في القدس نطق الحجر/محمد فايز الإفرنجي

بقلم: محمد فايز الإفرنجي

من جديد يعود الاحتلال لشن حملاته المسعورة في القدس والضفة وكل فلسطين، لا يأبه لأهلها ولا أبناء العروبة والإسلام، فهو يدرك  أنهم في سبات عميق، وفي نوم مخجل سمح له أن يعبث بكل ما هو فلسطيني وإسلامي ليطمس معالمه؛ لتغيب عن أجيال قادمة مشاهد توارثتها الأجيال جيلًا بعد جيل.


 


سكة حديدية تربط كل مستوطنات الضفة المحتلة والقدس، تلتف حول قدسنا وفلسطين بمئات الكيلو مترات، شبكة مواصلات حديثة تقول للعقلاء ما بقيت لكم آثار دولة مرجوة حتى وإن تنازلتم عن كل فلسطين وطالبتم بالسماح أن تكون لكم بعض الأحياء وأبنية متناثرة تسمونها وزارات لدولة فلسطين، ما عاد الاحتلال يصغي لتنازلاتكم وآرائكم, فقد أصبحتم بيده كلعبة تحركها الخيوط, و بيديه يحرك فيكم ما يشاء وبلسانه ينطق البعض بما يشاء!!!


 


ولا زلتم تفاوضون، وفي مفاوضته تستجدون فتات دولة ما بقي لحياتها أثر إلا في عقول البعض منكم، الغافلين عما يدور من المستنفذين المستفيدين مما يجري، الذين لا تعني لهم فلسطين سوى بئر نفط منه يستخرجون الذهب ليجنوا أرباحهم الخاصة، فلا تعنيهم فلسطين ولا قدسها ولا شعبها بشيء.


 


أقصى يحتضر ويدنس كل يوم بآثار المستوطنين وجنود الاحتلال تحميهم، أقصى يتزاوره المحتل وكأنه قادم إليه؛ ليقول له ما تبقى لصمودك من وقت طويل فقريبًا ستزول وينبت بدلًا منك هيكلنا الذي نؤمن به، فنحن نؤمن به وإن كان كذبًا وخداعًا عازمون إليه والى إقامته, بينما أهلك أيها الأقصى تخلوا عنك رغم أنك في كتابهم مبارك ومذكور وعلى لسان رسولهم لم تنقطع عنك الأحاديث، ورغم ذلك تناسوك أيها الأقصى، ونحن اليوم سننسيهم حتى معالمك لتبقى خالدًا في صور تزين بيوتهم إلى أن تزول حتى من ذاكرة أبنائهم، هذا ما نخطط له يا أقصى وأهلك عنا غافلون.


 


قدس الأقداس ومسجدها الأقصى محيطها المبارك من سبع سماوات، كنائسها مساجدها حرمها آثارها مقدساتها جميعها تأن جريحة تحت سياط الاحتلال فما عاد للقدس من عمر ولا صلاح.


 


بالقدس فقط ينطق الحجر جهرًا وينادي كفى ذلًا وهوانًا أيها العرب أيها المسلمون فما عادت حجارتي تقوى على الصمود أكثر في وجه الطغيان، وما عادت أساساتي تحتمل حفر الأنفاق من تحتي كالوديان تتشعب وتتصل وتنفصل كمدينة أنفاق، تحت جذوري تمتد وتمتد تقطع صخوري ويدنس المحتل أساساتي ووجودي، وأنتم أبناء أمتي العربية والإسلامية لازلتم كما أنتم غافلون أو محتجون مستنكرون تشجبون ولا حراك فيكم كجذع نخلة خاوية لا نسمع منها سوى صرير، غابت شمس أمجادكم وطال ليلكم بسواده الحالك على أيامكم فما عاد للصبح من متنفس لديكم، قبلتم العيش وأقصاكم أسير، وهانت عليكم دماء القدس تنزف فلا حراك فيكم ولا نخوة المعتصم تزعزع نومكم الطويل فتوقظ فيكم روح النصرة.


 


يا قدس الأقداس اصرخي وادمعي فما عاد فينا عمر ولا صلاح وبات أبنائك يشغلهم وهن الدنيا ورغد العيش ومتعته، وناموا ليلهم الطويل قائلين إن "للقدس ربًا يحميها"، فما عاد لديهم جهاد يحرك أحاسيسهم، وما عاد الأقصى يشغل بالهم وباتت مشاعرهم محفوظة ومعلبة بل مجمدة لا طائل من أن تذوب عنها ثلوج الدنيا وملهاتها، ويستيقظ بني جلدتنا من ثباتهم ليقفوا وقفة رجل في وجه الطغيان ليزيلوا عن الأقصى دمعته ويفكوا أسره فقد طال غيابه عنا وغيابنا عنه وما نطقنا حينما نطق بالقدس الحجر.


 


"إن القدس تهود" نطقنا بها ملايين المرات، إن القدس تضيع تباع تختفي وتهدم، تحفر أسفلها الأنفاق، تعرض للهدم للدمار للفناء فما من مجير، أبنائها لا يستطيعون الصمود طويلًا وهم بالأقصى يرابطون وبأرواحهم بدمائهم يدافعون، وأنتم أبناء أمتنا بعيونكم ترقبون.


 


ما المحرك لمشاعركم بالله عليكم؟ كيف يمكن أن نحرك فيكم النخوة كيف يمكننا أن نخرج من بين خلجاتكم المارد العربي والإسلامي الذي طالما حلمنا به وبعودته. أهو حقيقة أم خيال؟ أهو واقع أم مجرد حديث نسكن به آلام هزائمنا المتتالية وفشلنا في تحرير مقدساتنا؟ إلى متى سنبقى ننتظر إلى أن ينطق بالقدس الحجر ، ونحن ننظر بعيوننا وأفواهنا ملجمة وأيدينا مكبلة عن نصرة أقصانا؟


 


ما عاد من وقت ننتظر به معجزة من السماء تحرر أقصانا ونحن عنه غافلون ما عاد لنا رجاء من مجلس أمن وأمم متحدة ومؤسسات حقوقية ومجتمع دولي ينصفنا فيحرر لنا أقصانا من دنس محتل هو وليد لتلك المسميات هو حامي الحمى لهذا الاحتلال ومن خلال هذا المجتمع الدولي يزداد بطشه لنا, فكل جرائمه مبررة لديهم وكل وحشية هي دفاعا عن نفسه ووجوده وما علينا إلا أن نستمر معه بالتفاوض علنا نتلقى بعض الفتات فيلهينا عن فلسطين وعن القدس والأقصى فلربما يبنوا لنا أجمل من الأقصى بصحراء سيناء أو في حي سلوان برام الله وسيكون هذا أفضل ما يقدمون لنا ولازال يلهث البعض خلف سرابهم .


 


بالقدس سينطق الحجر لا مؤتمر, القدس لن يحررها سوى أمثال عمر لا مفاوضات سلام مزعوم ولا مؤتمر دولي يجمعنا بالمحتل, القدس لن يحررها سوى أبنائها المخلصين الذين يقدمون أرواحهم رخيصة على مذبح الحرية غير آبهين بأثمان يقدمونها ولا بأرواحهم وهي تنزف دفاعًا عن قدس وأقصى عن فلسطين عن الضفة وغزة عن بيت لحم عن جنين عن حيفا و يافا وجبل الكرمل فكلها فلسطين ونحن لا نفرق بين فلسطين وفلسطين فهل وصلتكم رسالتنا التي يخرج صداها من فلسطين؟!!


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت