النمسا وأبو ظبي تكريمها وان ذلك يدخل ضمن مهام رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية كون الطالبة من غزة أو أننا في إنتظار رئيس وزراء جديد يتمتع بصلاحيات في غزة والضفة!!! ويكرم المبدعة رنا!! أو ان عدم إنتماءها لحركة فتح هو السبب وبالتالي فإن عليها الإسراع فورا في الالتحاق بحركة فتح حتى يتسنى لها التكريم من قبل الرئيس عباس!!!.


 


أتقدم بعميق الشكر والتقدير الى مقام سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حفظه الله ورعاه على إحتضان سموه الكريم للمبدعين من الجالية الفلسطينية وإتاحة الفرصة أمام المتفوقين للإبداع وتهيئة المناخ المناسب من خلال دعمهم بكل الوسائل العلمية والتقنية اللازمة بما يمكنهم من الوصول الى أعلى درجات ومستويات التعليم.


 


وكل الشكر أيضا الى  إتحاد المهندسين الفلسطينيين في أوروبا على مبادرته القيمة التي تستحق كل التقدير في إقامة حفل تكريم المبدعة رنا الأمر الذي  يعكس الوطنية التي يتحلى بها ويؤكد حرص الاتحاد على دعم المبدعين من أبناء الوطن والشكر موصول أيضا الى الجالية الفلسطينية في النمسا التي أبدت الحرص والاهتمام على أبناء الوطن.


 


لم أتناول هذا الموضوع من منطلق معرفة مسبقة أو شخصية بالمبدعة رنا قديح التي عرفتها من الصحف ووسائل الإعلام من خلال نشر خبر فوزها بالجائزة ولكنني بالتأكيد أفخر وأعتز بالتعرف على أخـت فلسطينية مميزة إعتلت شموخ العلم والإبداع وأبت إلا أن تكون في القمة وفي ركب التطور والعلم مقدمة نموذجا يحتذى به في التفوق...أتمنى للأخت رنا المزيد من أطراد التقدم وتحقيق ماتصبوا اليه في المجال العلمي داعيا الله عز وجل ان يوفقها دوما.


 


جدير بالذكر انه واستناداً إلى صناعة الكابلات كدراسة حالة، تركز أطروحة الطالبة رنا نعيم قديح على توفير حلين مبتكرين لخفض الفاقد المهمل من مادة البولي إيثيلين منخفض الكثافة، والذي يشكل أكثر من 80% من النفايات البلاستيكية المهملة على مستوى العالم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت