الجوهرة الأولى في خان يونس هي مبنى العيادة التي أنشأتها وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والتي تتلألأ ضياءً في منتصف شارع البحر سابقاً، شارع الشهيد "أحمد ياسين" حالياًً. إن المبنى عبارة عن جوهرة معمارية وإنسانية وسياسية.
فهو جوهرة معمارية تم إنشاؤها من حساب اللاجئين الفلسطينيين بتكلفة مالية مقدارها مليون وسبعمائة ألف دولار أمريكي، والمبنى يحاكي في تصميمه أرقى أماكن الاستشفاء في العالم، وهو تحفة فنية تريح النظر، وتشرح الصدر، وتطمئن الروح مع الاستعداد لتجهيز المبنى بأكثر من مليون دولار بمعدات طبية.
وهو جوهرة إنسانية تقدم الخدمات الطبية والدواء لأكثر من مئة وثلاثين ألف لاجئ فلسطيني يقيمون في مخيم خان يونس وضواحيها، وهم بحاجة للمراجعة، ومقابلة الطبيب، وتسلم الدواء، ولهم الحق في الدخول والخروج إلى مبنى العيادة بحرية، ولسيارات الإسعاف الحق في المرور دون إعاقة.
وعيادة اللاجئين جوهرة سياسية تحكي للزائر والعابر والفقير والقادر تاريخ قضية اللاجئين الفلسطينيين التي بدأت سنة 1948 بمجموعة من الخيام أقام فيها جوعاً وعطشاً وبرداً ورعباً الشيوخ والأطفال والنساء الذين اغتصبت المنظمات اليهودية أرضهم، وطردتهم لاجئين، كبروا، وظلوا يحلمون بالعودة إلى بلادهم رغم تطور الخيمة إلى مبنى من الإسمنت المسلح، وتطور العيادة الصحية المتنقلة في الخيام حتى صارت هذا المبنى الجميل الفاخر.
إن الأهمية السياسية والإنسانية والفنية لمبنى عيادة وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين، ليفرض على كل الجهات المسئولة إلا تتقاعس عن الاحتفاظ بواجهة المكان نظيفة من أي اعتداء، وخالية من أي احتلال لأكشاك الباعة المتجولين، ولا يصير أن تتراخى بلدية خان يونس، أو أن يضعف جهاز الشرطة أمام إلحاح عدد من أصحاب الأكشاك الذين يتحفزون للانقضاض على المكان مجرد افتتاح مبنى العيادة.
لقد أجرت بلدية خان يونس واجهة مبنى العيادة فيما مضى لأصحاب الأكشاك تحت ضغط الظروف المادية والأمنية التي عانت منها البلدية، ولكن الوضع الأمني والمالي للبلدية في هذه الأيام يمكنها من فرض القانون والنظام، وعدم الإصغاء لصرخات من سيقول: اتركوهم، لا تقطعوا أرزاق الناس!. إن هذا الكلام غير صحيح بدليل ارتزاق الباعة طوال العام الماضي بعيداً عن العيادة التي كانت تحت الإنشاء.
أما من يسعى لكي يرضي أصحاب الأكشاك، ويحض على غض الطرف عن اعتدائهم على واجهة مبنى العيادة، فإنني أقول له: إنك بذلك سترضي عشرين بائعاً ولكنك ستثير حنق وغضب ربع مليون مواطن في محافظة خان يونس من حقهم المرور الآمن والسلس من وسط المدينة حتى شاطئ البحر.
الجوهرة الثانية: عامل النظافة الذي يمد يده الإنسانية ـ تمام الساعة السادسة صباحاًـ إلى أكياس الزبالة المرتجفة تحت المطر، يجمعها والناس نيام، هذه الجوهرة الإنسانية تحتاج إلى مكافأة مالية نظير عمله المتميز طوال أيام المنخفض الجوي، إنه العمل الذي يعبق بالوفاء رغم زخ المطر ولفح الريح، ورائحة أكياس الزبالة المحشوة بالنتانة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت