نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية عن مصادر فلسطينية مطلعة قولها إن اجتماع قيادة حماس أول من أمس في القاهرة كان حادا وعاصفا، وشهد نقاشات متوترة تركزت في معظمها على "تفرد" رئيس المكتب السياسي خالد مشعل بالقرار، في اتفاق الدوحة الأخير.
وبحسب المصادر فإن الاجتماع الذي حضره أعضاء المكتب السياسي، وقياديون في حماس من الداخل والخارج، ومن خارج المكتب السياسي، ومن بينهم إسماعيل هنية، رئيس الحكومة بغزة، وآخرون، كان أكثر من عاصف، وحادا معظم الوقت.
وقالت المصادر إن معارضي الاتفاق شنوا هجوما على مشعل بسبب قبوله بالاتفاق قبل أن يعود إلى قيادات ومجالس الحركة، متهمين إياه "بالتفرد" في قرار حماس. وشرح مشعل لمعارضيه لماذا قبل اتفاق الدوحة بصيغته الحالية، قائلا لهم إنه اتفاق يصب في مصلحة حماس.حسب الصحيفة.
وأكد مشعل أن الاتفاق يتضمن تعهدات قطرية بإعادة إعمار غزة وفتح خطوط مع الولايات المتحدة ودول أوروبية، ورفع الحصار عن القطاع، وتأمين الدعم المالي وعد قطعه، وعدم الاعتراض على فوز حماس مرة أخرى في الانتخابات، وعدم محاصرتها كما تم في المرة الأولى. كما تحدث مشعل عن تعهدات بممارسة ضغوط دولية على إسرائيل لمنع أي تصعيد في قطاع غزة.
ووفقا للصحيفة أقنع حديث مشعل البعض ولم يقنع آخرين تحفظوا بشكل كبير على رئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للحكومة الانتقالية، معتبرين ذلك إقرارا بفشل حماس وعدم قدرتها على قيادة الفلسطينيين وتسليم أمرها لأبو مازن. ولم ينه الاجتماع الخلافات داخل حماس حول هذه النقطة، وفق ما قالت المصادر، غير أنه تم الاتفاق على وقف أي أحاديث إعلامية حول الخلافات والظهور بمظهر الحركة الواحدة الملتزمة بالقرار السياسي.
ورغم أنه ليس معروفا إلى أي حد سيلتزم معارضو الاتفاق وبينهم أعضاء مكتب سياسي في الخارج والداخل باتفاق الدوحة، فقد بدأت تظهر عقبات حقيقية لا يمكن الاستهانة بها في طريق تطبيق الاتفاق، تتمثل في قانونية تولي الرئيس الفلسطيني رئاسة الحكومة، وما هو برنامجها السياسي أن وجد، ومتى تجرى الانتخابات العامة.
ويقول أبو مازن إن الحكومة المقبلة ستكون ملتزمة بتعهدات منظمة التحرير الفلسطينية والاتفاقات التي وقعتها، وإن برنامجها السياسي سيكون مستمدا من برنامجه. وردت حماس بالرفض، وقال إسماعيل رضوان، أحد ناطقي الحركة الملتزمين بالاتفاق، إن الحكومة الفلسطينية المقبلة لا تحمل أي برامج، وليست لها علاقة بالبرنامج السياسي للرئيس عباس.
كما يريد أبو مازن إجراء الانتخابات العامة في أسرع وقت، ويربط الرجل بين مسألة تشكيل حكومة التوافق الوطني الانتقالية، والاتفاق مع حماس على موعد دقيق لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، واتخاذ خطوات عملية في قطاع غزة في هذا السياق.
وكان أبو مازن قد لمح هذا الأسبوع إلى أعضاء المجلس الثوري لحركة فتح بالأمر، قائلا إنه "يجب تحديد موعد للانتخابات حتى تتشكل الحكومة التي ستشرف عليها".
وردت حماس بالرفض أيضا، وخرج أحد أبرز قادتها الملتزمين بالاتفاق، وهو عضو المكتب السياسي خليل الحية، ليقول إن "الأجواء غير مهيأة الآن لإجراء الانتخابات ولن تتم".
وجدير بالذكر أن لجنة الانتخابات المركزية لم تباشر حتى الآن عملها في قطاع غزة، وقد أعلنت أنه لا يكن إجراء انتخابات من دون تحديث سجل الناخبين في غزة، وهو ما يحتاج إلى ستة أسابيع عمل في غزة قبل أن يصدر مرسوم رئاسي بتحديد موعد للانتخابات بعد 3 شهور على الأقل حسب القانون.
أما المسألة الثالثة التي تقف عقبة في طريق تنفيذ الاتفاق فهي مسألة تولي أبو مازن رئاسة الحكومة، وحتى الموافقون في حماس على ذلك يشترطون الرجوع إلى المجلس التشريعي وأخذ الموافقة منه بعد تعديل القانون وحلف اليمين، وترفض فتح ذلك وتقول إنها لن تعرض الأمر على المجلس التشريعي باعتبار الرئيس أقسم اليمين عندما تولى مهمة الرئاسة ولن يعيد ذلك مرة أخرى.
وتكمن المشكلة الرئيسية في هذه الخلافات داخل حماس وبينها وبين فتح في أن غزة التي تتركز فيها المعارضة تشكل ثقل حماس البشري والعسكري ومفتاح إنهاء الانقسام؛ إذ تتطلب أي إجراءات حقيقية وعملية تعاون حماس المطلق والصادق في غزة.
ولم يبدأ أبو مازن بعد مشاورات تشكيل الحكومة، ويفترض أنه ناقش هذا الأمر، أمس، إضافة إلى موعد الانتخابات مع مشعل، واليوم في اجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يضم أعضاء لجنتها التنفيذية إضافة إلى الأمناء العامين للفصائل بما فيها حماس وحركة الجهاد الإسلامي.