"لا أعرف خضر عدنان، السجين الفلسطيني المضرب عن الطعام منذ 65 يوماً عمره 33 عاماً، من سكان بلدة عرابة قضاء جنين، ويصفه جهاز الأمن العام- شاباك- الذي اعتقله إدارياً قبل أكثر من شهرين بأنه من كبار قادة حركة "الجهاد الإسلامي" في الضفة الغربية، وكان قد اعتقل في الماضي إدارياً وأمضى عدة محكوميات في السجون الإسرائيلية بتهم أمنية متعددة".
هذا ما قاله البروفسور يوئيل دونحين وهو طبيب إسرائيلي كبير وعضو في "منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان" - فرع إسرائيل، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية في عددها الصادر يوم الاثنين 20 فبراير/شباط الجاري حول قضية الأسير الفلسطيني خضر عدنان تحت عنوان (إضراب السجين خضر عدنان عن الطعام حقق انتصاراً ).
ويضيف دونحين :" ولا أعرف أيضاً ما هي التهم الموجهة إليه. كذلك فإن عدنان نفسه ومحاميه لا يعرفون أيضاً ما هي تهمته، ربما كان القاضي العسكري المطلع - الذي قال "إذا كان السجين خضر عدنان يريد الامتناع من تناول الطعام فهذا حقه" - هو الذي يعرف فقط ما هي تهمة عدنان.
ويتابع "فقط قبل عدة أيام، وفي إثر مطالبة المسؤولين عن اعتقال السجين ولفت انتباههم إلى ضرورة مراعاة القوانين التي تحظر تكبيل مريض بالقيود وهو راقد على سرير المستشفى، أزيلت القيود التي كبل بها السجين المضرب عن الطعام".
ويتساءل الطبيب الإسرائيلي دونحين في مقاله" لكن إذا كان من حق السجين، كما يقول القاضي العسكري، عدم تناول الطعام، فما الذي يجب أن يفعله أطباء المستشفى وهم يشاهدون إنسانا يوشك على الموت أمام أنظارهم؟ ".
ويرد بسؤال آخر قائلاً:"هل يجوز لهم مجاراة رأي هذا القاضي بشأن ترك إنسان يموت إذا ما كان "راغباً" في ذلك؟ " مضيفاً "وحتى إذا كانت هناك ضد عدنان اتهامات علنية وصحيحة وخطرة، وأنه كان "قنبلة موقوتة" لدى اعتقاله، فإن دولة قوية مثل إسرائيل، تهدد إيران وتتحدى دول أوروبا، تملك من دون أدنى شك وسائل كافية لحماية أمنها إزاء سجين عنيد بمفرده، حتى لو كان من أخطر المجرمين".
ويؤكد على أن ما يطالب الأسير عدنان به لا يختلف عما يطالب به أي "سجين أو معتقل" آخر وهو:معرفة أسباب اعتقاله، وما هي التهمة المنسوبة إليه..؟ مشيراً بالقول"حتى في عهد النظام السوفياتي الرهيب، الذي زج بآلاف الأطباء اليهود وأعضاء الحزب الشيوعي المخلصين في السجون، كان المعتقلون يتسلمون "لوائح اتهام" وإن كانت عديمة الأساس، وبالتالي تمت المحافظة على القانون ولو ظاهرياً".
ويزيد البروفسور يوئيل دونحين قائلاً إن "خضر عدنان يدنو من الموت في دولة تسمي نفسها يهودية وديمقراطية، ويوجد فيها قضاة ومجلس تشريعي، وكل طواحين العدل فيها تعمل حسب الأصول والقانون".
ويلفت إلى أن الأسير عدنان قد تنقل طوال الأسبوع ونصف الأسبوع الفائتين بين خمس مؤسسات طبية وهو مقيد إلى السرير، ولم يحظى بعيادة طبيب لا يخدم كطبيب- "سجان" إلاّ بعد نضال واحتجاج.
ويقول دونحين في مقاله إن"الإضراب عن الطعام هو آخر سلاح في يد من جردوا من كل وسائل الاحتجاج الأخرى، وحرب الاستهتار بالمضرب عن الطعام لا بد من أن تنتهي بانتصار المضرب، حتى وإن كان ينهي حياته بهذا الانتصار، بينما يحيط به سجانون مسلحون وهو على فراش الموت".
ويعتبر أن"الموت هنا على سرير المستشفى، يبدو أشبه بالحادث الذي أقدم فيه ذلك المواطن التونسي محمد البوعزيزي على إحراق نفسه بسكب مادة مشتعلة على جسده". ويستدرك قائلاً:"غير أن ما يقلقني، أكثر من لائحة الاتهام التي لا نعرف شيئاً عنها، هو أن المسؤولين عن الأمن لدينا يتلهون بأعواد الثقاب بالقرب من صهريج وقود".
ويخاطب دونحين أطباء المستشفى الذين يقفون أمام الأسير عدنان ولا يعرفون مثله ما هي تهمته، بأن "من واجبهم، بحكم مهنتهم، العمل على إنقاذ حياته، فتلك هي وظيفة الطبيب خلافاً لوظيفة القاضي الذي يحرس القانون". مضيفا "وفي هذه الحالة، فإن إنقاذ حياة خضر عدنان غير مرهون بطب جيد، وإنما بمطلب اجتماعي- سياسي: مطلب إطلاق سراحه".
ويختم الحديث في مقاله :"لو كنت أنا الطبيب الذي يعالج عدنان لكنت توجهت إليه طالبا منه العودة إلى تناول الطعام، وبذلك ينقذ حياته، فإضرابه عن الطعام حقق انتصاراً. فضلاً عن ذلك أرى من واجبي أن أدعو السلطات المسؤولة إلى إطلاق سراحه من الاعتقال الإداري فوراً".